في خضم سعينا الدائم لتوفير فرص تعليمية عالمية لأبنائنا، تهبّ علينا رياح الغربة محمّلة بالخوف والقلق، لا سيما حين تعصف بنا حادثة مؤلمة كالتي وقعت في لندن مؤخرًا، حين فُقد أحد شبابنا في ظروف غامضة، ثم عُثر عليه لاحقًا جثة هامدة. حادثة هزّت القلوب، وأعادت إلى السطح أسئلة لا تهدأ: إلى أي مدى نحن مطمئنون على فلذات أكبادنا في الخارج؟ وهل بات الأمان رفاهية خارج حدود الوطن؟ كثيرون يختارون الابتعاث والتعلّم خارج البلاد، بدافع البحث عن التميّز الأكاديمي والانفتاح على العالم، وهذا بلا شك طموح مشروع. لكن هل يستحق الطموح أن يكون على حساب الأمان النفسي والجسدي؟ وهل نملك نحن كأمهات وآباء أن ننام مطمئنين بينما أبناؤنا يواجهون تحديات الغربة، من عنصرية، وانفلات أمني، وضعف رقابة، وبُعد عن الحضن الدافئ؟ حادثة لندن فتحت أعيننا من جديد على قيمة الوطن. على أن التعليم لا يُقاس فقط بجودة المناهج، بل أيضًا بسلامة الطالب، واستقراره، وشعوره بالانتماء. كما أكدت لنا أن الاستثمار الحقيقي يجب أن يُوجّه نحو تطوير جامعاتنا، والارتقاء ببيئة التعليم في الداخل، لنصنع نموذجًا تعليميًا منافسًا، يغنينا عن الغربة.