الملك وولي العهد يعزيان رئيس العراق في وفاة شقيقه    وزير البلديات والإسكان: رؤية للتحول نحو أول وزارة ذكية في العالم    متنزه Six Flags في القدية يستقبل الزوار اعتبارًا من 31 ديسمبر المقبل    السعودية ترحب باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس    جمعية القطيف الخيرية تطلق أول سيارة لخدمة ذوي الهمم وكبار السن    مكانة الكلمة وخطورتها    انتصار مهم لنادي بيش في الجولة الرابعة أمام الخالدي    وفاة 11 وفقد 12 إثر انهيار أرضي في إندونيسيا    إندونيسيا تدمر 5.7 طن من الروبيان الملوث بمادة مشعة    هطول أمطار في 8 مناطق ومكة الأعلى كميةً ب58,6 ملم في رابغ    "ليدار للاستثمار" تشارك في "سيتي سكيب الرياض 2025" بمشاريع مبتكرة تواكب التطور العمراني    أمانة جدة تباشر جهودها الميدانية للتعامل مع حالة الأمطار    ترمب: ننظر في طلب السعودية شراء مقاتلات أمريكية    ابتدائية مصعب بن عمير تفعل اليوم العالمي للسكري عبر إذاعة مدرسية تثقيفية    أمير منطقة الجوف يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الصحي الشمالي    حرس الحدود بجازان يحبط محاولة تهريب 144 كيلوغرامًا من القات المخدر    أمطار الخير تعيد البهجة لسماء حائل    60 نوعًا من النباتات المحلية تزدهر في بيئات المدينة المنورة    تجمع الرياض الصحي يبرز دور "المدرب الصحي" في الرعاية الوقائية    ميسي يقود الأرجنتين الى الفوز على أنغولا 2-0 وديا    أرقام مميزة للمنتخب السعودي تحت قيادة رينارد    قسم الإعلام بجامعة الملك سعود يطلق برنامج "ماجستير الآداب في الإعلام"    مؤتمر الشرق الأوسط ال19 للتآكل يختتم أعماله في المنطقة الشرقية    شواطئ منطقة جازان تجذب العائلات… وأجواء نهاية الأسبوع تصنع لحظات ممتعة للجميع    بمشاركة 15 جهة انطلاق فعالية "بنكرياس .. حنا نوعي الناس" للتوعية بداء السكري    فريق DR7 يُتوّج بطلًا ل Kings Cup MENA في موسم الرياض    ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن الإمدادات    زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب قبالة سواحل مملكة تونغا    العنزي يحقق فضية المواي تاي وزن 67 كجم.. وأخضر اليد يكسب العراق    أخضر اليد يتغلب على نظيره العراقي في «الرياض 2025»    الأخضر السعودي يهزم ساحل العاج بهدف أبو الشامات وديًا    مساعد وزير الداخلية يرأس وفد المملكة في المؤتمر الوزاري لبلدان الاتحاد الأوروبي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    معهد البحوث بجامعة أم القرى يطلق 13 برنامجًا نوعيًّا لتعزيز مهارات سوق العمل    الشريك الأدبي قريبا مساحة بين الأدب والفن في لقاء مع الفنانة التشكيلية مريم بوخمسين    مجمع هروب الطبي يفعّل مبادرتين صحيتين بالتزامن مع اليوم العالمي للسكري    بلدية الدلم تضبط 13 مخالفة جسيمة وتغلق منشآة تجارية    شاهين شرورة ب 351 ألف ريال    من النص إلى النشر".. نادي مداد وبيت الثقافة بجيزان يناقشان تجربة الكاتب وقارئه الأول    جمعية عين لطب العيون تنظم فعالية توعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري في جازان تحت شعار "فحصك اليوم    البعيجان: الإخلاص أصل القبول وميزان صلاح الأعمال    الدوسري: برّ الوالدين من أعظم القربات إلى الله    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعزز الوعي بداء السكري في سكرك بأمان    جامعة محمد بن فهد تستذكر مؤسسها في احتفالية تخريج أبنائها وبناتها    موسم الدرعية 25/26 يستعد لإطلاق مهرجان الدرعية للرواية الأحد المقبل    الفن يُعالج... معارض تشكيلية في المستشفيات تعيد للمرضى الأمل    أفضل خمس خدمات بث فيديو    رحلة الحج عبر قرن    غدٌ مُشرق    عدسة نانوية لاكتشاف الأورام    غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة    الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة.. محميتان بحريّتان تجسّدان وعي المملكة البيئي وريادتها العالمية    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    ذاكرة الحرمين    آل الشيخ ورئيسا «النواب» و«الشورى» يبحثون التعاون.. ولي عهد البحرين يستقبل رئيس مجلس الشورى    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لزوم الجماعة
نشر في الرياض يوم 19 - 06 - 2025

من أهم مظاهر لزوم الجماعةِ عدم الافتياتِ على الدولة في تبنّي الآراء والأفكار، وأن لا يتكلّفَ الإنسانُ الخوض في الأمور العامةِ، وأن يكِلَ الحكمَ فيها ورسم ملامحها إلى الدولة وأجهزتِها؛ فإنَّ من المذمومِ شرعاً وعرفاً ونظاماً التَّقدمَ بين أيدي ولاة الأمر والجهاتِ المختصةِ في الأمور العامةِ والأمنيةِ..
لكل مصلحةٍ عاجلةٍ أو آجلةٍ أسبابٌ يرتبط بها وجودها ودوامها، وهذا من حكمة الله تعالى الذي جعل الدنيا دارَ عملٍ وسعيٍ وكدٍّ، وأرشد الناس إلى وسائلَ متنوعةٍ ميسورةٍ يتوصلون من خلالها إلى مصالحهم في معاشهم ومعادهم، فمن أخذ بهذه الوسائلِ نال -بإذن الله- من مقاصده ما كُتِب له، ومن تجاهلها وأعرض عنها فهو المَلومُ شرعاً وعقلاً وعرفاً، ولا بدَّ أن يلاقيَ الإخفاق، وأن يندمَ حين لا ينفعُه ندمٌ، والأسبابُ متفاوتة بحسب أهمية ما تُفضِي إليه، وبحسب شموليته، ومن أهمِّ الأسبابِ الجامعةِ لمصالحِ الدّارينِ لزوم الجماعةِ؛ فإنَّ المصالحَ الدينيةَ والدنيوية مرهونةٌ بوحدةِ الكلمةِ، وسيادةِ النّظامِ، وانسداد أبواب الفوضَى، والنصوصُ الشرعيةُ الصريحةُ الصحيحةُ، والتجاربُ التاريخيةُ المتعددةُ متضافرةٌ على أن الناسَ إذا أهملوا وسيلةَ لزومِ الجماعةِ ضاعت مصالحهم، واتسعت الخروقاتُ الاجتماعيةُ فيهم، وعجزوا عن حفظ شيءٍ من ضرورياتهم من دينٍ ونفوسٍ وعقولٍ وأموالٍ وأعراضٍ، وكانَ حِماهم مستباحاً تنال منه سماسرةُ الفتنِ، هذا على مستوى المجتمع، أما على مستوى الفرد فما من مفسدةٍ محذورةٍ شرعاً وعرفاً إلا وبابُها مفتوحٌ على مصراعيْه لمن استهانَ بالجماعة، وانطوى قلبه على غشٍّ لوليِّ أمر المسلمينَ وعامّتهم، ولي مع لزوم الجماعة وقفات:
الأولى: طبيعة البشر تستدعي المشاحَّةَ والتدافعَ على المرغوبات، ولو تُرك كل فرد منهم وما يشتهي لعمَّ الخراب المعمورة، فكان لا بدَّ من ذي سلطةٍ يُنصف بعضهم عن بعض، ويرسم للمجتمع ما يحقق مصالحه، ويكفُّ من لا تكفُّه زواجر الشرع، ولا تردعه القيم العرفية، كما قال عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: (إن الله ليَزَعُ بالسُّلطان ‌ما ‌لا ‌يَزَعُ بالقرآن)، فأوجبَ اللهُ تعالى بيعةَ وليِّ الأمرِ، والتفاف الجماعة حوله؛ ولأهميَّة الجماعة شأنٌ عظيمٌ في الشّرعِ؛ ولهذا تنوَّعت وجوه تشديده على لزومها، فمنها: إيجاب طاعةِ وليِّ الأمر، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)، ومنها منع الخروج عن الجماعةِ وتغليظ حرمتِه، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا، وَفَاجِرَهَا لَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ، يَدْعُو إِلَى عَصَبِيَّةٍ، أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ"، أخرجه النسائي، وصححه الألباني. ومنها وصمُ المناهضين لولاة الأمر الخارجين عن الجماعة بصفة البغيِ المذمومة شرعاً وعرفاً، وبصفة المروقِ من الدينِ، ولا يُلمِّعُ صورةَ المفارق للجماعةِ تمسُّكه بمظاهرِ التديُّنِ الزّائفة، ففي حديثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ، ويقرؤون القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ"، متفقٌ عليه.
الثانية: الخطُّ المرسومُ للزوم الجماعةِ هو احترامُ أنظمةِ الدولة، فهذه الأنظمة تخاطب كل فردٍ منا بما يأمر به وليُّ الأمر، فالالتزام بها صميمُ طاعتِه الواجبةِ، وأنظمتنا في دولتنا المباركة -بحمد الله تعالى وحسن تيسيره- تمت صياغتها بما يراعي تعاليمَ شرعِنا العظيمِ، وقِيَمَ مجتمعنا النّبيل، وهي كفيلةٌ -بإذن الله تعالى- بتحقيق مصالحنا، وحفظ كرامتنا، وتأمين مستقبلنا ومستقبل ذرياتنا، وهذا من فضل الله تعالى ونعمته التي يجب أن نشكره عليها، وأن لا نغفلَ عن أسباب استدامتنا، وأن نشكر ولاةَ أمرنا على جهودهم في هذا الصدد، وأن نديمَ الدعاءَ لهم بالحفظ والتأييد، واحترام النظامِ مفهومٌ شاملٌ لا يسوغُ أن نتعامل معه بالتشَهِّي والاجتزاءِ؛ فما من مخالفةٍ للنظامِ إلا وهي مفسدةٌ في ذاتها، ويؤدّي الإصرارُ عليها إلى ارتكابِ مخالفةٍ أوسعَ منها، وهلمَّ جرّاً، فاللّائق بالمواطنِ أن يتوقّى مخالفةَ الأنظمةِ، وأن يعيَ أن ذلك يصبُّ في مصلحته الشخصيّة ومصلحة عموم مجتمعه.
الثالثة: من أهم مظاهر لزوم الجماعةِ عدم الافتياتِ على الدولة في تبنّي الآراء والأفكار، وأن لا يتكلّفَ الإنسانُ الخوض في الأمور العامةِ، وأن يكِلَ الحكمَ فيها ورسم ملامحها إلى الدولة وأجهزتِها؛ فإنَّ من المذمومِ شرعاً وعرفاً ونظاماً التَّقدمَ بين أيدي ولاة الأمر والجهاتِ المختصةِ في الأمور العامةِ والأمنيةِ، وقد ذم الله تعالى به المنافقين فقال: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)، فمن الحقِّ الخاص بولي الأمرِ ومن يُنيبُه النظرُ في الأمورِ العامةِ والأحداث المهمّةِ وتمييزُ صوابها من خطئها، ومصلحتُها من مفسدتِها، وإذا زجَّ الفرد العاديُّ بنفسه في ذلك، فقد أتى باباً من أبواب منازعةِ الأمرِ أهلَه، وهو منهيٌّ عنه، وكان مما يبايِعُ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا ينازعوا الأمرَ أهله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.