خلص مسح أجرته "رويترز" إلى أن قرار إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترمب بخفض جميع المساعدات الخارجية الأميركية تقريبا أدى إلى توقف العشرات من مشاريع المياه والصرف الصحي في جميع أنحاء العالم قبل اكتمالها، مما يشكل مخاطر جديدة للأشخاص الذين كان من المفترض أن يستفيدوا منها. وحددت رويترز 21 مشروعا غير مكتمل في 16 دولة بعد التحدث إلى 17 مصدرا مطلعا على خطط البنية التحتية. ولم تُنشر أي تقارير عن معظم هذه المشروعات من قبل. ووفقا لمقابلات مع مسؤولين أميركيين ومحليين ووثائق داخلية اطلعت عليها "رويترز" فإنه مع إلغاء تمويلات بمئات الملايين من الدولارات منذ يناير، اضطر العمال إلى ترك أعمال الحفر دون اكتمال ولوازم البناء دون حراسة. ونتيجة لذلك، وجد الملايين من الناس الذين وعدتهم الولاياتالمتحدة بتوفير مياه شرب نظيفة ومرافق صرف صحي آمنة وفعالة أنفسهم مضطرين لتدبير أمورهم بأنفسهم. ويقول مسؤولان أميركيان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتيهما إن العمل توقف في أبراج المياه التي كان من المفترض أن تخدم المدارس والعيادات الصحية في مالي. وفي نيبال، توقفت أعمال البناء في أكثر من 100 شبكة لمياه الشرب، مما أدى إلى ترك إمدادات السباكة و6500 كيس من الإسمنت في المجتمعات المحلية. وقال براديب ياداف وزير إمدادات المياه في نيبال إن بلاده ستستخدم أموالها الخاصة لاستكمال المشروعات. وفي لبنان، ألغي مشروع لتوفير الطاقة الشمسية الرخيصة لمرافق المياه، مما تسبب في فقدان نحو 70 شخصا لوظائفهم وأوقف خطط تحسين الخدمات الإقليمية. وقالت سوزي حويك المستشارة بوزارة الطاقة في لبنان إن المرافق تعتمد الآن على الديزل ومصادر أخرى للطاقة. وفي كينيا، يقول سكان مقاطعة تايتا تافيتا إنهم أصبحوا الآن أكثر عرضة للفيضانات، إذ يمكن أن تنهار قنوات الري نصف المكتملة وتجرف المحاصيل. ويقول قادة المجتمع المحلي إن تكلفة الحد من المخاطر تبلغ ألفي دولار، أي ضعف متوسط الدخل السنوي في المنطقة. وأدى حل ترمب للوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى ترك مساعدات غذائية وطبية قادرة على إنقاذ الأرواح لتفسد داخل المستودعات، كما أسفرت عن فوضى عصفت بالجهود الإنسانية حول العالم. وأفاد بحث نشر في دورية ذا لانسيت الطبية بأن هذه التخفيضات قد تتسبب في وفاة 14 مليون شخص إضافي بحلول عام 2030. وتقول إدارة ترمب ومؤيدوها إن الولاياتالمتحدة يجب أن تنفق أموالها على ما يعود بالنفع على الأميركيين في الداخل بدلا من إرسالها إلى الخارج، ويقولون إن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية حادت عن مهمتها الأصلية. وتبلغ الميزانية السنوية لمشاريع المياه الأميركية 450 مليون دولار، لتشكل بذلك جزءا صغيرا من المساعدات الخارجية التي وزعتها الولاياتالمتحدة العام الماضي والبالغة 61 مليار دولار. وقبل إعادة انتخاب ترمب في نوفمبر، لم تكن مشاريع المياه تثير جدلا في واشنطن. وتم إقرار قانون بالإجماع في مجلسي الكونغرس عام 2014 زاد التمويل إلى مثليه. ويقول مؤيدو هذا الإنفاق إن الولاياتالمتحدة حسنت على مر السنين حياة عشرات الملايين من خلال تركيب المضخات وشق قنوات الري وبناء دورات المياه وغيرها من مشاريع المياه والصرف الصحي. وقال جون أولدفيلد، وهو مستشار ومدافع عن مشاريع البنية التحتية للمياه، إنها تعني أن يكون الأطفال أقل عرضة للموت من الأمراض التي تنقلها المياه مثل الإسهال، وتكون احتمالات بقاء الفتيات في المدارس أعلى، وتقل احتمالات تجنيد الشبان في صفوف الجماعات المتطرفة. وتساءل "هل نريد فتيات يحملن الماء على رؤوسهن لعائلاتهن؟ أم نريد أن يحملن الكتب المدرسية؟". ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية، التي تولت مسؤولية المساعدات الخارجية بدلا من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، على طلب التعليق على تأثير وقف مشاريع المياه. واستعادت الوكالة بعض التمويل لمشاريع منقذة للحياة، لكن وزير الخارجية ماركو روبيو قال إن المساعدات الأميركية ستكون محدودة أكثر من الآن فصاعدا.