منذ دخول تقنية "الفار" إلى ملاعبنا في الدوري السعودي، ظنّ الجميع أن زمن الجدل التحكيمي قد انتهى، وأن العدالة ستعود إلى المستطيل الأخضر بعيون الكاميرات وزواياها الدقيقة، لكن الواقع أثبت أن التقنية وحدها لا تكفي، فالعامل البشري ما زال هو الحلقة الأضعف في هذه المنظومة. المشكلة لم تعد في وجود "الفار" من عدمه، بل في كيفية استخدامه، في كل جولة تقريبًا نشاهد حالات مثيرة للجدل، إما لقطات لم تُعرض على حكم الساحة، أو زوايا تم تجاهلها عمدًا أو سهوًا، والنتيجة قرارات تغيّر مجرى المباريات وتؤثر على عدالة المنافسة. الغريب أن الجماهير بعد المباريات تنشر مقاطع أوضح من تلك التي تُعرض للحكم، وهذا وحده كفيل بأن يثير التساؤلات حول آلية إدارة غرفة الفار ومن يختار اللقطات التي تُعرض. الفار لا يُخطئ، فهو مجرد آلة تنقل الصورة، لكن الخطأ يحدث عندما يُدار بانتقائية أو بارتباك، وهنا يتحول من أداة عدالة إلى مصدر شك. ولأن كرة القدم قائمة على الثقة، فإن استعادة هذه الثقة تتطلب شفافية أكبر، كأن تُعلن المقاطع الصوتية بين حكم الساحة وغرفة الفار بعد المباريات المهمة، ليعرف الجميع كيف صُنعت القرارات. ختاماً.. ما يحدث اليوم ليس أزمة تقنية، بل أزمة بشرية في إدارة التقنية، لذا ينبغي أن تقوم لجنة الحكام بدورها الصحيح في تكليف الأكفاء لإدارة هذه التقنية ومحاسبة المخطئين منهم.