عقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اجتماعا طارئا أمس الاثنين، قبل أيام من القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين، والتي يخشى أن يتم فيها إبرام تسوية بشأن الحرب في أوكرانيا على حساب كييف. ويكثّف الأوروبيون اتصالاتهم ويجهدون لتوحيد صفوفهم خلف أوكرانيا منذ الإعلان عن انعقاد القمة الأميركية الروسية في ألاسكا الجمعة. وألمح ترمب إلى أن اتفاقا محتملا قد يتضمن "تبادل أراض" بين البلدين لوضع حد للحرب التي بدأت مطلع العام 2022. وفي حين لم يُدع فولوديمير زيلينسكي لحضور هذه القمة، قال السفير الأميركي لدى حلف شمال الأطلسي ماثيو ويتيكر إن مشاركة الرئيس الأوكراني في الاجتماع "ممكنة بالتأكيد". وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الأحد إن "الرئيس ترمب محق حين يقول إن على روسيا أن تنهي حربها على أوكرانيا. لدى الولاياتالمتحدة القدرة على إجبار روسيا على التفاوض بجدية". لكنها شددت على أن "أي اتفاق بين الولاياتالمتحدةوروسيا يجب أن يشمل أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، لأنها قضية تتعلق بأمن أوكرانيا وأوروبا برمتها"، مشيرة إلى أنها دعت لاجتماع طارئ لوزراء خارجية التكتل بحضور نظيرهم الأوكراني أندري سيبيغا "للبحث في الخطوات المقبلة". انقضاء مهلة ويضاف الاجتماع عبر الفيديو، إلى سلسلة اتصالات أجريت خلال نهاية الأسبوع، واجتماع في المملكة المتحدة بين مسؤولي الأمن القومي في الولاياتالمتحدة ودول أوروبية، بمشاركة نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس. وخلال الأيام الثلاثة الماضية، تواصل زيلينسكي هاتفيا مع 13 من قادة الدول الأوروبية ونظيريه في كازاخستان وأذربيجان. وأكد زيلينسكي في رسالته اليومية عبر منصات التواصل الاجتماعي، أن كييف "تعمل بالتأكيد مع الولاياتالمتحدة. لا يمر يوم دون أن نتواصل بشأن سبل تحقيق سلام حقيقي"، محذّرا من نية روسية "لخداع الولاياتالمتحدة". بدوره، تواصل بوتين مع تسعة رؤساء دول أو حكومات خلال الأيام الثلاثة الماضية، أبرزهم نظيره الصيني شي جينبينغ والبرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. وتعهد ترمب خلال حملته الانتخابية بالتوصل الى حل سريع للنزاع في أوكرانيا. وعقب عودته الى البيت الأبيض في يناير، بدأ ترمب بالتقارب مع بوتين وتواصل معه هاتفيا أكثر من مرة، لكنه بدأ في الآونة الأخيرة يعرب عن استيائه منه مع تكثيف موسكو ضرباتها على أوكرانيا، وعدم موافقتها على مقترحات أميركية بشأن هدنة غير مشروطة في الحرب. وتزامن الإعلان عن قمة ألاسكا الجمعة مع انقضاء مهلة حددها ترمب للكرملين لوضع حد للنزاع، وهو الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. والأحد، قتل ستة أشخاص في ضربات روسية على أوكرانيا، حيث أصابت قنبلة روسية محطة الحافلات المركزية المكتظة في زابوريجيا، ما أدى لإصابة 20 شخصاً. على الجانب الروسي، أدى هجوم بطائرات مسيرة أوكرانية على "شركات صناعية" إلى وفاة شخص في أرزاماس في منطقة نيجني نوفغورود، على بعد أكثر من 700 كيلومتر من الحدود الأوكرانية، وفقا للسلطات الإقليمية. "ضغط على بوتين" وحضّ قادة أوروبيون الأحد على إشراك أوكرانيا في المفاوضات. وجاء في بيان مشترك لقادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وبريطانيا وفنلندا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين "المسار إلى السلام في أوكرانيا لا يمكن أن يتقرر من دون أوكرانيا". واعتبروا أن أي مفاوضات يجب أن تجرى "في سياق وقف إطلاق النار" وحذروا من أن الحل الدبلوماسي يجب أن يتضمن "ضمانات أمنية قوية وموثوقة" لأوكرانيا. ويسيطر الجيش الروسي حاليا على زهاء 20 في المئة من مساحة أوكرانيا. وتطالب موسكو بأن تتخلّى كييف رسميا عن أربع مناطق يحتلّها الجيش الروسي جزئيا هي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، فضلا عن شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمّها الكرملين بقرار أحادي سنة 2014. وبالإضافة إلى ذلك، تشترط موسكو أن تتوقّف أوكرانيا عن تلقّي أسلحة غربية وتتخلّى عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وتعتبر كييف هذه الشروط غير مقبولة وتطالب من جهتها بسحب القوّات الروسية وبضمانات أمنية غربية، من بينها مواصلة تسلّم أسلحة ونشر كتيبة أوروبية على أراضيها. وقال الأمين العام للناتو مارك روته في تصريح لشبكة إيه بي سي الأميركية إن ترمب "يمارس ضغطا على بوتين"، وتابع "يوم الجمعة المقبل سيكون مهما لأنه سيكون اختبارا لبوتين، ومدى جديته في إنهاء هذه الحرب". إلى ذلك تعمل الولاياتالمتحدة على ترتيب اجتماع بين دونالد ترمب ونظيريه الروسي والأوكراني، بحسب ما أفاد نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس الأحد، في وقت يطالب حلفاء كييف الأوروبيون بحضورها القمة المرتقبة في ألاسكا هذا الأسبوع. وقال فانس في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" إن "واحدة من أهم العقبات هي أن (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين قال إنه لن يجلس (إلى طاولة المفاوضات) قط مع (فولوديمير) زيلينسكي، رئيس أوكرانيا، وغيّر الرئيس ذلك الآن". وأضاف ردا على سؤال بشأن توقعاته بالنسبة لقمة ألاسكا المقررة في 15 أغسطس "نحن الآن في مرحلة حيث نعمل على التربيات المرتبطة بالتوقيت وغير ذلك من الأمور لتحديد الموعد الذي يمكن فيه لهؤلاء القادة الجلوس معا وبحث نهاية لهذا النزاع". ولفت نائب الرئيس إلى أن الولاياتالمتحدة "ستحاول التوصل إلى تسوية متفاوض عليها من نوع ما يمكن للأوكرانيين والروس قبولها". وأضاف "لن ترضي الجميع بشكل كامل، سيكون الروس والأوكرانيون على الأرجح غير راضين عنها في نهاية المطاف".