يعتبر الابتعاث الخارجي في المملكة العربية السعودية أحد أهم التوجهات التعليمية التي ترتقي بجودة المخرجات المتنوعة للتعليم العالي ويوثق العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي تستقبل الطلبة والطالبات السعوديين الذين يعتبرون بمثابة الجسر الإنساني المتناغم بأكثر من لغة وأكثر من شعور بيننا وبين الشعوب الأخرى لأن رحلة الابتعاث بدرجاتها العلمية أكثر من مجرد رحلة لاكتشاف العلوم فهي رحلة تتطور وتأخذ أكثر من مسار ثقافي وتساهم في تعزيز روح التفاهم والتعاون وتساعد في نقل الخبرات وتبادل الآراء والأفكار وسبل المعرفة. التواصل بين المبتعثين السعوديين وزملائهم الأميركيين والجنسيات الأخرى ساهم في إزالة الصورة الضبابية عن المجتمع السعودي ونقل صورة مشرفة وحضارية تبرز قيمة المملكة الأصيلة المبنية على التسامح والاحترام والمبتعثين، بهذه المسؤولية الكبيرة أصبحوا سفراء حقيقيين يتنقلون بين العالم بهدف العلم وبرسالة العطاء والتسامح ومواقف الشهامة التي تجعل المبتعث يقف أحياناً وجهاً لوجه أمام تلك المواقف الإنسانية والتي كانت البطولة فيها دائماً تؤرخ باسم مبتعث سعودي «بطل» تسرد في اليوم التالي قصته بالصفحة الأولى في بعض الصحف، وهذا يعني أن الابتعاث لم يكن يوماً مجرد وسيلة للحصول على الشهادات العلمية لأن هذه التجربة أثمرت عن نتائج مذهلة جعلت من هذا الطريق العلمي هدفاً من أجل الوصول للمعنى الحقيقي للتطور والازدهار لوطن يسعى دائماً لتقديم الأجمل وجعل المبتعث السعودي وتفاصيل تجربته قصة ملهمة. وتصنف جامعات الولاياتالمتحدة الأميركية بأنها من أهم وأبرز التوجهات التعلمية على مستوى جامعات العالم نظرا للمكانة المرموقة والعريقة لجامعاتها، والمملكة تعتبر الجامعات الأميركية ذات صيت عالي نظراً لما تحققه من إنجازات في مجالات البحث العلمي ولذلك تم إرسال عدد كبير من المبتعثين من الجنسين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- للابتعاث الخارجي والذي تطور ضمن مبادرات الرؤية 2030 ليصبح الابتعاث الأكثر تخصصاً باحتياجات سوق العمل السعودي وذلك في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان والذي يعد من أكبر البرامج التعليمية في العالم لاكتساب العلوم المتجددة في الكثير من التخصصات والتي تعتبر أيضاً من متطلبات تحقيق الرؤية 2030 ولدعم برامج التنمية الوطنية وعقد صفقات بحثية علمية تشتمل على تبادل الخبرات في مجال الذكاء الاصطناعي ودعم الابتكار وتطوير برامج التدريب، بالإضافة إلى أن الابتعاث الخارجي يمكن وصفه بالاستثمار الحقيقي في الإنسان السعودي الذي ستثمر نتائجه على المدى البعيد وهو محور رئيسي في رؤية المملكة خاصة وأن هذه الرؤية تحرص على تمكين المرأة وفتحت أمامها برامج الابتعاث في مجالات الطب والهندسة والقانون وتهدف إلى تمكين المبتعثين من الجنسين من مواكبة تطور البرامج التعليمية والتي ترتبط ارتباطاً مباشراً باحتياجات سوق العمل بالإضافة إلى حدوث نقلة نوعية في مستويات التعليم العالي داخل المملكة بعد عودة المبتعثين الذين ساهموا في تطوير المناهج التعليمية والبرامج البحثية داخل الجامعات السعودية مما رفع من جودة التعليم الوطني لأن المبتعث السعودي يسافر من أجل رحلة العلم بجسده وأحلامه وقلبه وعقله يخططان لتفاصيل رحلة عودة لرد العطاء الجميل بعطاء أجمل للوطن. يمكننا وصف الابتعاث الخارجي بالقوة الناعمة داخل قالب القوة الدبلوماسية للمملكة في هذا الإطار الذي يشكله المبتعثون لأنهم سفراء للعلم والثقافة وينقلون للعالم صورة المملكة المعتزة بقيمتها المعطاءة في حضورها الواثقة بنفسها في جميع قراراتها لأن القوة الناعمة تعني جاذبية القدرة على التأثير دون الحاجة إلى الإكراه. والجامعات بمساحاتها وتخصصاتها تعتبر أهم الأماكن لبناء القوة وإظهارها والمملكة دائماً حاضرة من خلال الأبحاث العلمية ونتائجها المذهلة في مجالات عديدة مما ينعكس بشكل إيجابي على مدى اهتمام المملكة بالعلم والثقة العالية بالتعليم السعودي والذي يعزز حضورها عالمياً.