في (معجم الكائنات الخرافية في تراث المملكة العربية السعودية)، الصادر حديثاً عن دار أهوى للنشر، وثّق الزميل الكاتب بداح بن فهد السبيعي أسماء وملامح وحكايات أكثر من 150 كائناً من الكائنات الخرافية العجيبة التي شكّلت جزءاً من ذاكرتنا الشعبية، ورتّب مادة كتابه ترتيباً هجائياً بحسب اسم الكائن. وقد استهل الكتاب بإهداء للأستاذ علي الموسى (المشرف على صفحة الخزامى)، ثم بمقدمة أورد فيها تعريفاً يوضح المقصود بالكائنات الخرافية نقلاً عن الباحث حسين محمد حسين، وذكر فيه أنها «كائنات لا وجود لها في الطبيعة لأن وجودها يفتقد للدليل الفيزيائي، وهي كائنات وصفها من يؤمن بوجودها أو مَن زعم أنه رآها بصفات غريبة، وهذه الكائنات ليست حصراً على ثقافة دون أخرى بل يمكن العثور في جميع الثقافات المعروفة على كائن أسطوري واحد على الأقل، خاص بكل ثقافة». وقد تحدّث الباحث في مقدمة الكتاب عن أهمية موضوعه، وعن أبرز الجهود السابقة في العناية بموضوع الكائنات الخرافية عربياً كجهود الأستاذ شوقي عبد الحكيم، والدكتور عبدالعزيز المسلم، كما سجّل عدداً من الصعوبات التي واجهته أثناء بحثه. كائنات الطفولة من أكثر الكائنات الخرافية، التي رصدها المؤلف، حضوراً في التراث السعودي، ما يمكن وصفها بكائنات الطفولة؛ تلك المرتبطة بالنشأة المبكرة للصغار، وقد ابتكرها خيال الآباء والأمهات إمّا لمنع الطفل من سلوك خاطئ: كالكذب أو الإزعاج أو الخروج في وقت غير مناسب، أو الاحتراز من حدوث ضرر متوقع كسقوط الصغير في البئر في زمن كانت الآبار هي المصدر الرئيس للسُقيا. وغالباً ما تحمل كائنات الطفولة أسماء مركبة تتسم بالطرافة، مثل: مْسدِّد عيونه بالخرق، وأبو سلعامة طويل الهامة، ومصبّغ أذانيه بالدم، والمقرصة الحامية، وعبيد القاعة، وحمارة القايلة، وأم السعف والليف، وعوافي الله، وقعود حايل، والبعبع، وخروف السلّة، والدفيعة، وغيرها. جن وغيلان كما عرض المؤلف ما يتصل بكائنات خرافية ذاع صيتها في أنحاء متفرّقة من السعودية، من أشهرها: (هول الليل) الموصوف بأنه من الجن غير المؤذي، إذ يكتفي باعتراض طريق المسافر ليلاً في هيئة حيوان أو مخلوق عملاق، ليتلاعب به ويبث الرعب في قلبه، ونقل السبيعي أوصاف هذا الكائن وحكاياته العجيبة كما وردت عند عدد من الباحثين ومدوني الفولكلور، من بينهم: الأديب أحمد قنديل، والمؤرخ عاتق بن غيث البلادي، والأستاذ عبده خال، والأستاذ مفرّج بن فرّاج السيد، والدكتورة هند السديري. ويشابه هول الليل الجني الشهير (أبو فانوس) الذي يُعرف بأسماء عديدة بحسب المنطقة التي شوهد فيها، ومن أسمائه الشائعة: الشيفة، وأبو كشاف، وأبو نويره، وغيرها. و(الدجيرة) أيضاً من أشهر الكائنات التي نشرت الهلع في المناطق الممتدّة ما بين المدينةالمنورة وجدّة، واتفق كثير ممن كتبوا عنها على تجسدها في صورة امرأة تحاول إغواء الضحية قبل امتصاص دمه. ومن أساليبها أنها تطلب المساعدة من الشخص وحين يقترب منها تفتح عباءتها السوداء ثم تحتضنه بجسدها المملوء بالأشواك القاتلة فتمتص دمه وتقضي عليه! إضافة لذلك استعرض الكتاب كائنات من الجن الأشرار أو الأخيار كالرديف، والخافي، والخوي، والخماري، والسحابي، وسحلول، أو المارد العظيم «جمران» الذي سكن قاع الصير في حائل، أو مجموعة من الجن عُرفت في منطقة فيفاء مثل: شعثان، ومحقان، والجنّية شوقه. سعالي وآكلات لحوم البشر وفي الكتاب ذكرٌ للسعالي وآكلات لحوم البشر، مثل: المسّارة، والهامة، والسعلية (تريترة) التي عاشت في شمال السعودية، وكانت تخرج في هيئة امرأة عجوز تستدرج الفتيات لكي تفترسهن. ومنهن أيضاً المرأة المتوحشة (ظلما) التي سكنت في غار في جبل أجا غرب مدينة حائل، وتحدّث عنها الدكتور عيد اليحيى، وعن الغار الذي يُسمى باسمها إلى اليوم، في حلقة من برنامجه (على خطى العرب). كائنات ممسوخة ومشوهة وتضمن المعجم تعريفاً بكائنات خرافية مُشوَّهة أو ممسوخة، منها: (النص) الذي ولد ناقصاً بيد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة وأذن واحدة. و(المنتوف) الكائن المشوَّه صغير الحجم والمولود برأس ليّن يلتم في اليد عند الضغط عليه، ومنها (النمنم) وهو وحش أسود له ذيل قصير وأنياب حادة يهاجم الصغار ويلتهمهم، ومن الكائنات الغريبة (صيد أسعد) وهو شبه بشري نصفه الأعلى إنسان والسفلي خروف. وقد بيّن المؤلف وجود كائنات شبيهة بهذه الكائنات ذُكرت في التراث العربي، وربما استقى الراوي الشعبي أوصافها من تلك الكائنات. كائنات مائية وأورد الباحث أسماء كائنات خرافية اعتقد العامة أنها عاشت في البحار والآبار والعيون، منها: (أبو امغوي) الكائن المائي الأحمر المتوحش الذي سكن في خور عُرف باسمه يقع بين جزيرة تاروت والقطيف، و(جنية عين مرجان) في الأحساء، و(شافان) وهو جني اعتقد الناس في منطقة وادي الصفراء وبدر أنه قادرٌ على التحكم في تدفق مياه العيون. كما وثّق كتاب (معجم الكائنات الخرافية في تراث المملكة العربية السعودية) كائنات خرافية عجيبة أخرى وردت في المأثورات والأساطير الشعبية في مناطق ومدن السعودية، كالثعابين والجمادات المتكلمة، وشخصيات جاء ذكرها في كتب الأدب والتراث والتاريخ العربي كعوج بن عنق، والخضر، وخادم الخاتم. عيد اليحيى عبدالعزيز المسلم هند السديري غلاف معجم الكائنات الخرافية