نيابةً عن وزير الخارجية.. نائب وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري لمجلس جامعة الدول العربية    إتاحة الدراسة عامين لخريجي الثانوية الراغبين في رفع معدلاتهم التراكمية    «سلمان للإغاثة» يوزّع (1.500) سلة غذائية في ولاية النيل الأبيض السودانية    ارتفاع غير متوقع لمخزون النفط في أمريكا    إحباط تهريب (105,000) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي و(31.5) كجم "حشيش" في جازان    "عجيب" تخطف كأس مهرجان ولي العهد للهجن لفئة "الحقايق"    هالاند يقود النرويج للفوز على فنلندا وديا    ماكرون: 26 دولة مستعدة للمشاركة في قوة «طمأنة أوكرانيا»    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب شمال باكستان    الجوف تشهد انطلاقة أعمال السجل العقاري    منتخب السعودية يتفوق على مقدونيا وديًا    ألكسندر ميتروفيتش إلى الريان القطري    تخريج 121خريجًا من الدورة التأهيلية ال 54 للضباط الجامعيين ودورة بكالوريوس العلوم الأمنية    أمين منطقة تبوك يلتقي المستثمرين ورجال الأعمال في غرفة جدة    محافظ الخبر يدشن المؤتمر الدولي الخامس لمستجدات أمراض السكري والسمنة    الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تختتم النسخة الثانية من برنامجها التدريبي الجامعي    سوق العمل الخليجي ينمو بنسبة 25% خلال أربع سنوات    ‫شقيق الزميل الراشد في ذمة الله    بيشكتاش يطلب ضم لابورت    بالدمام إحالة مقيم إلى النيابة لبيعه مستحضرات غير مسجلة    تياغو بيزيرا.. مسيرة "مهندس الصعود" في الملاعب السعودية    السعودية تفرض قيوداً على لعبة روبلوكس لتعزيز الأمان الرقمي    غرفة الرس تستعرض منجزاتها في الدورتين الثالثة والرابعة    بنك التنمية الاجتماعية والثقافة والفنون بالرياض يستعرضان نجاحات "بنك الفن"    الطريق البري بين المملكة وعُمان إنجاز هندسي في قلب الربع الخالي    استخدام الإنترنت في السعودية يقفز ل 3 أضعاف المعدل العالمي    احتجاجات إسرائيلية قرب منزل نتنياهو للمطالبة بصفقة غزة    ارتفاع حصيلة الضحايا وسط تفاقم المجاعة.. الجيش الإسرائيلي يطوق غزة    بسبب أزمة كأس السوبر.. «اتحاد القدم» يقيل القاسم والمحمادي أميناً    الواحدي والدغاري يحتفلان بزفاف محمد    «منارة العلا» ترصد الخسوف الأحد المقبل    كشافة شباب مكة يطمئنون على الهوساوي    تدهور إنساني متصاعد غرب السودان.. الجيش يشن غارات مكثفة على مواقع الدعم السريع    أسماء جلال تنتهي من فيلم «إن غاب القط»    «مدل بيست» تفتح طريق العالمية للموهوبين    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    نجاح علاج أول مريضة بالخلايا التائية المصنّعة محليًا    إنجاز سعودي.. أريج العطوي تحصل على براءة الاختراع الأميركية في تحسين التوازن النفسي    100 % امتثال تجمع جدة الصحي الثاني    "ملاحم الدولة السعودية" يوثق ثلاثة قرون من البطولة والتوحيد..    ركن الوراق    السينما لا تعرف الصفر    السلطة تقلب المبادئ    حُسنُ الختام    تذكر النصر العظيم، وبناء مستقبل مشرق معًا    عالم بشع    اليوم الوطني السعودي.. عزنا بطبعنا    الأديب جبير المليحان.. نصف قرن من العطاء    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة ينقذ حياة «صيني» مصاب بعيب خلقي أدى إلى انسداد الأمعاء    منع تجاوز الحواجز التنظيمية في الحرمين    6 مليارات ريال قروضا زراعية بالشرقية    فضيلة المستشار الشرعي بجازان "التماسك سياج الأوطان، وحصن المجتمعات"    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    نص لِص!!    ميلاد ولي العهد.. رؤية تتجدد مع كل عام    خطبة الجمعة.. حقوق كبار السن وواجب المجتمع تجاههم    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    المملكة تعزي السودان في ضحايا الانزلاق الأرضي بجبل مرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وعي صحي رقمي بلغات مُتعددة.. دلالات الحج بصحة
نشر في الرياض يوم 20 - 05 - 2025

التعدد اللغوي للحقيبة الصحية التوعوية لا يُمثّل فقط ترجمة حرفية للمحتوى، بل يُعبّر عن عمق فِقهي وإنساني يُراعي أن الوعي لا يكتمل إلا إذا وصل بلغة القَلب والعقل معًا، وهنا؛ يتحوّل الحاج من متلقٍ سلبي إلى شريك فاعل في الوقاية الصحية، وهذا ما تسعى إليه المنظومة الصحية ضمن جهودها في التحول من علاج المرض إلى بناء الثقافة الوقائية..
في كل عام، تتجه أفئدة الملايين من المسلمين إلى المشاعر المقدسة، حيث تتجسد أعظم شعائر الإسلام في رحلة الحج، ومع هذا التدفق الإنساني المتنوع، الذي يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية واللغوية، تبرز الحاجة الماسة إلى استجابة صحية متقدمة وشاملة تُراعي هذا التنوع، وفي موسم حج 1446ه، جاء إصدار وزارة الصحة ل "الحقيبة الصحية التوعوية" كاستجابة ذكية، تحمل في طياتها بُعدًا إنسانيًا، ورؤية استشرافية، ومنهجًا رقميًا متكاملًا في التوعية والوقاية.
بعد الاطلاع على مكونات الحقيبة الصحية، يمكنني القول: إنها أبعد من أن تكون حزمة معلومات، بل هي مشروع توعوي متكامل، يستند إلى رؤية السعودية 2030، ويعكس التزام "المنظومة الصحية" الوطنية الراسخ بخدمة ضيوف الرحمن، عبر برنامج "تحول القطاع الصحي" وبرنامج "خدمة ضيوف الرحمن"، فضلًا عن كونها بوصلة صحية موجهة إلى الحجاج كافة، تنقل الوعي بأسلوب معاصر، وتخاطب الإنسان بلغته، وتُصمم محتواها بمهنية تُجسّد احترافية القطاع الصحي السعودي في ظل الرؤية الطموحة.
ما يميز هذه الحقيبة، أنها جاءت لتُقدّم المعرفة الصحية في حُلة رقمية مرنة ومتنوعة، معتمدة على خمسة مكونات رئيسة، وهي: المنتجات التوعوية، والفيديوهات الإرشادية القصيرة، والمطبوعات التثقيفية، إضافة إلى دليل الإرشادات الصحية الشامل، وأخيرًا، رسائل وقائية مركزة حول التعامل مع الإجهاد الحراري وضربات الشمس.
وفي موسمٍ يتميز بدرجات حرارة مرتفعة وازدحام بشري كثيف، يبرز البُعد الوقائي كأولوية، لذا، احتوت الحقيبة على نصائح في غاية الأهمية، مثل: استخدام المظلات المصنوعة من البوليستر أو النايلون، والتي تُسهم في خفض درجة حرارة الجسم بمقدار يصل إلى 8 درجات مئوية، كما نُصح الحجاج بشرب كميات كافية من المياه، وترطيب الجسم بانتظام، وتناول الأغذية المتوازنة، والابتعاد عن الإجهاد البدني غير الضروري، وكل ذلك قُدّم بلغة سهلة، وبتصميم بصري جاذب.
ولأن الحاج لا يأتي من بيئة لغوية واحدة، بل من أطياف العالم الإسلامي المتعددة، ودول الأقليات المسلمة من هناك وهناك، فقد اختارت وزارة الصحة أن تكون الحقيبة بلغات مُتعددة، وهو ما يشكّل أحد أعظم جوانب قوتها وامتيازها، المحتوى أُعدّ بثماني لغات حيّة، وهي: العربية، لغة القرآن وأغلب الحجاج من الدول العربية، والإنجليزية، كونها لغة التواصل العالمي، والمستخدمة على نطاق واسع بين الحجاج من أفريقيا وآسيا وأوروبا.. ومن لغات الحقيبة الصحية التوعوية، تأتي الفرنسية، تلبية لاحتياجات حجاج شمال وغرب أفريقيا، والأوردية، الموجهة للحجاج القادمين من باكستان وأجزاء من الهند، فضلًا عن الفارسية، لحجاج إيران وأجزاء من أفغانستان، إضافة إلى الإندونيسية، لأكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، والملايوية، لسكان ماليزيا وبروناي وسنغافورة، وأخيرًا اللغة التركية، لحجاج تركيا وآسيا الوسطى.
هذا التعدد اللغوي لا يُمثّل فقط ترجمة حرفية للمحتوى، بل يُعبّر عن عمق فِقهي وإنساني، يُراعي أن الوعي لا يكتمل إلا إذا وصل بلغة القَلب والعقل معًا، وهنا، يتحوّل الحاج من متلقٍ سلبي إلى شريك فاعل في الوقاية الصحية، وهذا ما تسعى إليه المنظومة الصحية، ضمن جهودها في التحول من علاج المرض إلى بناء الثقافة الوقائية.
المحتوى التوعوي لم يكن محصورًا في الكتب أو الكتيبات التقليدية، بل تم تصميمه ليكون متاحًا رقميًا وقابلًا للتداول في وسائل التواصل الاجتماعي، مع فيديوهات قصيرة ذات تأثير عالٍ وسرعة انتشار، ما يعكس ذكاءً في فهم سلوك المتلقي في العصر الرقمي، حيث يستطيع الحاج تنزيله بكل سهولة وييسر من هاتفه الجوال.
وعبر هذا التكامل بين التقنية والرسالة الصحية، تضع وزارة الصحة معيارًا جديدًا في إدارة الوعي الصحي في مواسم الحج، إذ إن الوقاية ليست إرشاد، بل التزام أخلاقي وإنساني، يتطلب أدوات معاصرة، وشراكة مجتمعية، وتفاعل حي مع الحاج.
وختامًا، فإن الحقيبة الصحية التوعوية ليست فقط دليلًا على جاهزية المنظومة الصحية، بل هي رسالة حب من وطن ينبض بالصحة؛ لأن الحج عبادة عظيمة، لا تكتمل إلا بصحة وأمان وطمأنينة، وحين يُخاطَب الحاج بلغته، ويُعطى المعرفة التي تحميه، يُصبح الحج تجربة روحية وجسدية متكاملة، كما أرادها الله عز وجل "ولله على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلًا"، لذلك، فلنجعل هذا السبيل محفوفًا بالصحة، مكللًا بالوقاية.. دمتم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.