أصدرت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) عددها الرابع من مجلة الإيسيسكو الثقافية الفصلية الشاملة لشهر أكتوبر 2025، في ختام عامٍ حافل بالعطاء الثقافي والفكري، ومليء بالمبادرات والبرامج التي عززت حضور المنظمة في المشهد الدولي بوصفها منصةً للحوار الحضاري والابتكار الثقافي في العالم الإسلامي. وجاء العدد الجديد متنوعًا في موضوعاته بين الفكر والأدب والتراث والعلم، مستعرضًا منجزات المنظمة خلال العام، ومتضمنًا ملفًا رئيسًا بعنوان "السرديات وسؤال الهوية"، إلى جانب حوارات ومقالات تناولت قضايا نقدية وثقافية معاصرة، ودراسات حول التراث والذكاء الاصطناعي والتعليم والعلوم الإنسانية. في كلمة افتتاحية ضمن العدد، أكد المدير العام للإيسيسكو الدكتور سالم بن محمد المالك أن هذا العام كان "عامًا مشهودًا في مسيرة المنظمة"، حيث واصلت الإيسيسكو خطاها الثابتة في مجالات التربية والثقافة والعلوم والإنسانيات، مركّزة على بناء الإنسان في العالم الإسلامي وتعزيز دوره في النهضة والتنمية. وأشار المالك إلى أن المنظمة نجحت في توسيع علاقاتها مع الدول والثقافات العالمية، وتعزيز الحضور الحضاري للمنظمة عبر مبادرات مشتركة ومشروعات نوعية، لافتًا إلى الإنجازات المتعددة في قطاعاتها المختلفة، ومنها قطاع الثقافة الذي شهد انعقاد مؤتمر وزراء الثقافة في العالم الإسلامي بمدينة جدة برعاية كريمة من سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، مما أكد مكانة المملكة في دعم العمل الثقافي الإسلامي المشترك. كما تطرّق المالك إلى جهود المنظمة في مجالات التعليم، وتمكين المرأة والشباب، والعلوم البيئية والتقنية، وتكريم التراث الإسلامي، مبينًا أن عدد مواقع التراث المسجلة على قائمة الإيسيسكو بلغ 237 موقعًا في دول العالم الإسلامي، إلى جانب حصول مركز الترجمة والنشر على شهادة الآيزو كأول مركز من نوعه في منظمة دولية. وفي محور العدد الرئيس، خصصت المجلة ملفًا موسعًا حول "السرديات وسؤال الهوية" بمشاركة نخبة من المفكرين والنقاد العرب، احتفاءً بالأسبوع العالمي للرواية. وتضمّن الملف دراسات وأوراقًا فكرية من أبرزها: مشاركة د. عبدالله إبراهيم (العراق) الذي قدّم تأملات في مفهوم الهوية السردية والتهجين بين الرواية والسيرة، ود. محمد الداهي (المغرب) حول تحولات الذات في السرد المعاصر، والروائية السعودية أميمة الخميس التي تناولت موضوع "السرد أرض أمومية" في قراءة تأملية للكتابة النسائية، ود. محمود الضبع (مصر) بدراسة حول "هوية السرد في مواجهة السيولة والذكاء الاصطناعي"، كما شاركت الكاتبة العراقية إنعام كجه جي بورقة عن الهجرة وسرد الذاكرة في التجربة الروائية العربية. تضمّن العدد أيضًا حوارًا موسعًا مع الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، الذي شدّد على أهمية إعادة فهم واستيعاب المفاهيم النقدية الحديثة في الأدب العربي، وضرورة مواكبة التحولات الرقمية في خدمة اللغة العربية. وأشار ابن تميم إلى أن مركز أبوظبي للغة العربية يعمل على مشاريع نوعية لتوطيد حضور اللغة العربية في العصر الرقمي، منها الموسوعة الشعرية، ومختبر الذكاء الاصطناعي اللغوي، ومبادرات التحول الرقمي للكتاب الإلكتروني والمسموع، مؤكدًا أن النقد اليوم أصبح "أحد أشكال التفكير الإبداعي". وفي كلمة التحرير، أكدت رئيسة التحرير روضة الحاج أن هذا العدد يمثل ختام العام الرابع من المجلة، وقد استطاعت من خلاله أن تحجز مكانتها في ذاكرة القرّاء والمثقفين كمنبر فكري وأدبي جادّ. وأضافت أن المجلة تسعى إلى تعزيز التفاعل الثقافي بين دول العالم الإسلامي، وتوسيع نطاق المثاقفة والتبادل المعرفي بين أعضائها، لتكون "جسرًا بين الفكر والهوية والحداثة". واختتمت الحاج كلمتها بالتأكيد على أن مجلة الإيسيسكو ستواصل دورها في تسليط الضوء على التجارب الثقافية والفكرية في العالم الإسلامي، ودعم الحوار الحضاري بين الشرق والغرب بما يعكس رسالة المنظمة وقيمها الإنسانية.