توجت المملكة وباكستان علاقتهما التاريخية بتوقيع اتفاقية للدفاع الاستراتيجي، تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري والأمني، وتبادل الخبرات، وتطوير القدرات الدفاعية بما يخدم أمن واستقرار البلدين والمنطقة. تعد هذه الاتفاقية تطوراً تاريخياً في مسار العلاقات العسكرية والأمنية المتنامية بين البلدين منذ ستينيات القرن الماضي، حيث يجمعهما تاريخ طويل من التعاون والتنسيق المشترك، كما أن الوصول إلى هذه الاتفاقية يعكس القدرات والإمكانات العسكرية الكبيرة التي تمتلكها المملكة وباكستان. وتحقق هذه الاتفاقية مكاسب استراتيجية للبلدين، خصوصاً في ظل ما يشهده العالم من مخاطر وتحديات أمنية متصاعدة، الأمر الذي يعزز من قدرتهما على حماية مصالحهما المشتركة، في خطوة لا يقتصر أثرها على البلدين فحسب، بل تمتد لتشمل مستقبل الأمن في المنطقة والعالم، إذ يعزز منظومة الردع الجماعي، ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الدولي القائم على الشراكات الاستراتيجية لمواجهة التحديات المشتركة. وفي ظل الأوضاع الدولية المعقدة، تمثل هذه الخطوة رسالة واضحة بأن التنسيق العسكري الفعّال بين القوى الإقليمية الكبرى يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار، ويحد من مخاطر النزاعات، ويفتح المجال أمام عالم أكثر توازناً وسلاماً. الاتفاقية بدورها ستخدم الأمن الخليجي، فالمملكة تعتبر الدفاع عن محيطها الخليجي والعربي جزءاً لا يتجزأ من أمنها الوطني، وإحدى الركائز الأساسية لسياستها الدفاعية، انطلاقاً من قناعتها الراسخة بأن أمن الخليج كلٌ لا يتجزأ، وأن تعزيز الشراكات الدفاعية مع الدول الصديقة والحليفة يمثل دعامة رئيسة في ترسيخ الاستقرار وحماية المصالح المشتركة. المملكة وباكستان دولتا سلام تنتهجان سياسة قائمة على الاحترام المتبادل وحسن الجوار، وتعملان على ترسيخ الأمن والاستقرار عبر التعاون البناء، والبلدان من خلال هذه الاتفاقية يمارسان حقهما السيادي في حماية أمنهما من خلال التأكيد على أن الاعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما. تتشارك الدولتان في قناعة راسخة بأن الأمن موجّه دائماً لخدمة التنمية، وأن الاستقرار يشكل الأساس الحقيقي لتحقيق الازدهار الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، الأمر الذي يجعل من هذه الشراكة الدفاعية ركيزة لتعزيز السلام والتنمية المستدامة في المنطقة والعالم.