إن نظام المكافأة في الدماغ هو شبكة عصبية تَنشَط عند تلقي محفزات مُرضية، وتُفرز مادة الدوبامين التي تُشعر بالمتعة والسعادة، وتَحث على تكرار هذه الأفعال. يُعدّ النظام أساسيًا للتعلم واتخاذ القرارات والسلوكيات الهادفة، تلعب هذه الشبكة دورًا حيويًا في الحياة اليومية، لكنها قد تتعطل في حالات الإدمان. كيف يعمل نظام المكافأة؟ يعمل نظام المكافأة عن طريق تحفيز الدوبامين فعندما تواجه شيئًا يُعتبر مكافأة (مثل: تناول طعام لذيذ أو الحصول على ثناء أو الفوز في لعبة بالموبايل أو متابعة وسائل التواصل الاجتماعي أو غيره من أنشطة الموبايل التي تصل إلى حد الإدمان عند الطفل)، تنشط المنطقة السقيفية البطنية، وتُفرز الدوبامين ويُترجم هذا الإفراز إلى شعور بالانتشاء والسعادة، وهو ما يسمى "المتعة". تعمل المكافأة أيضًا كآلية لتعزيز التعلم، حيث تُشجّع الدماغ على تكرار السلوكيات التي أدت إلى الحصول عليها وتشارك القشرة أمام الجبهية في هذه العملية لاتخاذ قرارات بشأن تكرار هذا السلوك في المستقبل. تظهر أهمية نظام المكافأة في دوره في التعلم والتحفيز حيث يُساعد على فهم الأشياء المرغوبة وتحديد الأهداف والسعي لتحقيقها ودوره في السلوكيات اليومية حيث يُحفز العديد من سلوكياتنا الأساسية للبقاء، مثل البحث عن الطعام، والحصول على الاعتراف الاجتماعي. تأثير الإدمان الجسدي أو النفسي على نظام المكافأة: يمكن للمخدرات (الإدمان الجسدي) وبعض السلوكيات مثل: الألعاب ووسائل التواصل الاجتماعي (الإدمان الجسدي) أن تُعطّل نظام المكافأة الطبيعي، مما يؤدي إلى إفراط في إفراز الدوبامين، يؤدي هذا التعطيل إلى الرغبة القهرية في الحصول على هذه المحفزات بشكل مستمر، حتى مع وجود سلبيات واضحة. ما العلاقة مع طرق التدريس؟ إن طرق التدريس التقليدية بالإضافة إلى المناهج التقليدية والتي يعتمد كلاهما على التلقين وإرهاق العقل، بالإضافة إلى الفصول التقليدية التي تعتمد على الانضباط الصارم لوجود مدير تقليدي، تعتبر سجناً للطالب، ولن تكون جديرة أو حتى كفيلة بتفعيل نظام المكافأة الطبيعي لدى الطالب بل ستعمل على تعطيله وبشدة في بعض الحالات، مما ينذر أننا سنواجه قريباً ازدياد هروب الطلاب من الحصص أو التعليم بشكل عام نتيجة تعثرهم أو كراهيتهم للبيئة الدراسية أو احتيال الطلاب للدخول بالموبايل أو استخدام الحواسيب الإلكترونية في الحصص المدرسية لأغراضهم الشخصية للحصول على الدوبامين أو ابتكار أساليب جديدة لمراوغة النظام التعليمي للحصول على المكافأة أو زيادة إفراز الدوبامين حتى ولو بالقوة، لأنهم تحت الإدمان بألعابهم أو برامجهم أو وسائل التواصل الاجتماعي خاصتهم. تطورات سلبية محتملة غير مرغوب فيها: بالتأكيد أمام تلك الظاهرة وعدم استجابة الطلاب للمعلمين بسبب طرق التدريس أو المناهج أو البيئة التعليمية عامةً ونتيجة فقد المعلمين لتشغيل نظام المكافأة في مخ الطلاب ستنشأ محاولات الهروب أو الاعتراضات أو حتى المشاحنات أو حتى ما هو أكثر من الطلاب، وهو ما لا يمكن توقعه، خاصة وأن كثيراً من الطلاب يتابعون فيديوهات ومحادثات لا يراقبها أولياء الأمور قد تدلهم أو ترشدهم لطرق لا يرضاها المجتمع وتؤدي إلى عواقب وخيمة. الحل: لا بد أن تسعى الدول إلى حلول أسرع من تطور التكنولوجيا وتطوير البيئة التعليمية كالأبنية (الفصول الدراسية) والمناهج (الكتب الدراسية) وطرق التدريس (تدريب المعلمين) والإدارات التعليمية (المديرين ومعاونيهم)، وجعل كل ذلك يؤدي إلى نظام مكافأة وإفراز للدوبامين في مخ الطالب أفضل من الموبايل. يُسبب الاستخدام المفرط للموبايل عند الأطفال مشكلات نفسية وجسدية وتنموية، مثل: القلق والاكتئاب، والعزلة، ومشكلات في التركيز واللغة، واضطرابات النوم، والسمنة، وآلام الرقبة والظهر. توصي الجهات الصحية بتحديد وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية بحد أقصى ساعة واحدة للأطفال ما قبل المدرسة، وساعتين يومياً للفئة العمرية من 5 إلى 18 عاماً، مع التأكد من عدم تأثير ذلك على النوم والنشاط البدني. لا بد أن نتأكد من أن وقت الشاشة لا يتعارض مع الحصول على قسط كافٍ من النوم وممارسة النشاط البدني، ولا بد أيضاً من الإشراف على المحتوى خاصة بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا، يجب أن يكون هناك شخص بالغ يساعدهم على فهم ما يرونه على الشاشات، كما أشارت وزارات الصحة.