مع اقتراب انطلاقة العام الدراسي الجديد 1447ه، واستعداد المدارس والطلاب وأولياء الأمور لبداية جديدة، جاء إعلان وزارة التعليم بتحويل نظام الدراسة من ثلاثة فصول دراسية إلى فصلين دراسيين ابتداءً من هذا العام ولمدة أربع سنوات قادمة ليُعيد ترتيب المشهد التعليمي من جديد ويؤكد أن التطوير في المملكة لا يتوقف عند نقطة بل هو عملية مستمرة يُعاد فيها التقييم والبناء والتحديث. لقد كان نظام الفصول الثلاثة تجربة جريئة أسهمت في رفع عدد الأيام الدراسية لتصل إلى المعايير العالمية، وتحققت من خلالها مكتسبات نوعية على مستوى الجداول الدراسية، والتوزيع الزمني للمقررات، والاستفادة من الإجازات القصيرة بما يدعم الصحة النفسية للطلاب والمعلمين على حد سواء. لكن وزارة التعليم -وبحكمةٍ ومرونة عالية- اختارت أن تستند إلى الدراسة والتجربة، وأخذت برأي المعنيين بالعملية التعليمية؛ لتصل إلى قرارها الأخير الذي يُعيدنا إلى نظام الفصلين دونما التنازل عن جودة التعليم أو عدد أيامه بل مع التأكيد على أن جودة التعليم لا تُقاس بعدد الفصول ولكن بما يتضمنه الفصل من محتوى، ومعلّم، وبيئة، وتحفيز، وتمكين. وفي ضوء هذا التحوّل، أتوجه من هذه الزاوية برسائل ثلاث: إلى الطلاب والطالبات: أنتم نواة المستقبل ولبِنات النهضة والرهان الأكبر فاستعدوا لعامكم الدراسي بهمة لا تعرف التراجع، وكونوا على يقين أن كل قرار يُتخذ في هذا الوطن هو خطوة تُبنى لأجلكم فاستثمروا أيامكم واسعوا للتميّز وكونوا الحُلم الذي يتحقق. ورسالتي الثانية إلى أولياء الأمور: أنتم الشريك الأول في التعليم والداعم الأهم فكونوا أقرب لأبنائكم هذا العام، وتابعوا مسيرتهم وارفعوا سقف طموحاتهم؛ فالتحولات لا تؤتي ثمارها إلا إذا بدأ صدى صوتها من المنزل. ورسالتي الثالثة إلى زملائي وزميلاتي في الميدان التربوي :أنتم رُسل العلم وصُنّاع الأثر وأنتم النور الذي يُضيء مسيرة الأجيال نحو العلم والمعرفة ويُسهم في بناء مستقبل الوطن. هذا العام هو عام التمكين الحقيقي للمدرسة والمعلم فكونوا على قدر الثقة وازرعوا في نفوس طلابكم حبّ التعلم والشغف بالمستقبل. ختامًا، لا تنجح الخطط دون التزام، ولا تُثمر التوجهات بلا هِمم. فالتعليم اليوم ليس نظامًا إداريًا فحسب، بل مشروع وطني، عماده الإنسان، وهدفه التميّز، ورسالته تربية جيل يحمل راية الوطن لأفق أسمى. عامٌ دراسيٌ قادم تُطوى فيه صفحات الانتظار، وتُفتح أبواب الأمل.. فليكن عامًا منضبطًا، مزدهرًا، استثنائيًا.