في رحلته مع مواطنة السير أندرو سنة 1935م والتي قصدوا بها الرياض في زيارة رسمية للقاء جلالة الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- يذكر المستكشف البريطاني جيرالد غوري بأنهم غادروا مكان مخيمهم في الدهناء صباحا تقلهم إحدى السيارات المجهزة مستغلين برودة الرمال وتراصها في هذا الوقت الباكر لتسهيل عبورهم -تمتد الرمال شمالا وجنوبا حسب وصفه عبر منتصف الجزيرة العربية وتمتد في الطرفين في بحرين رمليين شاسعين الشمالي يدعى النفود والجنوبي يدعى الربع الخالي- بعد العاصمة يوجد شريط مزدوج آخر يجمع المنطقتين الرمليتين الرئيستين، لذلك فإن الرياض لا يمكن الاقتراب منها إلا عبر الرمال بالإضافة الى هذه الكثبان تبدو الصحراء مفتوحة ومضيافة. تجاويفها تثير الحزن لأن ثمة خشية نصف محسوسة كما قال من أن تبدأ السفوح الرملية في التحرك وأن الريح إذا هبت قد تسبب انهيار جدار من الرمل يدفن الكائن المار به.. سلسلة تتلو سلسلة من الذرى حتى الأفق تولد شعورا ألا مهرب. لكن الرمل الذي يفقد سخونته بعد ساعة من غروب الشمس ويصبح باردا بشكل لذيذ يشعر الرحالة بإحساس ممتع أكثر من ذلك التباين الشديد. وعند ما يضطجع تحت النجوم لينام على الرمال الباردة ينقلب ليأخذ حفنة من حبات الرمل ويدعها تسقط ببطء من خلال أصابع يده. في رمال الجنوب العظيمة كما قال يمكن سماع قرع الطبول عند ما تهب الريح فوق الجسيمات على حواف نضوات النخيل. في نفود قنيفذة يسمع أحيانا صوت دمدمة خافته، ولوحظ الشيء نفسه في النفود الرئيس لشمال الجزيرة العربية -في وادي صفراء قرب ينبع وفي أمكنة أخرى قريبة من الجوف يحكي البدو عن ثمة تلة يأتي منها صوت قعقعة عالية- ينكر آخرون ذلك ولم يسمعه الرحالة حسب قوله لكنه لا يستبعد أن تكون مثل هذه الأصوات التي لا يعرف مصدرها متقطعة. في وسط الرمال التقوا بمسافر منفرد على جمله، كان غوري قد قابله في رحلة سابقة وتبادل معه أخبار أصدقائهم المشتركين وهنا يعلق غوري: إن المسافة الكبيرة التي يتوقع العرب أن يتلقوا عبرها المعلومات الدقيقة ويتلقونها منها، كل منهم حول الآخر مذهلة والأهمية التي يتمتع بها الأفراد حتى لو كانوا مغمورين، في بلد قليلة الكثافة السكانية كالجزيرة العربية هي مصدر دهشة دائمة للأوربيين فالأجزاء الأكثر انعزالا من بادية الجزيرة العربية تبدو أكثر أنساَ من عواصم أوروبا المكتظة لأن نسبة الكائنات البشرية المعروفة هي أعلى بكثير في الصحراء. لم توقفهم الرمال سوى مرة واحدة. في المرة الثانية إلى الشرق من عروق الرمال السبعة عرق (الدغيم) فهنأوا أنفسهم على تخطيها بسلام حيث ينزلق الرمل من حواف كثبان الجندلية مسميا بعض العروق التي اجتازوها فسماها بدءا من الشرق الى الغرب - الدحول - دغيم - سيرو - سرو - جهام - عمر - وذام ومن هذه العروق كما يقول يستمر جهام والحمراني على امتداد طولهما بالكامل بهويتهما. أما العروق الباقية في مناطق مختلفة فتغير أسماؤها أو يختفي أحدها في الآخر. ونذكر هنا بعض أهم دحول أو كهوف الصمان والدهناء التي أورد بعض أسماؤها مبهمة ومنها: (جهام - جهيم - الحمراني - السرو - الكناسية - الرويكب - عمر - أبو ثمام). الدحول وبحسب غوري هي الكهوف الكلسية التي تكثر في الشمال الصحراوي للرمال وهي غالبا تحتجز الماء بعد أمطار الشتاء والبعض منها عميق جدا وطويل. يلتف حول الأرض وهكذا يخلق قصصا غريبة عن رجال تاهوا فيها، وعن كنوز مدفونة وعن فتيات جميلات محبوسات في غياهبها وعن العفاريت والشياطين والجن الذين يسكنون فيها، هذا السهل الوعر المنقط بالكهوف هو الواجهة للرمال الاستراتيجية التي لا يمكن للطائرات أن تحط عليها ولا يمكن للسيارات أن تعبرها إلا بصعوبة. فقط الإبل والخيول تجد فيها مرعى جيدا ويمكنها أن تتنقل داخلها بسهولة. من أشهر دحول الصمان: أبا الجرفان - أبا السيقان - أبا الضيان - أبا الكبود - ابرقية ابن غازي - أبو حرملة - أبو خرجين - أبو رضام - أبو سخال - أبو سديرة - أبو صالات - أبو طقة - أبو طوطاحه - أبو قرون - أبو ملروة - أبو الهول - أريكة - أم حجول - أم وركين - بطن السبسب - حروري - دحول خربقاء - الخفق - سريولات - سلطان - شوحان - شوية - العجاجي - عزاره - العيطي - فتاخ - فتيخ - الفري - كهف إبراهيم - هديبان - والهشامي. الدهناء فوهة دحل