ترسّخ المملكة خلال مشاركتها العالم باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف الموافق 17 يونيو من كل عام مبدأ تحقيقها التنمية المستدامة لرفع الوعي بالأخطار المتفاقمة للتصحر وأهمية المحافظة على التنوع الحيوي، حيث بذلت جهوداً كبيرة في مجالات مكافحة التصحر والجفاف، والعناية بالموارد الأرضية من غابات ومراعٍ وأراضٍ زراعية والتي هي مصدر الحياة، ويعد اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف يوماً عالمياً يهدف إلى التوعية بمشكلة التصحر والجفاف وأثرهما على البيئة والاقتصاد والمجتمع، وكذلك تعزيز الجهود المبذولة لمكافحتها، والهدف تعزيز الوعي العام بالتصحر والجفاف، وهما من أكبر التحديات البيئية في العصر الحديث، وتاريخ الإعلان جاء عندما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 17 يونيو يومًا عالميًا لمكافحة التصحر والجفاف 1994م، لنشر الوعي حول المشكلة وضرورة تنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر في البلدان المتضررة، وشعار عام 2025 لهذا اليوم "استعادة الأرض.. إطلاق العنان للفرص"، وتكمن أهمية هذا اليوم إلى تسليط الضوء على أهمية استعادة الأراضي المتدهورة، وتأثير ذلك على الأمن الغذائي والمائي، والعمل المناخي، والمرونة الاقتصادية. حماية البيئة وتشارك المملكة في الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، وتعمل على مكافحة هذه الظاهرة من خلال مبادرة السعودية الخضراء التي تهدف إلى حماية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، والمبادرة وطنية طَموحة تهدف إلى التصدي لتداعيات تغير المناخ، وتحسين جودة الحياة، وحماية البيئة، بما يعود بالفائدة على الأجيال القادمة، وسبق وأن أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- مبادرة السعودية الخضراء بهدف تفعيل دور كافة فئات المجتمع، وتوحيد جهود الاستدامة، وتسريع وتيرة العمل المناخي في المملكة، وتدعم المبادرة طموح المملكة المتمثل في تحقيق هدف الحياد الصفري بحلول عام 2060م عبر تبني نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، كما تعمل على تسريع رحلة انتقال المملكة نحو الاقتصاد الأخضر، وتسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف طموحة تتمثل في تقليل الانبعاثات الكربونية، وتشجير المملكة، وحماية المناطق البرية والبحرية، ومنذ الإعلان عن مبادرة السعودية الخضراء، تم إطلاق 77 برنامجاً مختلفاً لدعم هذه الأهداف ودفع عجلة النمو المستدام، باستثمارات تتجاوز قيمتها 700 مليار. تعاون وابتكار وحوّلت المملكة التزاماتها إلى إجراءات ملموسة من خلال توحيد جهود القطاعين الحكومي والخاص، ودعم فرص التعاون والابتكار، كما تمضي بخطىً ثابتة نحو تحقيق طموحاتها المناخية الوطنية ودعم الأهداف العالمية في هذا الإطار، وتتأكد التزامات المملكة بتحقيق الاستدامة وأهميتها كركيزة أساسية لرؤية 2030، وتهدف هذه المبادرة إلى تقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030م، وزراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة خلال العقود القادمة، بما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي، وحماية 30 % من المناطق البرية والبحرية في المملكة بحلول عام 2030م. وركزت المملكة ممثلة في وزارة البيئة والمياه والزراعة وضمن رؤية 2030 على حماية الأراضي والموارد الطبيعية من سوء الاستغلال والتدهور، وبذل الجهود في مجال البحث العلمي وإنشاء المراكز المتخصصة في المجالات المرتبطة بالتنمية المستدامة ومكافحة تدهور الموارد الطبيعية، والعمل من أجل تفادي أسباب تدهور الأراضي والتصحر وفقد التنوع الحيوي، وذلك لإيجاد بيئة سليمة تضمن العيش الكريم للجميع ، حاضراً ومستقبلاً لأبناء المملكة. حصر وتصنيف وتهدف اللائحة التنفيذية لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر التي أعلنتها وزارة البيئة والمياه والزراعة إلى تحديد إجراءات حصر وتصنيف أراضي الغطاء النباتي والأراضي المتصحرة، واجراءات تطويرها وحمايتها ومحتوياتها الحية وغير الحية والعمل على تحسينها كماً ونوعاً، وإعادة تأهيل المواقع المتصحرة وأراضي الغطاء النباتي المتدهورة، وتنظيم إنشاء الغابات والأحمية الرعوية والمتنزهات الوطنية والبرية والجيولوجية واستثمارها والإدارة المستدامة لها وفقاً للإجراءات النظامية المعتمدة، كما تهدف اللائحة لإنشاء وإدارة المشاتل والمعاشب وبنوك البذور ومراكز إكثار البذور للنباتات البرية والساحلية، والتنظيم والإشراف على الرعي في أراضي الغطاء النباتي، وتشجيع إقامة المناحل في أراضي الغطاء النباتي، وتنظيم الاستثمار فيها، وكذلك تحديد اشتراطات وضوابط وقوائم خاصة بالنباتات الغازية والدخيلة والنادرة والمهددة بالانقراض وبيئاتها، وكيفية إصدار المعايير والضوابط والأدلة الإرشادية لأنواع الأشجار والشجيرات والنباتات المناسبة لزراعتها ضمن البيئات المختلفة ومنها النطاق العمراني في مختلف مناطق المملكة، وتدعو وزارة البيئة والمياه والزراعة باستمرار ومع اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف إلى أهمية تعاون الجميع للقضاء على أسباب التدهور البيئي، التي من أهمها الرعي والاحتطاب الجائر، والأساليب الزراعية الخاطئة، إضافة إلى الاستخدام غير المرشد للمياه، والممارسات السلبية أثناء التنزه. استثمار وتمويل وخطت المملكة خطوات عدة لمكافحة التصحر وتعزيز الغطاء النباتي وحماية المراعي الطبيعية، بما في ذلك إنشاء المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، وإصدار الاستراتيجية الوطنية للمراعي الطبيعية، وذلك عام 2019م، الهادف إلى الإشراف على إدارة أراضي المراعي والغابات والمتنزهات الوطنية واستثمارها، والمحافظة على الموارد الوراثية النباتية والغطاء النباتي خارج المناطق المحمية في المملكة بجميع بيئاته، ومكافحة التصحر، ويسعى المركز إلى وضع مبادرات وبرامج ومشروعات لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، ووضع خطط تنفيذية للعمل ومتابعة تنفيذها، واقتراح المقاييس والمعايير والضوابط والاشتراطات البيئية فيما يتعلق باختصاصه، ورفعها إلى الوزارة للاعتماد، مع تطوير وحماية مناطق الغطاء النباتي بجميع بيئاته والموارد الوراثية النباتية، والعمل على زيادة نسبة الغطاء النباتي لدعم مبادرات تنمية الغطاء النباتي وحفظ الموارد الوراثية النباتية، كما يضع المركز الخطط السنوية للرعي وتنظيمه، وتنظيم الاستثمار البيئي في مناطق الغطاء النباتي، وإصدار التراخيص والتصاريح المتعلقة باختصاصاته، إلى جانب إقرار القواعد والشروط والضوابط المتعلقة بالتراخيص والتصاريح التي يصدرها، وتحديد المقابل المالي لها وتحصيله، وإعداد خطط التأهب وقيادة الاستجابة لحالات الطوارئ الخاضعة لاختصاصاته وتنفيذها، والحصول من الأفراد والجهات الحكومية وغير الحكومية على المعلومات والبيانات المتعلقة باختصاصاته وما يحتاج إليه، ويعمل المركز على تشجيع الاستثمار والتمويل في المجالات ذات العلاقة باختصاصاته، وإقامة البرامج التدريبية، واعتماد وجهات مانحة للشهادات مختصة بالتدريب في المجالات ذات العلاقة باختصاصات المركز، وتنظيم نشاطات الإرشاد البيئي وإعداد الدراسات والتقارير المتعلقة لتنمية بالغطاء النباتي ومكافحة التصحر، والتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث والمؤسسات في هذا المجال. حلول علمية وبيّنت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية أن اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، جاء إثر اتفاقيتها الخاصة لمكافحة التصحر "UNCCD" عام 1994م، ويعني تناقص في قدرة الإنتاج البيولوجي للأرض وتدهور خصوبتها، وقد قامت الأممالمتحدة بصياغة معاهدة لمكافحة التصحر في ديسمبر 1996م، تهدف إلى إلزام الدول المعنية بتنفيذ إجراءات على أرض الواقع لمكافحة التصحر وحماية البيئة والمصادر الطبيعية، وصادق عليها في ذلك الوقت 60 بلداً من ضمنها المملكة، وذكرت أن المملكة ومعظم الدول العربية ضمن المناطق القاحلة ذات الأنظمة البيئية الهشة بحكم موقعها الجغرافي نظراً لارتفاع درجات الحرارة وتذبذب كمية الأمطار، مما أسهم تزايد الآثار السلبية لهذه الظاهرة، مشيرةً إلى أنها تقوم بدراسة وتحديد مؤشرات التصحر ومعرفة درجته وامتداده في مختلف مناطق المملكة من خلال الدراسات الجيولوجية والهيدروجيولوجية، وكذلك دراسات التربة وتدهور الأراضي، ودراسة الغطاء النباتي، وذلك عن طريق حصر وتقييم الاستخدامات الحالية للأراضي، وتحديد المناطق المعرضة للتصحر من خلال استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد ونظم المعلومات الجغرافية في التحليل، ورصد وتنفيذ الدراسات الحقلية اللازمة للمناطق المعرضة للتدهور، كما يتم تقييم صلاحية الأراضي الزراعية والاقتراح الأمثل بما يتفق مع مسيرة التنمية المستدامة في المملكة، وتهتم الهيئة بإعداد البرامج لمراقبة الأراضي المتدهورة، إضافة إلى مراقبة زحف الرمال على الطرق الرئيسية والمنشآت والمناطق السكنية، ووضع الحلول العلمية والتوصيات المناسبة للحد من انتشار الظاهرة والحفاظ على المناطق التي ستكون عرضة للتدهور في المستقبل. تنمية مستدامة واستطاعت المملكة ترسيخ مبدأ التنمية المستدامة في مكافحة التصحر والجفاف من خلال مجموعة من السياسات والمبادرات الاستراتيجية التي توازن بين حماية البيئة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.، وفيما يلي أبرز الجهود التي اتبعتها المملكة وهي إطلاق مبادرات وطنية وإقليمية ضخمة، مثل مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والتي تهدف إلى زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، منها 10 مليارات شجرة داخل المملكة، لتسهم في استعادة الغطاء النباتي ومكافحة التصحر وتحسين جودة الهواء وتقليل الانبعاثات، وإيجاد مشروعات التشجير واستعادة الأراضي المتدهورة وتنفيذ مشاريع تشجير حضرية وزراعية وإعادة تأهيل المراعي الطبيعية، وكذلك زراعة أنواع نباتية محلية مقاومة للجفاف، ما يعزز استدامة النظام البيئي، واستخدام التقنيات الحديثة في إدارة المياه، والاستثمار في تقنيات الري بالتنقيط ومعالجة مياه الصرف الصحي لاستخدامها في الزراعة، إضافةً إلى خفض الاعتماد على المياه الجوفية والحد من الاستنزاف العشوائي لها، وإصدار التشريعات وتنظيم الاستخدام، إلى جانب سن قوانين لحماية الأراضي من التدهور، وتنظيم الرعي الجائر، وتطبيق أنظمة المراقبة البيئية على المشاريع التنموية لضمان استدامتها، وتسعى المملكة إلى التعاون الدولي والإقليمي، من خلال الانضمام إلى اتفاقيات دولية مثل اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر -UNCCD-، وإقامة شراكات دولية لتبادل الخبرات في مواجهة الجفاف والتصحر، ورفع الوعي البيئي وتعزيز المشاركة المجتمعية، وإطلاق حملات توعية بأهمية المحافظة على الغطاء النباتي والتربة، وتشجيع القطاع الخاص والمجتمع المدني للمشاركة في المشاريع البيئية، كما تسعى المملكة لإدماج أهداف التنمية المستدامة في رؤية 2030، والتي ركزت على حماية الموارد الطبيعية كجزء أساسي من التنمية المستدامة، إلى جانب إطلاق مشاريع ضخمة مثل نيوم وذا لاين التي تراعي أعلى المعايير البيئية وتستخدم تقنيات حديثة للحفاظ على الموارد، ومن خلال مزيج من السياسات البيئية، والابتكار، والمشاركة المجتمعية، والتعاون الدولي، نجحت المملكة في جعل مكافحة التصحر والجفاف جزء لا يتجزأ من نهجها التنموي المستدام، مما يعكس التزامها بتحقيق بيئة مزدهرة لأجيال الحاضر والمستقبل.