توسعة الحرمين أكبر مشروع بناء في التاريخ ب200 مليار ريال

تكللت جهود المملكة العربية السعودية الحثيثة الساعية لخدمة ضيوف الرحمن، وتوفير كل سبل الراحة والرعاية والسلامة والأمن والطمأنينة لهم؛ بنجاح موسم حج هذا العام 1445 (2024)، حيث أدى أكثر من مليون و800 ألف حاج مناسكهم، متمتعين بمنظومة متكاملة من الخدمات، التي وفرتها منظومة الحج تحقيقاً لمستهدفات ورؤى وطموحات "برنامج خدمة ضيوف الرحمن"، أحد برامج رؤية السعودية 2030.
جهود منظومة الحج السعودية الجبّارة والمميزة، أسهمت في خدمة نحو 1.8 مليون حاج هذا العام وتمكينهم من أداء نسكهم بكل يسر وطمأنينة وسط منظومة خدمات متكاملة، تضاهي الخدمات المقدمة للحشود، وبالذات وأنها تُقدم بسخاء وبالمجان، وبالذات على مستوى الخدمات الصحية، التي تأتي في مقدمة الخدمات التي تقدم للحجاج حفاظاً على صحتهم، وتمكينهم من أداء الحج في بيئة صحية خالية من الأمراض الوبائية، حيث على سبيل المثال لا الحصر؛ في ضوء ضخامة تلك الإمكانات الصحية الضخمة، قدمت المملكة للحجاج قرابة 1.3 مليون خدمة وقائية، شملت: الكشف، واللقاحات، وتقديم الرعاية العاجلة لهم عند وصولهم إلى المنافذ، مما حدّ من تأثير الإجهاد الحراري عليهم، كما وقدمت 465 ألف خدمة علاجية تخصصية، حظي غير المصرح لهم بالحج منها ب141 ألف خدمة، في حين قدمت مستشفى الصحة الافتراضي خدمات عن بعد لأكثر من 5800 حاج.
وضمت إمكانات خدمات الرعاية الصحية التي قُدِمت للحجاج، طبقاً لما أعلنه برنامج تحول القطاع الصحي، 189 مستشفى، ومركزاً صحياً، وعيادة متنقلة، وسبع طائرات إسعاف جوي، و370 سيارة إسعاف متكاملة التجهيز، وخمس طائرات إخلاء طبي جوي من وزارة الدفاع، وأكثر من 40 ألف كادر طبي وإداري وفني، وأكثر من 159 موظفاً ميدانياً لتوصيل إمدادات الأدوية، بالإضافة لخمسة آلاف متطوع من مركز التطوع الصحي.
ومن ضمن الخدمات الصحية التي قدمت أيضاً، إجراء 28 عملية قلب مفتوح، وأكثر من 720 عملية قسطرة قلبية، وأكثر من 1169 جلسة غسيل للكلى، فيما تجاوزت الخدمات الإسعافية المقدمة للحجاج 30 ألف خدمة، منها 95 عملية نقل إسعافي جوي للمدن الطبية بالمملكة.
تلك الخدمات الصحية وغيرها تُبيّن بوضوح الإمكانات والخدمات الصحية التي سخرتها الحكومة السعودية لخدمة ضيوف الرحمن، سعياً منها لأن يحظى الحجاج برعاية صحية متقدمة تسهم في توفير السلامة والراحة لهم أثناء تأدية مناسك الركن الخامس من أركان الإسلام.
وبالنسبة لخدمات المرتبطة بنقل الحجاج بين المشاعر المقدسة، بما في ذلك مكة المكرمة والمدينة المنورة وتفويجهم، فقد قدمت منظومة النقل والخدمات اللوجستية، خدمات متكاملة لضيوف الرحمن وفق أعلى مستويات الجودة والكفاءة، حيث على سبيل المثال لا الحصر، اصطفت في مكة المكرمة أعداد كبيرة جداً من الحافلات قوامها 27000 لنقل الحجاج بين المشاعر، واستخدم دليل لتيسير تنقل ضيوف الرحمن في مكة المكرمة ومن وإلى المشاعر المقدسة، إضافة إلى توعيتهم بوسائل النقل الموثوقة والآمنة وتوفير جميع المعلومات اللازمة التي تضمن لهم تجربة نقل آمنة وثرية ومريحة في نفس الوقت خلال موسم الحج، حيث شمل الدليل معلومات مفصلة عن مختلف أنماط النقل، ويستعرض الترابط بين هذه الأنماط ودورها في توفير تجربة تنقل متكاملة وسلسة لضيوف الرحمن، لتمكينهم من أداء مناسكهم بيسر وسهولة.
كما وتبنت وزارة النقل والخدمات اللوجستية، تطبيق 27 تجربة ترتبط بالنقل والخدمات اللوجستية، من بينها تجارب جديدة تم تطبيقها لأول مرة في موسم حج هذا العام، التي من بينها إلى جانب تبريد الطرقات المحيطة بالأماكن المقدسة بطلاء خاص مصنوع في المملكة، تطبيق تجربة الطرف المطاطية وتجربة التاكسي الطائر متعدد الأغراض.
ويأتي إصدار دليل التنقل في موسم الحج، في إطار جهود منظومة النقل والخدمات اللوجستية لتيسير رحلة ضيوف الرحمن خلال الموسم، حيث يسهم في معرفة الحاج بوسائل النقل المناسبة والموثوقة لكل مرحلة من مراحل رحلة الحاج.
يُذكر أن منظومة النقل والخدمات اللوجستية لعبت دورًا حيويًا ومهمًا في تيسير رحلة ضيوف الرحمن خلال موسم الحج، عبر توفير وسائل نقل متنوعة وآمنة وخدمات لوجستية شاملة، حيث تضافرت جهود المنظومة لتحقيق تجربة متكاملة للحجاج في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وأسهمت في تأمين كافة احتياجات ضيوف الرحمن لتضمن راحتهم وسلامتهم، ولتمكينهم من أداء مناسكهم بيسر وسلام.
يُذكر أن تجربة التاكسي الطائر، يعتبر أول تاكسي جوي في العالم حائز على رخصة الطيران المدني. وتأتي هذه التجربة ضمن مبادرة منظومة النقل والخدمات اللوجستية السعودية لتطبيق أحدث تقنيات النقل الحديثة والمتطورة وأكثرها صديقة للبيئة، حيث يعمل التاكسي الطائر على تسهيل وصول الحجاج من مطار الملك عبد العزيز في جدة إلى فنادق مكة المكرمة، عبر مسارات جوية تخفف من الازدحام المروري على الطرقات.
ويمكن لهذه الطائرات نقل بين 4 إلى 6 ركاب في الرحلة الواحدة من المطار إلى الفنادق، والعكس صحيح.
كما واعتمدت طائرات الدرونز لتوصيل الإمدادات الطبية إلى الحجاج، سيما في المناطق البعيدة التي تتطلب وقتاً طويلاً لبلوغها، حيث تعمل هذه الطائرات على نقل كل المستلزمات الطبية من دون الحاجة إلى طيار (قيادة ذاتية). وإلى جانب التاكسي الطائر، وضعت المملكة الحافلات الكهربائية في خدمة الحجاج لتسهيل تنقّلاتهم خلال موسم الحج.
وتعدّ خطوة استخدام التاكسي الطائر، خطوة مهمة جداً في ظل سعي المملكة العربية السعودية لتطوير مجال النقل الجوي، ووسائل نقل جوية مستدامة خالية من الانبعاثات، وفقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030.
ويُعد قطار المشاعر المقدسة الذي بُدئ تنفيذه في عام 2008 وتشغيله في عام 2010 بتكلفة إجمالية تجاوزت ال 6,600 مليارات ريال سعودي (1.8 مليار دولار أمريكي) أيقونة في مجال خدمة سكة حديدية تربط مكة المكرمة بالمشاعر المقدسة (منى وعرفات ومزدلفة)، حيث يتكون المشروع من 17 قطارًا، يضم 204 عربات، وتستوعب كل عربة منهم 300 راكب، وهناك عربتان أمامية وخلفية للقيادة، ويبلغ طول المسار نحو 18.1 كم، ويرتفع بنحو 8-10 أمتار عن سطح الأرض، ويصل إلى 45 مترًا عند منشأة الجمرات، وتبلغ طاقته الاستيعابية 72,000 شخص في الساعة الواحدة، ويحتوي المشروع على تسع محطات، بطول 300 متر لكل محطة.
وكوسيلة نقل أخرى متطورة فائقة السرعة، يعمل قطار الحرمين السريع الذي بلغت تكلفته 60 مليار ريال سعودي، يعمل على الطاقة الكهربائية، وتصل سرعته إلى 300 كم / ساعة، حيث يقوم برحلات مختلفة بين مكة والمدينة وجدة ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية ويوفّر السرعة والأمان والراحة للمسافرين. ويحتوي كل واحد من القطارات على 417 مقعداً موزّعة بين درجتين هما الأعمال والاقتصادية، بالإضافة إلى كافتيريا موجودة في المقطورة الخامسة.
وتأتي مبادرة طريق مكة للحجاج لتوفر أعلى مستوى من الخدمة والراحة في رحلتهم، من خلال تمكينهم من استكمال إجراءات دخولهم إلى المملكة العربية السعودية من مطارات بلدانهم ونقلهم مباشرة إلى أماكن إقامتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وقد أطلقت المرحلة التجريبية من مبادرة طريق مكة في عام 2018، وفي عام 2019، أُطلقت المبادرة بشكلها الكامل، لُتحدث تغييرًا جذرياً في إثراء تجربة الحجاج القادمين من 7 دول؛ كمرحلة أولى، وتمكينهم من التمتع بخدمات ذات جودة عالية، خلال رحلتهم إلى المملكة، وهي: المغرب وباكستان وماليزيا وإندونيسيا وبنغلاديش وتركيا وكوت ديفوار.
وبوصول الحجاج إلى المملكة يتم نقلهم وأمتعتهم مباشرة إلى حيث إقامتهم في مكة المكرمة أو المدينة المنورة. ومع مبادرة طريق مكة اختصرت المملكة الوقت الذي يقضيه الحاج أمام منافذ الجوازات إلى بضع دقائق.
تجدر الإشارة إلى أنه في شهر رمضان من عام 2019، أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله) برنامج خدمة ضيوف الرحمن ليسهم في نقلة نوعية جديدة في خدمة الملايين من ضيوف الرحمن من جميع بقاع العالم، عبر تحليل دقيق لجميع نقاط رحلة الضيف منذ أن تبزغ فكرة زيارته للبقاع المقدسة، وحتى عودته إلى بلاده بأطيب ذكرى.
وعمل البرنامج بالتعاون مع عدد كبير من الهيئات الحكومية والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي ليضمن تمتع ضيوف الرحمن بتجربة ثرية ومتكاملة.
كما وسهل البرنامج رحلة ضيوف الرحمن من خلال عدة مبادرات تبدأ من مرحلة ما قبل الوصول؛ وأهمها تسهيل استخراج التأشيرة في مدة زمنية قياسية، وفي مرحلة أداء النسك أطلق البرنامج منصة نسك إحدى مبادرات البرنامج لتكون حلا رقمياً مميزاً يقدم العديد من الخدمات لتسهيل رحلة ضيوف الرحمن.
وفي مرحلة إثراء التجربة قُدمت المملكة الكثير من المبادرات التي منها تطوير وتفعيل العديد من المواقع التاريخية والوجهات الأثرية لينعم ضيف الرحمن بتجربة إيمانية وثقافية لا تنسى.. من الفكرة إلى الذكرى.
إن جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن لن تتوقف عند التسهيلات المتعلقة بأداء المناسك، حيث يفخر برنامج خدمة ضيوف الرحمن بإثراء تجربة الحجاج والمعتمرين طوال فترة وجودهم بالمملكة من مبادرة طريق مكة مروراً بمبادرة التأمين الصحي وحج بلا حقيبة ومشروع حافلات مكة، وخدمة النقل الترددي في المدينة المنورة، والارتقاء بجودة الخدمات والمرافق وصولاً إلى إثراء التجربة الثقافية الإسلامية واكتشاف المملكة والاستمتاع بها.
ويسعى البرنامج للارتقاء بتجربة ضيف الرحمن من خلال التيسير والتسهيل للملايين من ضيوف الرحمن لأداء مناسكهم، حيث يسهم في تحقيق هدف رؤية السعودية 2030 لتمكين أكبر عدد من المسلمين من أداء فريضة الحج ومناسك العمرة من خلال تطوير الكوادر البشرية وتأهيل البنية التحتية لتحقيق هدف البرنامج برفع جاهزية المملكة لاستضافة 15 مليون معتمر سنوياً بحلول عام 2025 بالعمل الدؤوب على تطوير شراكات فاعلة مع القطاع الحكومي والخاص وغير الربحي ما يسهم في تعزيز مكانة المملكة كوجهة يقصدها المسلمين من شتى بقاع الأرض.
وقد أثمرت الشراكة بين وزارة الحج والعمرة والهيئة السعودية للسياحة إطلاق برنامج "زيارة السعودية"، لتصبح "نسك" المنصة الرسمية لحجز وتخطيط رحلات الحج والعمرة، حيث تتيح المنصة المتوفرة بلغات متعددة، للمسافرين ترتيب كل جانب من جوانب رحلتهم بسهولة، من الحصول على التأشيرات الإلكترونية إلى حجز أماكن الإقامة والمواصلات، والاطلاع على المعلومات التوعوية والإثرائية عن مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وقد تم توظيف التقنيات الحديثة والإلكترونية لطلب استلام تصاريح المركبات لدخول المشاعر المقدسة وحجز موعد للاستلام، وأيضاً للتحقق من بيانات تراخيص شركات ومؤسسات العمرة السعودية من خلال الاستعلام بموجب رقم التصريح والرقم الموحد المثبت في النسخة الرقمية للترخيص، حيث تتيح الخدمة للمستفيد إمكانية البحث عن شركات ومؤسسات حج محددة واستعراض معلوماتها وتفاصيل الخدمات المقدمة من قبلها.
كما ونفذت الدولة العديد من المشاريع التوسعية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، بما ذلك المطارات، حيث على سبيل المثال لا الحصر؛ تجاوزت تكلفة توسعة الحرم المكي الشريف 200 مليار ريال سعودي (53.3 مليار دولار أمريكي)، وبلغت تكلفة مطارات (جدة والمدينة المنورة) أكثر من 100 مليار ريال سعودي (26.7 مليار دولار أمريكي)، وبلغت تكلفة مجموعة مشاريع الطرق في مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة 68 مليار ريال سعودي (18.1 مليار دولار أمريكي)، في حين بلغت تكلفة منشأة الجمرات قرابة 4 مليارات ريال سعودي (1.1 مليار دولار أمريكي).
وكان للخدمات المصرفية حضور ووجود قوي في موسم حج هذا العام لخدمة الحجاج، حيث وفقاً للبنك المركزي السعودي "ساما"، قد تم تخصيص 110 أفرع لخدمة الحجاج بالمنطقتين المقدستين وبالمشاعر كمشعر منى، بما في ذلك الفروع المؤقتة، والفروع المتنقلة mobile branches الواقعة على المناطق الحدودية، حيث بلغ عدد الفروع العاملة في مكة مكرمة 48 فرعاً، و38 فرعاً في المدينة المنورة، و24 فرعاً في المناطق الحدودية، وبلغ عدد فروع البنوك العاملة خلال أيام إجازة عيد الأضحى (36) فرعاً، تراوحت ساعات عملها ما بين الساعة 9:30 صباحاً وحتى الساعة 8:30 مساءً، بما في ذلك فترة عيد الأضحى. وفيما يخص الفروع الكائنة بالمطارات، فقد عملت على مدار الساعة أو حسب ساعات عمل المطار.
وبلغ عدد أجهزة الصراف الآلي لخدمة الحجاج، 1220 جهازاً، منها 633 جهازاً في مكة المكرمة، و568 في المدينة المنورة، و19 جهازاً متنقلاً في المشاعر المقدسة. كما ووصل عدد مراكز الصرافة إلى 48 مركزاً موزعة على مكة المكرمة (22) مركزاً، و16 بالمدينة المنورة، و6 بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، ومركزان بمدينة الحجاج بجدة، وفرع موسمي بمنى وآخر بمنفذ جديدة عرعر بمنطقة الحدود الشمالية.