حرفة السدو تعد من أعرق الفنون النسجية في الجزيرة العربية، حيث ارتبطت منذ قرون بحياة البادية واحتياجاتهم اليومية من خيام وأغطية وسروج. بأيدٍ نسائية متمرسة، تتحول خيوط صوف الأغنام ووبر الإبل وشعر الماعز إلى ألوان وخطوط وزخارف هندسية تحمل رموز البيئة الصحراوية وتوثّق ذاكرة المجتمع البدوي، وقد نالت هذه الحرفة اعترافًا عالميًا حين أدرجتها اليونسكو عام 2020 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، بعد جهود سعودية كويتية مشتركة هدفت إلى حفظها من الاندثار وضمان استمرارها للأجيال القادمة. ومن بين أبرز من حافظن على هذا الفن التقليدي، يبرز اسم الحرفية السعودية رشيدة الرشيدي، المعروفة بلقب أم شجاع، ورغم تجاوزها الثمانين من عمرها، ما زالت تمارس السدو بشغف واعتزاز، لتتحول إلى أيقونة ملهمة للأجيال الجديدة، وقد حصدت تقديرًا رسميًا تمثل في فوزها ب جائزة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للتميز النسائي، في تأكيد على دورها الريادي في صون هذا التراث وتطويره. ولم يتوقف إبداع أم شجاع عند حدود البادية، بل انفتح على العالمية عبر تعاونها مع شركة Adidas، حيث نُسجت نقوش السدو التقليدي على أحذية رياضية عصرية، في تجربة جمعت بين الأصالة والحداثة، وقدمت للعالم صورة جديدة عن التراث السعودي حين يتماهى مع الموضة العالمية. إنها حكاية تؤكد أن السدو لم يعد مجرد موروث يُستحضر من الماضي، بل حاضر نابض بالإبداع قادر على التجدد وفتح آفاق جديدة، لتبقى خيوطه شاهدة على رحلة إبداع نسائي سعودي يجمع بين الأصالة والابتكار.