مع اقتراب موسم الصيف وامتلاك الأطفال وقتاً أطول خارج المدرسة، تزداد أهمية إيجاد أنشطة وتجارب ترفيهية تُعزز التواصل الأسري وتُسهم في نموهم النفسي والاجتماعي. في هذا السياق، تحاورنا مع الأستاذة رزانا البنوي خبيرة علاقات إنسانية، لمساعدتنا في فهم المحتوى التريفيهي والثقافي في إطار المجتمع الصغيرعبر المحطات الفضائية والمنصات الرقمية ووسائل التواصل الإجتماعي، وكيف يدعم الأسر خلال هذه فترة الصيف، فإلى الحوار: * كيف يمكن للأهل الاستفادة من وقت الفراغ الطويل خلال الصيف وذلك لتعزيز الترابط الأسري؟ * حقيقة، الصيف يُعَد فرصة ذهبية لتجارب عائلية بسيطة وعميقة الأثر، مثل مشاهدة فيلم وثائقي ومناقشته لاحقاً، أو الطبخ الجماعي أثناء تبادل الحديث عن أحداث يومهم. الوالدية في العصر الرقمي لا تعني الصراع مع الأجهزة، بل فرصة لاستخدام المحتوى بذكاء لصناعة ذكريات وتجارب إنسانية وتعليمية، دون حرمان الأطفال من متعة الشاشة أو إغفال قيم الحياة الواقعية. إذ يمكن للأهل استثمار وقت الفراغ عبر أنشطة مشتركة مثل الأعمال الفنية: الرسم، التلوين، أو استخدام كتب وبرامج تقدم أفكاراً إبداعية. كما أن المخيمات الصيفية والأنشطة اللامنهجية تُعد خيارات قيّمة تسهم في تعزيز العلاقات الأسرية. * ما نوع الأنشطة أو المحتوى الذي يمكن أن يجمع بين الترفيه والتثقيف للأطفال؟ * أفضل الجمع بين الترفيه والتعلم دون تكلُّف، كأن نشاهد معًا وثائقيات عن الطبيعة أو التكنولوجيا، ثم نناقش ما تعلمناه أثناء تناول وجبة خفيفة، أو نُعيد تمثيل مشهد أثار فضولهم. بهذه الطريقة يتحوّل المحتوى الترفيهي إلى مساحة تعليمية وحوار عائلي دون أن يشعر الطفل بأنه في "حصة دراسية". الأنشطة الحركية والفنية والاجتماعية كلها تجمع بين الفائدة والترفيه. مثل مشاهدة فيلم برفقة الأهل أو الأصدقاء، ما يعزز التفاعل ويثري وقت الفراغ. *ما أبرز التحديات التي تواجه العائلات في إيجاد توازن صحي بين استخدام الشاشات والاستمتاع بالأنشطة الواقعية خلال العطلة الصيفية؟ * التحدي الأكبر يمكن في الانجراف خلف استهلاك المحتوى لساعات دون انتباه أو وعي، لذا أنصح دائمًا باستخدام أدوات الرقابة الأبوية لتحديد الأوقات، وربط "وقت الشاشة" بأنشطة واقعية تكميلية مثل المشي، أو الفن التشكيلي، حول موضوع تم مشاهدته. فيتحول المحتوى إلى مُحفّز للتجربة الواقعية بدلاً من أن يكون بديلاً عنها. ومن التحديات أيضاً في إيجاد توازن بين استخدام الشاشات والاستمتاع بالأنشطة، صعوبة العثور على محتوى هادف وآمن يحمل قيماً مشتركة بين الأطفال والأهل. حيث يسعى الأهل دوماً لاختيار محتوى يتناسب مع عمر الطفل، شخصيته، واحتياجاته، بحيث يكون إضافة نوعية لتكوينه المعرفي والوجداني. *كيف تساعد أدوات التخصيص الرقمية الأهل في تصميم بيئة ترفيهية تتماشى مع رؤيتهم التربوية وتفضيلات أبنائهم؟ * أدوات التخصيص الرقمية تُتيح للأهل مراقبة المحتوى الذي يستهلكه أبناؤهم من خلال مراجعة العناوين المُشاهدة والتأكد من توافقها مع أعمارهم واحتياجاتهم. كما تفتح باباً للحوار الشيق والتعليمي بين الأهل والأبناء، وتمكّن الأهل من توجيه التجربة الترفيهية نحو مشاركة معرفية وتفاعلية تُثري الطرفين من اكتشاف معلومات جديدة والتفكر بنقد وتحليل في المعرفة الجديدة المكتسبة. ميزة تخصيص الحسابات على المنصات مثل نتفليكس وغيرها تُساعد في التحكم بالمحتوى بما يتماشى مع القيم العائلية، الفئات العمرية، والاهتمامات الفردية، مما يضمن تجربة آمنة وغنية تحفّز الفضول والتعلم. *هل ترى أن تنوع مصادر الترفيه مثل الكتب، والأفلام، والألعاب يساهم في تطوير وعي الطفل الثقافي والاجتماعي خلال وقت الفراغ؟ * بكل تأكيد. عندما نتيح للأطفال مزيجاً من الكتب، الأفلام الوثائقية، الأنشطة الفنية، والألعاب التفاعلية، فإننا نُوسّع آفاقهم ونعزز مهارات التفكير النقدي و الفضول الإيجابي لديهم، بدلًا من الاعتماد على نوع واحد من الترفيه. هذا التنوع يخاطب أنماط التعلم المختلفة: الحركية، السمعية، البصرية، والحسية. وكلما دمجنا عناصر الإنسان من فكر ومشاعر وسلوك، تحقق تعلُّم عميق وتجربة خبروية تبقى في الذاكرة طويلة الأمد، ويعود إليها الفرد عند الحاجة. *ما الدور الذي يلعبه تنوع المحتوى على المنصات العالمية في مساعدة الأسر على اختيار برامج تتماشى مع قيمهم واهتماماتهم المتعددة؟ * هناك أدوار مختلفة وواضحة على نتفليكس وغيرها، يُتيح للعائلات انتقاء ما يتماشى مع اهتماماتهم وقيمهم، سواء من برامج تعليمية، وثائقيات، أو أعمال درامية تُحفّز على نقاشات عائلية قيّمة. هذا التنوع يُمكن الأهل من توجيه التجربة الترفيهية، بحيث تصبح وسيلة للتعلّم والتقارب بدلاً من استهلاك سلبي. على سبيل المثال، شاهدت مع أطفالي مسلسل "Mo" الذي يناقش قضايا الهجرة والتأقلم مع ثقافات جديدة، وقد فتح أمامنا حوارات مهمة عن الهوية، والتقدير، والاندماج بأسلوب بسيط وفعّال. *ما أهمية تقديم تجارب مشاهدة مخصصة للأطفال تساعد الأهل في توجيه اختياراتهم نحو محتوى يُعزز نمط حياة متوازن ومفيد خلال الإجازة؟ -المشاهدة المخصصة للأطفال تُعطي الأهل طمأنينة بأن المحتوى مناسب ومفيد. ويمكن أن تكون أداة تربوية فعالة لتعزيز نمط حياة متوازن. على سبيل المثال، مشاهدة وثائقي قصير يتناسب مع أعمارهم قد يُشكّل مقدمة لنشاط واقعي مثل نزهة في الطبيعة أو مشروع بحثي بسيط. وبهذا، تتحول الإجازة إلى مساحة للنمو، والتعلم، والمتعة في آنٍ واحد. رزانا البنوي خبيرة علاقات إنسانية