تشهد السياحة الداخلية الصيفية في المملكة نموًا متسارعًا، مدفوعًا برؤية طموحة تهدف إلى جعل السياحة أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، باعتبارها خيارًا مثاليًا للباحثين عن تجارب فريدة تجمع بين الطبيعة الخلابة، والمناخ المعتدل، والأنشطة الثقافية والتراثية، لا سيما في المدن الجبلية التي باتت وجهة مفضلة وملاذًا مثاليًا للمواطنين والمقيمين وزوار المملكة الباحثين عن أجواء منعشة خلال أشهر الصيف الحارة، مما يفتح أمامهم أبوابًا لعالم من الجمال والمتعة. وتتجه الأنظار إلى مصايف مثل أبهاوالباحةوالطائف، التي تتميّز بارتفاعها عن سطح البحر في القمم الشاهقة التي تحتضن السحب وتكسوها الغابات الكثيفة، التي تغمرها الأجواء الضبابية الممزوجة بالأمطار الصيفية، ما يجعلها فرصة مثالية لتسويقها كمصايف فريدة، مع إبراز هويتها المحلية، التي تتجلى في نماذج العمارة التراثية، والقرى الأثرية التي تأسر الزوار بتاريخها العريق، خاصة من عشاق الثقافة، إضافةً إلى ما توفره من فرص المغامرة وأنشطة التنزه والمشي في أحضان الطبيعة. هذه المدن تنبض بتراث ثقافي غني، يجعل منها متاحف مفتوحة في الهواء الطلق؛ ففي أبها تبرز "قرية المفتاحة" كأحد أبرز المعالم الثقافية التي تروي قصص الأجداد، وفي الباحة تتلألأ "قرية ذي عين" بجمالها الفريد، بينما تحتضن الطائف معالم أثرية وثقافية لافتة، في مقدمتها سوق عكاظ المتميز بحضارته العريقة. ولا تقل الأسواق الشعبية أهمية عن المواقع الطبيعية؛ فهي نوافذ حية للتعرف على عادات وتقاليد سكان المنطقة، ووجهات تسويقية وسياحية في آنٍ واحد، وتُعد منصات مثالية لعرض المنتجات المحلية مثل العسل الجبلي، والقهوة العربية، والمصنوعات اليدوية، والفنون التقليدية. من أبرزها سوق الخميس في الباحة، وسوق السبت في بلجرشي، وأسواق أسبوعية أخرى في قرى أبهاوالطائف. وتعزز كثرة الحدائق العامة والمتنزهات الطبيعية من جاذبية هذه الوجهات، التي توفر بيئة مثالية للعائلة وتشكل عنصرًا تسويقيًا مهمًا، تبرز من أشهرها متنزه السودة الوطني في أبها، وغابة رغدان في الباحة، ومتنزه الردف ومنطقة الشفا في الطائف. التسويق الفعّال لهذه المواقع، ينبغي أن يركز على إنتاج محتوى مرئي جذاب، يتضمن صورًا ومقاطع فيديو عالية الجودة توثق الأجواء الضبابية والممطرة، والمناظر الخضراء، وقصص الزوار وتجاربهم الشخصية الممتعة، بالاضافة الى ضرورة تقديم عروض سياحية متكاملة تشمل الإقامة، والجولات التراثية، والأنشطة الطبيعية، والترويج لها بالاعتماد على أدوات التسويق الرقمي عبر استهداف الفئات المهتمة بالسفر والطبيعة على منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، إلى جانب الجولات الافتراضية التي تتيح استكشاف هذه الكنوز عن بُعد. إن التسويق للسياحة الداخلية في المدن الصيفية الباردة والممطرة لا يُعدّ مجرد ترويج لوجهات محلية، بل هو استثمار وطني في جمال المملكة وتنوعها الجغرافي، وفرصة ذهبية لتقديم تجارب سياحية متكاملة تمزج بين الطبيعة والتراث والمناخ الفريد، تقدّم صيف المملكة كتجربة لا تُنسى لكل من يبحث عن إجازة مميزة داخل المملكة.