"لا يمكن لمجتمعٍ أن يكون مزدهرًا وسعيدًا حقًّا، إذا كانت الغالبية العظمى من أفراده فقراء وبائسين" آدم سميث. وسط إعادة تشكيل كبرى لمفاهيم النمو والازدهار، يبرز سؤال الثروة: لمن تُبنى، ولأي غاية؟ في هذا السؤال تتجسد روح مبادرة مستقبل الاستثمار (FII9) في نسختها التاسعة، فهي لا تُقدَّم كحدث مالي فحسب، بل كبيان رؤية يعيد تعريف العلاقة بين رأس المال والإنسان. تحت شعار "مفتاح الازدهار: فتح آفاق جديدة للنمو"، تُطل المملكة لتقود حوارًا جديدًا حول معنى الازدهار في عالمٍ يتغير بسرعة ويمتلئ بالمفارقات: تقدّم يُنتج فجوات، وابتكار يُربك الأسواق، وعولمة تتشظى بين الشرق والغرب، حيث تتحول لغة المال إلى لغة الإنسان، ويصبح الاستثمار أكثر من أداة اقتصادية؛ إنه تفكير أخلاقي في مصير العالم. في الرياض، حيث تتقاطع الطموحات العالمية، لا تُقاس المكانة بعدد الصفقات أو حجم الأصول، بل بقدرة العقول على تحويل رأس المال إلى طاقة فكرية تُعيد صياغة معاني الازدهار. لقد غيّرت المبادرة ملامح النقاش الاقتصادي العالمي؛ فلم تعد المنصات المالية تتحدث عن الأرقام وحدها، بل عن القيم التي تصنعها هذه الأرقام، لم تعد النخبة محصورة في من يملكون الثروة، بل في من يفكرون في استخداماتها العادلة والمستدامة، الرياض اليوم لا تحتضن المال بقدر ما تحتضن الحوار؛ حوارًا يتجاوز الاقتصاد إلى الفلسفة، ويتعامل مع الاستثمار بوصفه مسؤولية إنسانية لا سباقًا في الأرباح. في قلب هذا التحول، يقف صندوق الاستثمارات العامة كمثال على تطور مفهوم القوة المالية، فالصندوق لا يكتفي بإدارة رؤوس الأموال، بل يصوغ عبرها منظومة جديدة من التنمية ترتكز على الإبداع، والاستدامة، والمعرفة، هكذا يتحول "العائد" من رقمٍ في الميزانية إلى قيمةٍ فكرية في حياة الناس، ويصبح الاستثمار طريقًا لإعادة التوازن بين السوق والضمير. وفي ختام المشهد، تظهر FII9 لا كحدثٍ اقتصاديٍ موسمي، بل كمنصةٍ عالمية تُعيد تعريف علاقة النخبة بالعالم، إنها النسخة التي تتحدث فيها النخبة بلغة المستقبل، حيث لا يُختزل التقدم في التكنولوجيا وحدها، بل في إدراك أن الإنسان هو رأس المال الأعلى قيمة. هنا، في الرياض، تُكتب فصول جديدة من الاقتصاد الإنساني، ويُعاد رسم ملامح الازدهار على إيقاعٍ أكثر عدالةً واتساعًا للإنسانية جمعاء.