إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإننا لفراقك يا زوجتي لمحزونون، توفيت زوجتي المنومة في أحد المستشفيات بالرياض إثر معاناتها مع الكلى والقلب وجلطة في المخ. وكانت الوفاة ناجمة عن أزمة قلبية حادة، إنا لله وإنا إليه راجعون وتغمدها الله بواسع رحمته وأسكنها فسيح جناته، زوجتي الحبيبة سامية، لقد انتقلتِ إلى جوار الرحمن في يوم الأحد 5 /12 / 1446 إلى العالم الآخر في الساعة السابعة مساءً. أشهد الله وأشهد الناس وأشهد ملائكته أجمعين بأنني راضٍ عنك، فلقد كنتِ لي خير زوجة وعلمتني حب الحياة وحب الناس ودروسًا في الحياة لقد كنتِ خلال 14 عامًا صابرة ومحتسبة في مرضك وراضية بالقدر من الله وتواجهين الآلام بالابتسامة والأمل بالله وتتمتعين بروح الدعابة والضحك مع من حولك وبرغم ظروف مرضك وعجزك عن الحركة في السنوات الأخيرة، حيث لم يؤثر هذا على روحك الجميلة الله يرحمك يا صاحبة الروح الجميلة يا ذات القلب الطيب الأبيض النقي الذي لا يعرف الكراهية أو الحقد أو الحسد أو أذية الناس حبيبتي لقد فقدتك يا أنس الحياة، حتى الناس بعد رحيلك في العزاء ما زالوا يذكرونك بالخير سواء كانوا الأقرباء أو البعيدين، إنها سيرتك الطيبة يا حبيبتي، لقد كنتِ نعم الزوجة والشريكة الوفية والتي تحب أن تبادر وتضحي لأجل سعادة زوجها وأبنائنا وبناتنا، أنا لا أنسى تضحياتك لأجلي وبيعك ذهبك من غير علمي ثم فاجأتيني بالمال لكي تساعديني في ضائقتي المالية وحينما عاتبتك لماذا فعلتِ ذلك، قلتِ لي «إذا لم أفعل ذلك، فلا أستحق بأن أكون زوجتك وأن الزواج مشاركة في السراء والضراء» وكذلك لم أنس مشاركتك بالنصيب الأكبر في ترميم منزلنا وتأثيثه، حبيبتي سامية لقد رحلتِ وتركتيني وحيدًا، أنا لن أجد امرأة مثلك، لقد ضحيتِ وتحملتِ المسؤولية في بداية زواجنا حينما كنت أعمل في اليوم 15 ساعة، حيث كنتِ تقومين بتربية أولادنا وبناتنا وإطعامهم وتدريسهم في غيابي بالعمل وبرغم ذلك كنت صابرة وقائمة بواجباتك تجاهي على أكمل وجه، لكن ما يخفف عني الألم وفراقك حينما كنتِ مسجاة على الفراش وقبلت جبينك قبلة الوداع بعدما أخذ الله أمانته كنتِ مبتسمة ومشرقة ورافعة إصبع السبابة بالتشهد وكأنك لا تشعرين بالألم والمرض وهذا خفف عني الألم كثيرًا لأنها والحمد لله خاتمة حسنة ولأنك ذاهبة لرب كريم رحيم، فالله قد اختارك بجواره في هذه العشر المباركة من ذي الحجة. حبيبتي مازلت أتذكر كلماتك الجميلة وضحكاتك ومزاحنا معًا في أرجاء المنزل وحتى وأنتِ على فراش المرض، لقد كنت سعيدًا وراضيًا بالتعب لأجلك في مواعيد مراجعاتك في عيادات المستشفيات، لأجل أن ترتاحي وأرى رضاك وابتسامتك على محياك وحتى تأخذي بالأسباب، لكي لا ألوم نفسي بالتقصير تجاهك فيما إذا تدهورت صحتك، لقد تحسنت صحتك كثيرًا بمستشفى المملكة ولكني فوجئت بالاتصال من المستشفى بأنك تعرضتِ لأزمة قلبية حادة والتي عصفت بك فجأة وبعد تلقي خبر الصدمة وذهبت لمقابلة الأطباء لم أتمالك نفسي ودموعي أمامهم وبكيت كالطفل الذي فقد أمه وعلمت بعدها أن الله قد اختارك لجواره ليريحك من عناء رحلة المرض أربعة عشر عامًا. لقد عشت معك على الحلوة والمرة وعشت بسعادة ورضا في عافيتك ومرضك ولم أندم في يوم من الأيام على زواجي منك، بل اعتبرت ذلك أكبر نعمة وهدية من الله لي، فالله هو الذي أعطاني إياك وهو الذي أخذك مني، فوداعًا، ولكن لنا لقاء بإذن الله في جنة الخلد، كلنا سنرحل عن هذه الدنيا الفانية والقصيرة وحتى هذه الأرض والسماوات ستفنى وسيبدلها الله سبحانه بأرض وسماوات أخرى، حيث سنعيش بعد ذلك في عالم الخلود الذي بلا موت ولا مرض ولا حزن ولا ألم ولا مشقة ولا تعب ولا فراق ولا رحيل، هناك حياتنا ستكون أفضل يا زوجتي، وسوف أدعو الله كثيرًا لنكون معًا في جنات النعيم. إلى اللقاء يا زوجتي الحبيبة فمهما طالت الحياة وابتعدت عنك وابتعدت عني فأنتِ في قلبي، ولنا لقاء معًا بإذن الله عند رب العزة والجلال وأستودعك الله يا قطعة من قلبي.