أعربت واشنطن عن أسفها ل"تدهور" وضع حقوق الإنسان في العديد من الدول الأوروبية، لا سيما المتعلقة بحرية التعبير، وذلك بحسب تقرير سنوي لوزارة الخارجية الأميركية صدر الثلاثاء. وأشارت وزارة الخارجية إلى أن وضع حقوق الإنسان تدهور خلال العام الماضي في ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا، في تقرير عن وضع حقوق الإنسان في العالم من المفترض أن يظهر أولويات السياسة الخارجية الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترمب. وفي ما يتعلق بفرنسا، تحدث التقرير عن "تقارير موثوقة عن قيود خطيرة على حرية التعبير". كما ندد بتزايد الأعمال المعادية للسامية. وفي المملكة المتحدة، أعربت واشنطن عن قلقها إزاء قانون جديد للامان على الإنترنت يهدف إلى حماية الأطفال بشكل أفضل. وأكد مسؤول أميركي كبير فضل عدم الكشف عن هويته الأسبوع الماضي أن الحكومة الأميركية تعتزم إجراء "مناقشات صريحة مع شركائنا وحلفائنا حول ما نعتبره رقابة أو تهميشا لأصوات معينة، سياسية أو دينية". وردا على سؤال بشأن هذا الموضوع، رفضت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، ذكر دول بعينها، مكتفية بالقول إنّ "الرقابة الحكومية لا تطاق في مجتمع حر". وأضافت أنّ "الحكومات تواصل اللجوء إلى الرقابة، والمراقبة التعسفية أو غير القانونية، وإلى قوانين تفرض قيودا على الأصوات التي لا تروق لها، غالبا لأسباب سياسية أو دينية". وهذا التقرير السنوي الذي يرسم صورة لوضع حقوق الإنسان في العالم، يُثير حفيظة العديد من الحكومات. ويعتبر العديد من الخبراء التقرير الذي يتم إعداده بطلب من الكونغرس، مرجعا. والتقرير الذي أعد جزء منه في عهد الإدارة السابقة للديموقراطي جو بايدن، قامت وزارة الخارجية بتعديله وإعادة هيكلته ليتضمن أولويات إدارة ترمب، مثل معارضة السياسات المؤيدة لبرامج التنوع أو الإجهاض. وجاء في نصه أنه "تم تبسيط تقارير هذا العام لتكون أكثر فائدة وسهلة الوصول على أرض الواقع ومن قِبل الشركاء، ولتحسين استجابتها للتفويض التشريعي الأساسي ومواءمتها مع قرارات الإدارة". وأعرب نواب المعارضة الديموقراطيون، وكذلك المنظمات غير الحكومية، عن قلقهم من تماشي التقرير مع سياسات ترمب بحيث لا يعكس صورة حقيقية لانتهاكات حقوق الإنسان حول العالم. وبالتالي، في ما يتعلق بالسلفادور، الحليف الوثيق لإدارة ترمب، تؤكد وزارة الخارجية الأميركية أنها "لا تملك معلومات موثوقة تشير إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان"، في حين يواجه هذا البلد انتقادات لا سيما من منظمات غير حكومية بسبب حربه الشرسة على العصابات التي أرهبت السكان، بالإضافة إلى مركز مكافحة الإرهاب. وفي المقابل، هاجمت الحكومة الأميركية بلدين تربطها بهما علاقات متوترة للغاية، هما جنوب إفريقيا والبرازيل. وقالت واشنطن إن "وضع حقوق الإنسان في جنوب إفريقيا تدهور بشكل كبير خلال العام الماضي"، معتبرة أن بريتوريا "اتخذت خطوة مثيرة للقلق لجهة مصادرة ممتلكات وارتكاب مزيد من الانتهاكات لحقوق الأقليات العرقية في البلاد". أما بالنسبة للبرازيل، فقد نددت وزارة الخارجية الأميركية "باتخاذ المحاكم إجراءات مفرطة وغير متناسبة لتقويض حرية التعبير (...) والحوار الديموقراطي من خلال تقييد الوصول إلى المحتوى الإلكتروني الذي تعتبره "مضرا بالديموقراطية" بحسب التقرير. يشار إلى أن وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات على القاضي في المحكمة العليا في البرازيل ألكسندر دي مورايس، "مهندس الرقابة والاضطهاد" في حقّ الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو الذي يحاكم بتهمة محاولة الانقلاب على الرئيس الحالي لويس إناسيو لولا دا سيلفا. وفي فبراير، اعتبر نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس في افتتاح مؤتمر ميونيخ للأمن أن "حرية التعبير في تراجع" في أوروبا. وقال إن "التهديد الذي يقلقني أكثر من أي شيء آخر في ما يتصل بأوروبا ليس روسيا، ولا الصين، ولا أي طرف خارجي آخر، ما يقلقني هو التهديد من الداخل. تراجع أوروبا عن بعض قيمها الأساسية". وأضاف "أخشى أن حرية التعبير في بريطانيا وفي مختلف أنحاء أوروبا تتراجع".