نظّم مركز الاقتصاديات السيبرانية، الذي تأسس بشراكة بين مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني والمنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، لقاءً دوليًا تناول التحول الإستراتيجي في النظرة العالمية تجاه قطاع الأمن السيبراني، مسلطًا الضوء على دوره المحوري في صناعة التنمية والازدهار للدول. جاء ذلك ضمن فعاليات الأسبوع السيبراني الدولي في سنغافورة، بحضور معالي محافظ الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، رئيس اللجنة التنفيذية لمركز الاقتصاديات السيبرانية المهندس ماجد بن محمد المزيد، وعدد من السفراء والدبلوماسيين، وكبار مسؤولي الحكومات والمنظمات الدولية، وممثلين عن شركات القطاعين الخاص والأكاديمي، والمنظمات غير الربحية، وخبراء الأمن السيبراني والاقتصاد، وبمشاركة شريك مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني الشركة السعودية لتقنية المعلومات (سايت). وفي مستهل اللقاء، أوضح الرئيس التنفيذي لمؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني المهندس عبدالرحمن بن محمد آل حسن أن إنشاء مركز الاقتصاديات السيبرانية بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) ومقره "الرياض"، يأتي امتدادًا لجهود المملكة الرامية إلى جعل الأمن السيبراني ركنًا أصيلًا في تحقيق النمو المستدام والازدهار حول العالم. كما يعكس في الوقت ذاته المكتسبات الإستراتيجية التي حققتها مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني في ترسيخ مكانتها كمنصة دولية رائدة لتناول الموضوعات الحيوية ذات الصلة بمختلف أبعاد الفضاء السيبراني. وفي كلمتها الافتتاحية للقاء، كشفت المدير العام لمركز الاقتصاديات السيبرانية المهندسة آلاء بنت محمد الفاضل أن المركز يعمل على تطوير مؤشرات سيبرانية اقتصادية وبناء نماذج اقتصادية تقدم التحليلات اللازمة لتمكين صُنّاع القرار في الدول والمنظمات من اتخاذ قرارات مستندة إلى تحليلات رصينة ومؤشرات دقيقة، تضمن تعظيم العائد من الاستثمار في الأمن السيبراني على المستويين الجزئي والكلي للاقتصاد. وأضافت الفاضل أن مركز الاقتصاديات السيبرانية قد قطع شوطًا كبيرًا في مرحلة التأسيس منذ إطلاقه مطلع العام الجاري في دافوس، إذ تم الانتهاء من وضع هيكله التنظيمي وأولوياته الإستراتيجية، وتشكيل لجنته التنفيذية التي تضم ممثلين وخبراء دوليين من القطاعات الحكومية والخاصة والمنظمات الدولية والأوساط الأكاديمية. كما أوضحت أن اللجنة التنفيذية للمركز اعتمدت في اجتماعها الأخير المنعقد ضمن المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2025 خلال أكتوبر الماضي خمسة محاور إستراتيجية، صُممت على نحو شمولي لتمثل مجالات تركيز نشاطات المركز في استكشاف آليات تسخير الأمن السيبراني كعامل داعم للنمو والتنافسية العالمية. ويتناول المحور الأول قياس الأثر الاقتصادي للأمن السيبراني عبر تطوير نماذج اقتصادية تُظهر حجم حصة الأمن السيبراني في الاقتصاد العالمي، بينما يركّز المحور الثاني على تحليل وقياس التداعيات المالية والسمعة الناتجة عن الحوادث السيبرانية، بما في ذلك الاستهداف السيبراني لسلاسل الإمداد والجرائم السيبرانية. أما المحور الثالث فيتناول تطوير الكفاءات والقوى العاملة بما يتسق مع متطلبات سوق العمل ويسهم في سد الفجوة العالمية في المهارات السيبرانية، في حين يقوم المحور الرابع على بناء مؤشرات الصمود السيبراني على مستوى القطاعات والصناعات، لتمكين صُنّاع القرار من أدوات قياس عملية. ويُعنى المحور الخامس بتدعيم آليات إدارة المخاطر بنماذج اقتصادية مبنية على التحليل العلمي والمنهجي. عقب ذلك، عُقدت جلسة حوارية بعنوان"ازدهار مستدام: الكلفة الاقتصادية لغياب الأمن السيبراني"، أدارها عضو اللجنة التنفيذية لمركز الاقتصاديات السيبرانية السيد جون ديفتيريوس، بمشاركة نخبة من الخبراء وكبار المسؤولين من مركز الأمن السيبراني السويسري والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) وشركة ماستركارد. وتناولت الجلسة الأهمية المتزايدة لفهم الأثر الاقتصادي لتعزيز الصمود السيبراني، ولا سيما في ظل التحدي القائم أمام صُنّاع القرار في قياس الكلفة الاقتصادية لغياب الأمن السيبراني، الأمر الذي قد يؤدي إلى ثغرات ونقاط ضعف في صنع القرار الإستراتيجي على مستوى الحكومات والمنظمات. وشدّد المتحدثون خلال الجلسة على أهمية تجاوز المفهوم التقليدي للأمن السيبراني بوصفه مجرد وسيلة لتجنّب الخسائر، نحو تبنّي مفهوم أوسع يضمن توظيفه كقاعدة لصناعة التنمية والازدهار الاقتصادي من خلال أدوات قياس قابلة للتطبيق على مستوى الأعمال والقطاعات. وأكدوا أن مركز الاقتصاديات السيبرانية يمثل خطوة جادة نحو الارتقاء بالأمن السيبراني من كونه تحديًا دفاعيًا إلى كونه رافدًا للتنمية والازدهار الاقتصادي. يُذكر أن مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني و المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) كانا قد أعلنا مطلع العام الجاري في دافوس عن إطلاق مركز الاقتصاديات السيبرانية، ومقره "الرياض"، ليكون مركز فكر عالمي يُعنى بدراسة الأبعاد الاقتصادية للأمن السيبراني. ويهدف المركز إلى توفير معلومات موثوقة ودراسات معمقة تمكّن صُنّاع القرار حول العالم من بناء فهم عميق للعلاقة الوثيقة بين الاقتصادات والأمن السيبراني، كما يسهم في صياغة سياسات واستراتيجيات فعّالة تضمن حماية الاقتصاد العالمي وتعزيز الأمن السيبراني على مستوى العالم.