أعادت فعاليات مهرجان الأطاولة التراثي في نسخته الثامنة، عملية "الحراثة التقليدية" بواسطة الثيران، وسط إقبال كبير من الزوار لمشاهدة مراحل حرث الأرض والأدوات المستخدمة قديمًا، وأبرز المهرجان الذي تنظمه جمعية التنمية الأهلية بالأطاولة، بمقر سوق الربوع، عددًا من جوانب حياة ومعيشة الناس في الماضي واعتمادهم بشكل كلّي على الحيوانات في حرث وزراعة الأرض. وأشار المزارع متعب العُمري إلى أن مزارعي الباحة كانوا يحرصون قديمًا في مواسم محددة من فصول السنة للمسارعة في تهوية مزارعهم وتقليبها باستخدام المحراث الخشبي وذلك للمحافظة على جودة تربتها وتهيئتها للموسم الزراعي المقبل. ويشرح العُمري طريقة الحرث بالأبقار أو الثيران قائلًا: تبدأ العملية بالتجهيز من خلال ربط ثورين عبر أداة خشبية تُسمى "النِّير"، وهي التي توضع على رقبتي الحيوان لتثبيتهما معًا لضبط المسافة بينهما، ثم تُشدّ إلى أداة الحرث المعروفة باسم "السِّكّة"، وهي عبارة عن قطعة حديدية ذات نصل حاد، تُثبت في مؤخرة محراث خشبي، وتستخدم لشقّ التربة وقلبها. وعن دور المزارعين، قال العُمري: يقوم عليها فلاحان، يعمل الأول على ضغط وموازنة "السنّة" أو ما يسمى بالمحراث في الأرض، ويقوم الثاني بنثر البذور بشكل منتظم، وبعد الانتهاء من عملية الحراثة يأتي دور "المكم" أو "المدسم"، وهو عبارة عن خشبة عريضة يبلغ طولها مترين تجرها الثيران أو الجمال فوق الأرض المحروثة لمساواتها وتغطية البذور لحمايتها من الطيور والعوامل المناخية القاسية كالرياح والحرارة، مضيفاً أن عملية حرث المزارع كان يصاحبها عدد من الأناشيد التي يشدو بها المزارعون بصوت مرتفع ولحن طربي جميل. من جهته أوضح رئيس الجمعية والمشرف على فعاليات المهرجان الحسين بن عثمان الزهراني، أن مهرجان الأطاولة التراثي يسلط الضوء على التراث القديم لحياة الناس في الماضي ومراحل تطورها وصولًا إلى ما نعيشه اليوم، مؤكدًا أن "الحراثة التقليدية" في منطقة الباحة تعبر عن ارتباط بالهوية، ووفاء لتاريخ الأجداد، واستمرار لمسيرة العطاء بين الإنسان وأرضه، مضيفًا أن عروض عملية حرث المزارع التقليدية القديمة، تقام على مدار (10) أيام خلال الفترة المسائية، وقد لقيت استحسان الأهالي والزوار ومحبي التراث والمصورين، حيث أعادتهم إلى الماضي الجميل، وأسهمت في الحفاظ على هوية المنطقة الزراعية. يُذكر أن منطقة الباحة تُعد من المناطق الزراعية الغنية في المملكة، وشهدت تطورًا ملحوظًا مع استخدام التقنيات والأساليب الحديثة، حيث تتميز بتنوع محاصيلها الزراعية بفضل مناخها المعتدل، وتضاريسها الجبلية، وسهولها الممتدة، وخصوبة تربتها مما انعكس على وفرة وجودة المنتجات الزراعية.