إن متابعة سريعة لأسعار الفائدة في العالم، تبين أن الاقتصادات الكبرى، والبنوك المركزية فيها، تتجه إلى خفض سعر الفائدة، وبالتأكيد فإن أهم هذه الاقتصادات هو الاقتصاد الأميركي، يليه الأوروبي. فبعد النقد الذي لا ينقطع من الرئيس الأميركي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول، يعتزم البنك المركزي الأميركي خفض سعر الفائدة، ليس انصياعا للرئيس -فالاحتياطي الفيدرالي جهة مستقلة- وإنما لأن الدورة الاقتصادية أصبحت تتطلب ذلك. إن قرار خفض سعر الفائدة، إجراء متوقع، لأن هناك العديد من العوامل التي تدفع في هذا الاتجاه، أهمها التضخم والركود، فالمعطيات تشير إلى أن سعر الفائدة المرتفع، قد حقق، أو أقترب من تحقيق ما هو مطلوب منه، فباستثناء الولاياتالمتحدة، التي يتوقع أن يكون معدل التضخم فيها، في النصف الثاني من العام، مرتفعا 3.4 % نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية على بلدان العالم، والرسوم المعاكسة التي سوف تفرضها الدول المتضرر على الولاياتالمتحدة، فإن التضخم في بقية البلدان الصناعية قد انخفض، ففي الاتحاد الأوروبي يُتوقع أن ينخفض معدل التضخم في هذا العام إلى مستويات متدنية 1.8 %، أما في الصين فقد انخفض معدل التضخم في أغسطس الماضي بنسبة 0.4 %، وفي اليابان إلى 3.1 % في يوليو، وهو أدنى مستوى له منذ فترة. من ناحية أخرى، فإن معدلات نمو الاقتصاد في العالم، قد تباطأت بفعل سعر الفائدة المرتفع، الذي أدى إلى زيادة تكلفة القروض على الشركات وأصحاب الأعمال، ولذلك فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي خلال هذا العام، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، بنسبة 3,3 % فقط، أما وكالة فيتش فتوقعاتها كانت أكثر تواضعا 2.4 %. ولهذا، فإن التوجه العام في العالم، سوف يكون نحو خفض سعر الفائدة، بعد أن تم ضبط معدل التضخم. وهذا سوف ينعكس على الاقتصاد العالمي ونحن من ضمنهم.، فارتفاع سعر الفائدة على الريال، قد أدى إلى ارتفاع حجم ودائع بنوكنا بنسبة تجاوزت 8 ٪ في يوليو الماضي، ولهذا، فإن خفض سعر الفائدة، من شأنه أن يؤدي إلى خفض حجم الودائع ربما، ولكنه سوف يشجع أصحاب الأعمال على الاقتراض لتمويل مشروعاتهم. وهذا أمر مهم لأن هذه المشروعات سوف تعوض عما قد يطرأ على الإنفاق الاستثماري الحكومي من انخفاض جراء تراجع أسعار النفط. ولذلك، ورغم التحديات التي يواجهها اقتصادنا، جاء تقييم صندوق النقد الدولي له إيجاباً، خلال المؤتمر السنوي الثاني والعشرين لجمعية الاقتصاد السعودية الذي عقد في جامعة الأعمال والتكنولوجيا بجدة، حيث أكد رئيس بعثة هذا الصندوق على التقدم الملموس في تحقيق أهداف «رؤية 2030».