علن الجيش الروسي أمس عن شن هجوم على منطقة دنيبروبتروفسك المتاخمة لدونيتسك في شرق أوكرانيا، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ثلاثة أعوام. ويشكل دخول الجيش الروسي لمنطقة دنيبروبتروفسك (وسط شرق) والذي لم تؤكده أوكرانيا، إخفاقا رمزيا جديدا للقوات الأوكرانية التي تواجه صعوبات على الجبهة على صعيد العديد والعتاد. وقال الجيش عبر تلغرام إن «وحدات من الفرقة 90 المدرعة بلغت الحدود الغربية لجمهورية دونيتسك الشعبية وتواصل شن هجوم على أراضي منطقة دنيبروبتروفسك»، مستخدما تسمية موسكو لمنطقة دونيتسك بعد إعلان ضمها. كذلك، أعلنت موسكو السيطرة على قرية زاريا الصغيرة في منطقة دونيتسك. وفي ما يتجاوز البعد الرمزي، يمكن أن تكون لهذا التقدم الذي سجلته القوات الروسية قيمة استراتيجية ميدانية، في وقت تدفع الولاياتالمتحدة نحو مباحثات دبلوماسية بين موسكو وكييف سعيا الى وضع حد للنزاع. وكتب الرئيس الروسي السابق والمسؤول الثاني في مجلس الأمن القومي دميتري مدفيديف على تلغرام «كل من يرفض الاعتراف بحقائق الحرب خلال المفاوضات سيواجه حقائق جديدة على الأرض. قواتنا المسلحة شنت هجوما في منطقة دنيبروبتروفسك». ويرى بعض المراقبين أن الروس قد يكونون عازمين على المضي في تقدمهم في المنطقة، بحيث يلحقون خسائر بمنظومة الدفاع الأوكرانية في حوض دونباس، الامر الذي يشكل أولوية أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. «أخطار عديدة» وقبل الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022، كان نحو ثلاثة ملايين شخص يقيمون في منطقة دنيبروبتروفسك، حوالى مليون منهم في العاصمة الاقليمية دنيبرو التي تتعرض على الدوام لضربات روسية بمسيرات وصواريخ. وقال المحلل العسكري الأوكراني اوليكسي كوبيتكو إن تقدما روسيا في منطقة دنيبروبتروفسك ينطوي «على أخطار عديدة بالنسبة الى روسيا تفوق فوائده» بسبب «استحالة تركيز عدد كاف من القوات لتحقيق اختراق». وسلم الوفد الروسي كييف قائمة مطالب في مقدمها انسحاب قواتها من أربع مناطق أعلنت موسكو ضمها، وتراجع أوكرانيا عن رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، والحد من حجم قواتها المسلحة. ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء هذه الشروط بأنها «إنذارات» غير مقبولة. ويأتي إعلان الهجوم الجديد في وقت تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بعرقلة عملية تبادل للأسرى كانت مقررة نهاية هذا الاسبوع، وشكلت النتيجة الوحيدة الملموسة لمفاوضات مباشرة عقدت بداية الأسبوع، بعد أكثر من ثلاثة أعوام من بدء الهجوم الروسي في فبراير 2022. حفظ الجثث في شاحنات مبردة فيما قال مسؤولون روس إنهم لا يزالون بانتظار نقل جثامين 1212 جنديا أوكرانيا سقطوا في المعارك، حيث يجري حفظ الجثث في شاحنات مبردة قرب الحدود المشتركة، مطالبين الجانب الأوكراني باستلامها. وقال ممثل وزارة الدفاع الروسية، ليفتنانت جنرال ألكسندر زورين، لوسائل إعلام روسية، إن الجانب الروسي ينتظر إعلانا عبر القنوات الأوكرانية بشأن ما إذا كان سيتم تنفيذ «العملية الإنسانية» أم سيتم تأجيلها حتى الأسبوع المقبل. وأضاف الجنرال الروسي: «نحن مستعدون لتسليم أكثر من ستة آلاف جثة في قوافل، عن طريق النقل البري والسكك الحديدية». وعرض التلفزيون الروسي الحكومي شاحنات بيضاء تابعة لوزارة الدفاع المدني على طريق مزدحم أثناء نقلها الجثامين ضمن عملية التسليم المخطط لها. ونشر زورين مقطع فيديو، عبر قناة وزارته على تطبيق تليجرام أمس ، يظهر شاحنات مبردة محملة بأكياس تحتوي على رفات الجنود الأوكرانيين. وتساءلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، مستشهدة ب «زورن»، عبر قناتها على تليجرام، ، عما إذا كان قرار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «شخصيا بعدم استلام جثث الأوكرانيين»، أم أن «أحدا من الناتو منعه من ذلك». من جانبها، قالت السلطات الأوكرانية إن الخطط التي تم الاتفاق عليها خلال المحادثات المباشرة في إسطنبول يوم الإثنين تسير وفقا لما هو مقرر، رغم ما وصفه رئيس الاستخبارات الأوكرانية، كيريلو بودانوف، بمحاولات روسية ل»فرض شروط أحادية الجانب في عملية التبادل»، بحسب وكالة أسوشيتد برس (أ ب) وقال بودانوف في بيان عبر تليجرام : «نحن نلتزم بدقة بالاتفاقات التي تم التوصل إليها في إسطنبول. من ومتى وكيف يتم التبادل لا ينبغي أن يكون قرارا أحاديا من طرف ما. يجري حاليا الإعداد بدقة، والضغط والتلاعب غير مقبولين في هذا السياق.» وأضاف البيان: «من المقرر أن تبدأ أنشطة إعادة الجثث استنادا إلى نتائج المفاوضات في إسطنبول الأسبوع المقبل، وتم إبلاغ الأشخاص المخولين بذلك يوم الثلاثاء. كل شيء يسير حسب الخطة، رغم الحملة الإعلامية القذرة للعدو.» وكانت روسياوأوكرانيا قد تبادلتا الاتهامات يوم السبت بشأن تعريض خطة تبادل جثامين ستة آلاف جندي قتلوا خلال المعارك للخطر، وهي الخطة التي تم الاتفاق عليها خلال المحادثات في إسطنبول، والتي لم تُحرز أي تقدم يُذكر بشأن مسار إنهاء الحرب. ونشر رئيس سلطات الاحتلال في الجزء الخاضع لسيطرة روسيا من منطقة زابوريجيا الأوكرانية، يفجيني باليتسكي، عبر قناته على تطبيق تليجرام، البيانات الشخصية وأماكن وفاة الجنود القتلى. وذكرت تقارير أن العديد منهم لقوا حتفهم في منطقة كورسك الروسية، حيث سيطرت القوات الأوكرانية على عشرات البلدات في أغسطس من العام الماضي. وأعلنت روسيا تكبد القوات المسلحة الأوكرانية خسائر فادحة خلال العملية العسكرية لاستعادة المنطقة. وتم الاتفاق على إعادة الجثث وتبادل جديد للأسرى يشمل 1200 أسير من كل جانب خلال محادثات مباشرة عقدها ممثلون عن كييف وموسكو في إسطنبول في بداية يونيو الجاري.