لا يخفى على الجميع أن هناك جدلاً كبيراً يدور حول أداء الحكام المحليين في دوري روشن السعودي، وهذا الجدل بدأ منذ عدة سنوات، نظير تدني مستوى الحكم السعودي وكثرة أخطائه المؤثرة في أغلب إن لم يكن في جميع المباريات. وأدى هذا الشيء إلى السماح للأندية بطلب حكام أجانب مقابل تكفل النادي الراغب في استقطاب الحكام بمصاريف حكام كل مباراة، وكانت تكلفة طاقم المباراة الواحدة لا يتجاوز 150 ألف ريال. لكن منذ الموسم الماضي فاجأت لجنة الحكام في الاتحاد السعودي لكرة القدم، جميع الأندية برفع تكلفة استقطاب الطواقم التحكيمية الأجنبية إلى ما يقارب 450 ألف ريال للمباراة الواحدة!! وهذا القرار، لا يمكن تفسيره إلا أنه خطوة تعجيزية تُضيّق على الأندية وتضعها أمام خيار واحد، وهو القبول بالحكم المحلي مهما كان مستوى الجدل حوله!!. الأكيد أنه من حق الاتحاد السعودي أن يسعى لتطوير الحكم السعودي ودعمه، فهذا هدف وطني لا يختلف عليه اثنان. لكن التطوير لا يتحقق بالإجبار ولا بخلق بيئة من الضغط على الأندية التي تبحث أولاً عن العدالة التنافسية وحماية حقوقها داخل الملعب، حيث تشعر الأندية بأن أخطاء تحكيمية متكررة، ستؤثر على نتائج المباريات وتضر بمسار اتجاه البطولات، لذلك من الطبيعي أن تلجأ الاندية لطلب حكام أجانب بحثاً عن مباراة أكثر حياداً وأقل جدلاً. وبدلاً من أن يضع الاتحاد السعودي عراقيل مالية أمام الأندية، كان من الأجدر أن يُوجِّه جهوده نحو رفع كفاءة الحكم المحلي، عبر برامج تدريبية متقدمة، وتقييم صارم، ومحاسبة شفافة، ودعم تقني أكبر، فالكرة السعودية أصبحت في واجهة المشهد الرياضي إقليمياً وقارياً، ولا يمكن أن تبقى رهينة اجتهادات تحكيمية تهدد نزاهة المنافسة وتُفقد الجماهير ثقتها. بقي أن نشير إلى أن قرار مضاعفة تكاليف الحكم الأجنبي إلى ثلاثة أضعاف، يوحي بأن الاتحاد السعودي يسعى لفرض الحكم المحلي لا لتطويره، وأنه يُفضِّل معالجة المشكلة من أطرافها لا من جذورها، إن الأندية ليست خصماً للاتحاد، بل شريكاً أساسياً في تطوير اللعبة، وماتطالب به ليس أكثر من مباريات نظيفة تُحسم داخل الملعب لا بخطأ صفارة. ختاماً: هناك مسؤولية على عاتق الاتحاد السعودي لكرة القدم، بأن يتخلى عن المكابرة، وأن يضع أولويته هي: ضمان خلو المباريات من الأخطاء المؤثرة، سواء بحكم محلي متطور أو أجنبي عادل، فالمنافسة النزيهة هي الركيزة التي تُبنى عليها كرة قدم محترفة، وما عدا ذلك هي تفاصيل يمكن إصلاحها، إذا توفرت النية الصادقة.