منذ اللحظة الأولى لظهوره مع الهلال بدوري "روشن" في لقائه الافتتاحي أمام الرياض بدا المدير الفني فيليبو إنزاغي وكأنه يعرف جيدًا أين يضع قدميه؟ الفوز بهدفين نظيفين حملا توقيع (مالكوم ومتعب الحربي) لم يكن مجرد بداية عادية، بل كان رسالة مبكرة من المدرب الإيطالي أن الهلال في عهده سيكون مختلفًا ومنضبطًا ومشحونًا بروح جديدة. كما كان حديثه في المؤتمر الصحفي بعد المباراة أشبه بقراءة عميقة للمشهد حين شكر لاعبيه وأكد أن ما تحقق هو جهد جماعي موضحًا أن النصر لا يُكتب باسم لاعب واحد بل يُصنع بمنظومة كاملة. ولعل أبرز ما كشف عن شخصية إنزاغي هو تعامله مع غضب ظهيره الأيمن البرتغالي كانسيلو عند استبداله إذ لم يرَ فيه أزمة ولا مشكلة بل اعتبره انعكاسًا لرغبة اللاعب في الاستمرار والعطاء مضيفًا بثقة أنه يملك علاقة جيدة معه. هنا يتجلى ذكاء المدرب في إدارة غرفة مليئة بالنجوم حيث يحوّل الانفعالات إلى طاقة إيجابية بدلًا من أن يجعلها مصدر قلق. وكذلك إشادته بمالكوم لم تكن مجرد مجاملة بل قراءة دقيقة لموهبته وقدراته، خاصة ما صاحب ذلك من هاجس مقلق لدى المدرج الهلالي بشأن مالكوم. بينما أشار إلى أن تألق متعب الحربي لم يفاجئه لأنه يعرف قيمته مسبقًا وشاهده في كأس العالم قبل أن يضيف أن جميع اللاعبين المحليين رائعون وكأنه يزرع فيهم الثقة ويمنحهم مساحة مساوية لزملائهم الأجانب ولم يغب عن إنزاغي البُعد المعنوي فالجماهير التي حضرت لم تمر في حديثه مرور الكرام بل شكرها وأكد أنهم استحقوا الانتصار وهو ما يعكس إدراكه العميق أن المدرجات جزء من معادلة النجاح. إنزاغي يرى الهلال كما يراه العاشق قبل المدرب مشروعًا متكاملاً يحتاج إلى لمسة انضباط وتوظيف صحيح للطاقة الكامنة في كل لاعب، وهو يعرف أن أمامه موسمًا طويلًا يختبر قدراته لكنه يبدو واثقًا أن الفريق لا يبدأ من الصفر بل من أرضية صلبة صنعها تاريخه وبطولاته وفي الطريقة التي تحدث بها وفي طريقته التي جمع فيها بين الحزم والدفء تلوح ملامح موسم مختلف موسم قد يعيد الهلال إلى قمته المعهودة وربما يتجاوزها إلى ما هو أبعد. الحربي فرحًا بهدفه سعود الضحوك