يُعد اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية مناسبة خالدة تحمل في طياتها معاني العز والفخر، فهو اليوم الذي يحيي ذكرى توحيد البلاد على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود –طيب الله ثراه– في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932م، وهذا اليوم لا يقتصر على كونه ذكرى تأسيس وطن، بل هو رمز لبداية مسيرة حضارية متواصلة امتدت عبر العقود لتصنع تاريخًا مشرفًا وحاضرًا مزدهرًا ومستقبلًا واعدًا، ومن خلال الاحتفال بهذه المناسبة يستحضر المواطنون أمجاد الماضي ويجددون الولاء والانتماء لوطن جُمع تحت راية التوحيد ليغدو كيانًا راسخًا بين الأمم. إن اليوم الوطني يعكس قيم الوحدة والتلاحم التي أرساها الملك المؤسس والتي شكلت الركيزة الأساسية لبناء الدولة الحديثة، وقد تجلت هذه القيم في نهضة شاملة طالت جميع المجالات حيث تحولت المملكة خلال سنوات قليلة من بدايات بسيطة إلى دولة عصرية متقدمة تمتلك مكانة سياسية واقتصادية مؤثرة على الساحة الدولية، ويأتي هذا الإنجاز الكبير ثمرة لتضحيات الأجداد وإرادة القيادة الحكيمة التي وضعت مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ومن هنا فإن الاحتفال باليوم الوطني ليس مجرد مناسبة زمنية بل هو تأكيد على استمرار المسيرة وصون المكتسبات التي تحققت. من وجهة نظري الشخصية فإن اليوم الوطني يمثل فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الوطن ومراجعة الذات كمواطنين حول دورنا في خدمة بلادنا، فالوطن لا ينهض بالقيادة وحدها بل بتكامل الجهود بين الحاكم والمحكوم، وإن الشعور بالمسؤولية تجاه الحفاظ على مكتسبات المملكة وتطويرها يُعد أمانة في أعناقنا جميعًا، وحين أرى ما تحقق من إنجازات في مجالات التعليم والاقتصاد والبنية التحتية أزداد قناعة بأن الانتماء للوطن ليس مجرد شعور وجداني بل ممارسة عملية تتجلى في الالتزام والإبداع والمثابرة. كما أنني أؤمن بأن اليوم الوطني فرصة لتعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال الجديدة، إذ يحتاج أبناؤنا إلى أن يستشعروا قيمة هذا اليوم في نفوسهم وأن يدركوا أن ما ينعمون به اليوم من أمن ورخاء لم يأتِ من فراغ بل هو نتاج جهد عظيم وتضحيات جسام، لذلك فإن دور الأسرة والمدرسة والإعلام يتعاظم في غرس هذه المعاني حتى يصبح حب الوطن جزءًا من سلوكيات الفرد اليومية، وما أجمل أن تتحول المناسبة من مجرد احتفال إلى سلوك دائم يعكس الفخر والانتماء. ومن جانب آخر، أرى أن اليوم الوطني فرصة للتفكير في المستقبل وما يمكن أن نقدمه لوطننا العزيز، فالمملكة اليوم تسير بخطى واثقة نحو تحقيق رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز التنمية المستدامة ورفع جودة الحياة، وإن المساهمة في هذه الرؤية مسؤولية مشتركة تبدأ من الفرد بوعيه وانضباطه وتنتهي بالمؤسسات الوطنية التي تعمل بجد لرفع اسم المملكة عاليًا، ومن هنا فإن اليوم الوطني ليس احتفالًا بالماضي فقط بل أيضًا دعوة لبذل المزيد من العطاء في سبيل بناء المستقبل. وفي الختام، يظل اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية يومًا استثنائيًا يحمل في طياته عبق التاريخ وروح الحاضر وأمل المستقبل، فهو مناسبة للفخر والاعتزاز بما تحقق، وفرصة لتجديد الولاء والانتماء، ودافع لمزيد من العمل من أجل وطن يستحق منا الكثير، فالمملكة لم تتأسس لتقف عند حدود الإنجاز بل لتظل في مسيرة دائمة من التطور والارتقاء، وهذا ما يجعل اليوم الوطني علامة مضيئة في ذاكرة كل سعودي ومناسبة خالدة، تستحق أن تُحيا في القلوب قبل أن تُحتفل بها في الميادين.