يمثّل 19 أغسطس من كل عام اليوم العالمي للعمل الإنساني، وهي مناسبة لتجسيد أسمى معاني العطاء والتضامن مع الشعوب المتضررة والمهددة بالمخاطر والكوارث في جميع أنحاء العالم، وللتذكير بأهمية الدور الذي يقوم به العاملون في المجال الإنساني دفاعاً عن كرامة الإنسان وحياته، خاصة مع ارتفاع الاحتياجات الإنسانية وتزايد حجم الانتهاكات التي تمثل خرقاً صارخاً للقانون الدولي. وتشارك المملكة العربية السعودية المجتمع الدولي الاحتفال بهذا اليوم تحت شعار "العمل من أجل الإنسانية"، إيماناً منها بالمسؤولية الأخلاقية، وتأكيداً لالتزامها الثابت بمبادئ العمل الإنساني الذي يُعتبر جزءاً أصيلاً من سياسة الدولة وثقافتها المجتمعية، ولمواصلتها لدورها الريادي، على الصعيدين الإقليمي والدولي، في تقديم الدعم والإغاثة للمحتاجين، تجسيدًا لقيمها الإسلامية والإنسانية الراسخة، ورؤيتها كعضو فاعل في المجتمع الدولي وكقلب نابض للعالم الإسلامي. وتعد المملكة النموذج العالمي في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للفقراء واللاجئين ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية، وهو ما يعكس سخاء المملكة وسجلها الممتد في العمل الإنساني منذ نشأتها وحتى عهد ملك الإنسانية الملك سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء –حفظهما الله–، اللذين جعلا من الإنسان والعمل الإنساني سبيلًا للنهوض والتنمية والتمكين، ضمن الرؤية الطموحة 2030 التي كرست العمل الإنساني كقيمة أساسية تسهم في تعزيز الاستقرار والسلام العالمي، وهو ما أكده خادم الحرمين الشريفين بكلماته الخالدة: "النهج التنموي في المملكة يستهدف صنع نهضة شاملة ومستدامة محورها الإنسان"، كما أكد ولي العهد أن "بناء الإنسان هو أساس التنمية والسلام". وتعكس المؤسسات السعودية الإغاثية والمنصات الخيرية المختلفة، التزام المملكة المستمر بدعم المجتمعات المتضررة، حيث تقوم بتقديم المساعدات الطارئة للمتأثرين بالكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية في مختلف أنحاء العالم، ويعد مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي تأسس في مايو 2015 بتوجيه ورعاية من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ركيزة أساسية في الجهود الإنسانية الإغاثية والخيرية السعودية في مختلف الميادين الغذائية والصحية والتعليمية والاجتماعية، إذ قدمت المملكة مساعدات إنسانية وتنموية تجاوزت 141 مليار دولار أميركي، ونَفّذت ما يزيد على (983.7) مشروعًا في (173) دولة، وهي من أبرز الدول دعما لجهود وكالة الأممالمتحدة "الأونروا"، وبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، والصليب الأحمر الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، والمنظمات الإنسانية الأخرى مما عزّز مكانتها العالمية ودورها في نشر قيم العطاء والتضامن بين الشعوب، وجعلها تتصدر الترتيب العالمي للدول المانحة للمساعدات الإنسانية وتُمثّل نموذجاً يُحتذى به على الساحة الدولية. وختاماً، وإذ نفخر ونشيد بالجهود الجبارة التي تبذلها المملكة في التخفيف من المعاناة الإنسانية حول العالم، فإنّنا وأمام التحديات الإنسانية الكبيرة التي تواجه البشرية نؤكد أن المخاطر الجسيمة والحروب والإنتهاكات الصارخة وقضايا الفقر والنزاعات والكوارث الطبيعية لا يمكن أن تواجه إلا بروح التضامن والعمل الجماعي وتعزيز التحالف العالمي للعمل الإنساني ودعم المنظمات الإنسانية وتفعيل مبادئ القانون الدولي الإنساني، ذلك أن بناء الإنسان وحماية كرامته هما حجر الأساس للتنمية المستدامة والسلام العالمي. *أستاذ القانون الدولي المشارك بجامعة جدة د. حمزة بن فهم السلمي