إن المتمعن في رؤية المملكة 2030 التي انطلقت من سنوات قليلة يدرك مدى حجمها، وكذا مدى تأثيرها في المستويين المحلي والعالمي، فقد بات الجميع يدرك أبعادها الاقتصادية والسياحية والتنموية، ناهيك عن مخرجاتها التي تعكس الوجه الحضاري والثقافي والتاريخي للمملكة العربية السعودية، وقد تقدمت بشكل لافت في مجالات هامة مواكبة للتطور العالمي ومنها التقنية الحديثة ورقمنه الجهات المختلفة، سواء كانت حكومية أو جهات خاصة، إلى جانب ما أسهمت به بشكل مباشر في تنمية مستدامة، مع فارق كبير في جودة الحياة، حيث استمرت الرؤية من بواكير فجرها لتعكس مدى التواشج مع الماضي، وتقف بوعي مع جميع ملامحه حتى غدت تشرق بأعوام مستقلة لتكون متداولة كل عام في توجه لافت يعكس مدى الوعي لاستثمار موروثاتنا الشعبية، وهذه الأعوام يتشكل فيها مدى التداول النقدي البيني وإعادة دورته المالية من خلال إحياء فعاليات عالمية يشارك فيها دول خليجية، وهذا ما يجعل الدائرة تتسع لجوانب ثقافية متعددة تسفر عن حالة من الاتساع الثقافي والاقتصادي الذي يشارك فيه زائرو المملكة للتعرف على هذه النشاطات المختلفة التي من شانها أن تزيد المملكة وثوقاً وارتباطاً بهذا العالم من خلال العلاقات دولية وتواصل إنساني خلاق ونبيل؛ فالثقافة السعودية من شانها أن تلهم الآخر بقيمها وعاداتها وتقاليدها المختلفة، التي هي ممتدة على كل ثرى هذا الوطن. إن المملكة تسعى بخطى حثيثة إلى إيصال رسالة حضارية ثقافية لهذا العالم، وخصوصًا أنها تدرك مدى المد العولمي، فحين تهب رياحه قد يؤثر على الأجيال القادمة وهي تهدف الى تقديم معطى ثقافي من خلال حضارة الجزيرة العربية وقلبها النابض والحيوي على مر العصور حيث شكلت المهد الأول للحضارات الإنسانية، وكانت انبثاقًا للمعارف التي شملت كل مناحي الحياة، ولهذا تتضح رغبة سمو سيدي ولي العهد بجلاء أن تستمر هذه الخصوصية وأن ننفتح بوعي راشد من خلال الرؤية على العالم، فالموقع الجغرافي هو صاحب الإرث الديني ورسالات السماء التي أخرجت الناس من الظلمات إلى النور، فهذه هي الحقيقة التاريخية، إذ لا يمكن أن تقدم أي دراسات عن الحضارات السابقة دون الوقوف على هذه البقعة من العالم، ولا يمكن أن يتسامى الإنسان بنفسه دون أن ينهل من مناهل تلك البقاع، واستتباعًا لذلك فإن لهذا البعد الثقافي والحضاري قيمته الإنسانية والحضارية والتاريخية، فقد تقاطر الكثير من المستشرقين من أوائل القرن العشرين للدراسة والبحث والتنقيب عن هذه المفاهيم، وقد اعتنى المستشرق أيما عناية وبأدق التفاصيل، سواء كان ذلك حول جغرافية المكان وبأبعاده المختلفة أو البحث عن خصوصية وحياة الإنسان بأنساقها المتعددة، وذلك في اللباس والأزياء وكل المرئيات البصرية في الحياة اليومية التي تكشف عن حياة الإنسان العربي الأصيل، والمملكة لها إرث تاريخي تعاقب خلال ثلاثة قرون، ومن الأسباب السريعة في اتساع مساحة الرؤية الوطنية في جوانب مختلفة أنها غنية جدًا بملامحها وأهازيجها ورقصاتها وأزيائها وفنونها، مما سوف يساهم في مرحلة إشراق جديدة للجزيرة العربية، يتوارى فيها مظاهر المد العولمي ومظاهر التغريب والامتداد الثقافي المجافي لقيمنا، مما يزيد مساحة المعطى الثقافي لهذا الجزء الحيوي من العالم، ودون أدنى شك أن حالة التمرحل بين الماضي والحاضر سيوفران قاعدة عريضة وأرضية خصبة للانطلاق بعنفوان إلى مستقبل زاهر يحفل بكل معطى ثقافي ننتظره وينتظره هذا العالم.