مع التسارع الكبير نحو الدفع الإلكتروني والتحول الرقمي، ما زالت الفواتير الورقية التقليدية حاضرة في كل متجر ومطعم وصيدلية. غير أن هذه الورقة الصغيرة التي يظنها البعض مجرد "إيصال عابر"، قد تحمل في طياتها خطرا صحيا لا يُستهان به. فقد أثبتت دراسات دولية أن الورق الحراري المستخدم في طباعة الفواتير يحتوي على مادة Bisphenol A (BPA) وأحيانًا Bisphenol S (BPS)، وهي مواد كيميائية تُسهل ظهور الكتابة على الورق بمجرد تعرضه للحرارة، لكنها في الوقت ذاته قادرة على الانتقال من الورق إلى جلد الإنسان. توضح الدكتورة مروة المحرج، استشارية الأمراض الجلدية، أن هذه المواد ليست مجرد مركبات عابرة، بل لها قدرة على اختراق الجلد والتسلل إلى الجسم عند التلامس المتكرر، مضيفة: "قد لا يشعر الشخص بأي أعراض مباشرة عند لمس الفواتير، لكن المشكلة تكمن في التراكم الصامت. فالموظفون الذين يتعاملون يوميا مع مئات الفواتير – مثل الكاشيرات والمحاسبين – معرضون بشكل أكبر لامتصاص كميات قد تؤثر على صحتهم بمرور الوقت. وتشير المحرج إلى أن بعض الدراسات ربطت بين التعرض المزمن لمادة BPA واضطرابات هرمونية واضطراب في وظائف الغدد الصماء، إضافة إلى ظهور حساسية جلدية لدى بعض الفئات الحساسة. وتضيف: "الخطر يتضاعف إذا لامس الشخص الفاتورة ثم لمس فمه أو عينيه أو تناول الطعام دون غسل اليدين، حيث تكون فرصة انتقال المواد الكيميائية أكبر. تؤكد المحرج أن الوقاية ممكنة وبسيطة، فغسل اليدين جيدا بعد ملامسة الفواتير يقلل من انتقال المواد بشكل كبير، مع تجنّب السماح للأطفال باللعب بها أو مضغها، والتقليل من الاحتفاظ بها داخل الحقائب أو الجيوب. وتشدد على أن اعتماد الفواتير الإلكترونية يُعد خيارا صحيا وعمليا وبيئيا أفضل، مشيرةً إلى أن بعض الدول بدأت تفرض قيودا على الورق الحراري في إطار توجه عالمي لتقليل استخدامه حمايةً لصحة العاملين والمتسوقين، فيما يُستحسن للموظفين الذين يتعاملون مع الفواتير يوميا ارتداء قفازات خفيفة لحماية أيديهم.