منذ أعوام قليلة، كانت الرياضة السعودية تتحرك في إطار محلي محدود، تراهن على ولاء الجماهير وتكتفي ببطولات داخلية تزرع الفرح في مدرجات الوطن. أما اليوم، فإن المملكة العربية السعودية تكتب فصلاً جديدًا في كتاب المجد الرياضي، حيث لم تعد الرياضة مجرد نشاط ترفيهي، بل أصبحت إحدى ركائز مشروع وطني متكامل يُعيد رسم صورة المملكة عالميًا. وفي قلب هذا التحوّل الجذري، تلمع راية نادي الهلال السعودي كرمز للقدرة والإصرار، وكشاهد حيّ على أن الأندية السعودية لم تعد تكتفي بالمشاركة، بل باتت تنافس وتنتصر. فقد حقق الهلال إنجازًا تاريخيًا بمشاركته للمرة الرابعة في بطولة كأس العالم للأندية، ليصبح أول نادٍ سعودي يكرّر هذا الحضور في البطولة العالمية الأبرز على مستوى الأندية، إن ما فعله الهلال لم يكن مجرد تسجيل حضور رمزي في سجلات البطولة، بل كان بصمة من نور رسخت اسم الكرة السعودية في ذاكرة العالم. لقد أظهر الفريق أداءً احترافيًا يعكس نضجًا فنيًا ومنهجية إدارية احترافية، جعلت منه خصمًا ندّيًا لعمالقة الكرة العالمية من الحضور المتوازن على المستطيل الأخضر، والانضباط التكتيكي العالي، والانتماء الصادق للشعار، جميعها جعلت من الهلال سفيرًا رياضيًا مشرفًا للمملكة، وأثبت أن الفرق السعودية تمتلك من الكفاءة ما يُمكّنها من صناعة الإنجاز، لا انتظار حدوثه. وإذا ما عدنا إلى السياق الأوسع، فإن هذه القفزة لم تأت من فراغ، بل هي ترجمة عملية لتوجّه استراتيجي أرسته رؤية المملكة 2030، التي ارتقت بالرياضة إلى مصاف القطاعات الحيوية ومنحتها عمقًا يتجاوز حدود الملاعب نحو التنمية والتمكين والهوية فقد شهدت المملكة استثمارات ضخمة في البنية التحتية الرياضية، من إنشاء ملاعب بمعايير عالمية، إلى تأسيس أكاديميات تحتضن الموهبة وتصقلها، فضلًا عن برامج تطويرية تمكّن الأندية والاتحادات من تجاوز التحديات وتحقيق التطلعات. وفي ضوء هذه المنظومة، لم تعد الألقاب مجرّد أحلام مؤجلة، بل أصبحت محطات متكررة في رحلة الإنجاز. بات اسم «المملكة العربية السعودية» مألوفًا في قوائم التتويج، حاضرًا في كبرى البطولات، مرهوبًا في المنافسة، ومحط اهتمام الصحافة الرياضية الدولية. وإذا كان نادي الهلال قد جسّد النموذج الأبرز في هذه المرحلة، فهو يفعل ذلك انطلاقًا من روح تنافسية عميقة تشاركه فيها أندية سعودية أخرى تنمو وتتمدد بثبات، في مشهد كروي يبرهن أن التميز لم يعد حكرًا على قلة، بل بات ثقافة وطنية تسري في شرايين الرياضة. إن الرياضة السعودية اليوم ليست فقط في طور التطور، بل في قلب صناعة المجد. وهي تمضي بخطى مدروسة وثابتة، متكئة على دعم قيادة تؤمن بالرياضة كقوة ناعمة تصنع التأثير، وتختصر المسافات نحو العالم أما الهلال، فهو ليس مجرد نادٍ يحقق الانتصارات، بل هو لسان حال وطن يقول للعالم: هنا رياضة تتنفس الطموح، وتكتب التاريخ بلغة الإنجاز. *الرئيس التنفيذي في مشروع صناعة السياحة لرؤية المملكة 2030 طلال بن علي الضاحي