فلسطين ترحب برسالة تسع دول أوروبية بشأن تنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    رسمياً .. عمر السومة ينضم للوداد المغربي    بنفيكا يقسو على أوكلاند سيتي بسداسية في كأس العالم للأندية 2025    ختام مثير لمنافسات اليوم الثاني من بطولة حائل للدرفت لفئة شبه المحترفين    فلامنغو يتغلب على تشيلسي بثلاثية في مونديال كأس العالم للأندية    ترامب: مديرة المخابرات جابارد مخطئة بشأن برنامج إيران النووي    عون : لبنان سيبقى واحة للسلام وينبض بالحياة ولا أحد يريد الحرب    تركي آل الشيخ: المملكة أصبحت قوة كبرى في عالم الملاكمة... ونزال كانيلو وكروفورد هو الأضخم في العقد الأخير    ليفربول يُعلن عن ثالث أعلى صفقة في تاريخ كرة القدم    المنهاج التعليمية تتفاعل مع قصة الطفلة زارعة الكبد اليمنية ديانا عبدالله    وفد منظومة الطيران المدني يزور مصنع «إيرباص»    الأهلي المصري يعلن جاهزية كوكا لمواجهة بورتو في «مونديال الأندية»    أرامكو السعودية تدشن المركز الإقليمي للتنمية المستدامة للثروة السمكية في جزيرة أبوعلي    ضبط مصريين و6 مواطنين في تبوك لترويجهم مواد مخدرة    جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ضمن أفضل 100 جامعة عالميًا    جثمان الشاعر موسى محرق يصل اليوم والصلاة عليه غدًا    بعد الفوز بصعوبة.. الإعلام الأمريكي يُشيد بقوة المنتخب السعودي    خطيب المسجد النبوي: التفكر في تعاقب الأيام سبيل للفلاح وميزان للربح والخسران    خطيب الحرم: محاسبة النفس دليل على كمال العقل وسبيل للفلاح    مدير تعليم جازان يكرم "افتراضيًا" الطلبة المتفوقين دراسيًا والمتميزين في الأنشطة المدرسية    اغبرة تغطي معظم مناطق المملكة    هبوط خام برنت    أمير المنطقة الشرقية يؤدي صلاة الميت على والدة سعود العطيشان    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    تغير خطط سفر السعوديين أزمات العالم    الكونجرس : تحديث أسلحة أمريكا النووية الأكثر تكلفة في التاريخ    1200 كائن فطريّ في الطبيعة    تجريد المساحة وإعادة تركيب الذاكرة البصرية    خدمة الحجيج.. ثقافة وطن وهوية شعب    سجين العقل    هل ستدافع عن موظفيك؟    أمير الشرقية: تسجيل مدينة الخُبر قفزة عالمية في مؤشر قابلية العيش تجسيد لدعم القيادة    مشاعر الحج    عشرة آلاف خطوة تقي من السرطان    زرع مثانة في سابقة عالمية    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    أمير منطقة جازان يتفقد مكتب الضمان الاجتماعي بمحافظة جزر فرسان    الولايات المتحدة تقرر فحص حسابات التواصل الاجتماعي لجميع المتقدمين للحصول على تأشيرة طالب    وكيل وزارة الحج والعمرة يدشّن جائزة "إكرام للتميّز" لتحفيز مراكز الضيافة خلال موسم حج 1446ه    الهلال الأحمر وتجمع نجران الصحي "بمنطقة نجران يدشّنان حملة للتبرّع بالدم    شاشات تفاعلية ذكية في المسجد النبوي تُقدّم محتوى توعويًا وإرشاديًا ب23 لغة عالمية    2.7 مليار تمويلات زراعية    جامعة الملك فيصل ضمن" التصنيف العالمي"    " مركز الدرعية" يطلق برنامج تقنيات السرد البصري    حققت حلمها بعد 38 عاما.. إلهام أبو طالب تفتتح معرضها الشخصي    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    الإطاحة بمروجي مادة الأفيون المخدر في تبوك    عريجة يزف نجله محمد    وزارة الصناعة تشارك في معرض باريس.. السعودية تستعرض فرص الاستثمار في صناعة الطيران    لن نستسلم وسنعاقب تل أبيب.. خامنئي: أي هجوم أمريكي عواقبه لا يمكن إصلاحها    دعوات لتسريع تطبيق حل الدولتين.. إدانة دولية متصاعدة لانتهاكات الاحتلال في غزة    دول «التعاون»: اعتداءات تل أبيب «انتهاك صارخ».. روسيا تحذر أمريكا من دعم إسرائيل    يوليو المقبل.. إلزام المنشآت الغذائية بالكشف عن مكونات الوجبات    العلاقات الأسرية تساعد الأطفال على النوم الهادئ    ميكروبات المطاعم تقاوم العلاج بالمضادات الحيوية    أمير الرياض يوجه بتسمية إحدى حدائق العاصمة باسم "عبدالله النعيم"    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الحريصي في منزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشلح.. الرمز الوطني
نشر في الرياض يوم 29 - 09 - 2023

ارتبط ارتداء المشلح أو ما يسميه العامة ب»البشت» بحياة الناس بالزمن القريب في بلادنا، حيث كان من كمال اللبس، فبعد أن يرتدي الرجل الثوب والشماغ والعقال يرتدي المشلح فيكون لبسه مكتملاً وفي غاية أناقته، ومنذ عقود من الزمن كان من يرتاد الأسواق يجد أن جل الرجال خاصةً كبار السن يرتدون المشلح عند خروجهم من المنزل سواء لمن يقصد المسجد أو السوق أو حضور مناسبة، ومن حرص الناس على ارتداء المشلح باعتباره من كمال اللبس فقد كان أهل العروس يشترطون على المتقدم للزواج من ابنتهم ومن ضمن المهر أن يحضر مشالح رجالية بعدد معين توزع على والد العروس وأخوتها والقريبين منها، وفي كثير من الأحيان يشترطون أن تكون هذه المشالح من صنع منطقة الأحساء والتي كانت من أشهر المشالح وأغلاها ثمناً حتى الآن، فالمشالح الحساوية ما زالت في الصدارة من حيث الطلب داخل المملكة وخارجها إلى يومنا هذا؛ لأن حياكتها تتم بشكل يدوي من قبل حرفيين من أبناء الأحساء توارثوها أباً عن جد، والذين أجادوا حياكتها، بل وتفننوا فيها، حيث تتنوع المشالح من ناحية حياكتها فمنها: الملكي، المخومس، المتوسع، الطابوق، المروبا، المقطع، كما تعد المشالح الحساوية من أغلى المعروضات في الأسواق منذ عقود من الزمن وإلى يومنا هذا حيث تصل قيمتها من ألف وخمسمائة ريال إلى سبعة آلاف ريال حسب جودتها.
استعارة البشت
كانت المشالح في الماضي القريب قبل عقود من الزمن غالية الثمن ونظراً لكلفتها فإن البعض قد يستعيرها عند وجود مناسبة كالزواج، فيقوم العريس باستعارتها من أحد أقاربه أو معارفه ممن يماثله في الطول والجسم ومن ثم يعيده إليه بعد المناسبة شاكراً له ذلك، ومع الثورة التكنولوجية التي شهدتها الصناعات في عالم اليوم فقد باتت المشالح تحاك آلياً مما ساهم في كثرة المعروضات من هذه البشوت، وبالتالي أدى ذلك إلى انخفاض سعرها وسدت حاجة السوق بعد أن كانت شحيحة فيما مضى، نظراً لقلة العاملين في حياكتها؛ لأنها مهنة تحتاج إلى الصبر وبذل المجهود الكبير حيث كان من يحيكها يدوياً يستمر أياماً في العمل لإنتاج مشلح واحد، وأما بعد انتشار المصانع فقد بات الإنتاج بالمئات يومياً.
ارتباط بالأحساء
وتعد صناعة المشالح من الصناعات القديمة التي يعود تاريخها إلى عشرات السنين، ومن أشهر المناطق التي امتهن أهلها هذه المهنة وبرعوا فيها منطقة الأحساء، والتي امتهنها وأتقن صنعها وحياكتها العديد من العائلات الأحسائية لأكثر من قرن من الزمن، وارتبطت هذه المهنة بالأحساء كأولى المدن التي بدأت صناعة وحياكة المشالح، وأحد أهم الأسواق المنتجة والمصدرة للمشالح في المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، ويمتاز البشت الحساوي بدقة حياكته يدوياً عبر استخدام خيوط الحرير والقطن والصوف، وتطريز حواشيه بالزري الذهبي والفضي، حيث تمتد فترة حياكته من عشرة أيام إلى ستة أشهر ويمر بسبع مراحل؛ تبدأ بمرحلة التركيب، الطوق، الهيلة، البروج، المقصر، ومرحلة القيطان والخبانة وصولاً إلى مرحلة البرداخ التي تم فيها ضرب الزري وإبراز لونه الذهبي، وقد عرض في جناح المملكة المشارك بمهرجان جرش للثقافة والفنون 2023م في المملكة الأردنية الهاشمية، إحدى الحرف اليدوية التي اشتهرت بها محافظة الأحساء المتمثلة في حياكة المشالح -البشوت- بأنواعها وألوانها المختلفة، وقدم حائك المشالح حبيب بو خضر خلال مشاركته في الدورة السابعة والثلاثين من المهرجان الذي أقيم خلال الفترة 26 يوليو إلى 5 أغسطس 2023م بمدينة جرش التاريخية، أشكالًا مختلفة من المشالح الحساوية نسبة إلى محافظة الأحساء شرق المملكة مسقط صناعتها المتميزة، ومنها: الدقة الملكية، والمخومس، والمسوبع، والمتوسع، مبيناً أن أجودها هو المحاك بالدقة الملكية، حيث يكون مصنوعاً من أفضل أنواع القماش، ومطعّماً بزري الفضة المطلي بالذهب، وأوضح أن حياكة المشلح الواحد بدقة تفاصيله تستغرق من 15 إلى 20 يوماً، يتعاقب على حياكته نحو ثمانية أشخاص، كلٌ في تخصصه وفنه في وضع اللمسات الجمالية على زري المشلح.
سماكة قماش
وأضاف بو خضر أن مصدر المواد المستخدمة في خياطة المشالح الملكية هو ألمانيا، وذلك لجودة خيوط الزري ومتانتها وطليها المحبوك بالذهب -عيار 22-، أمّا المواد الأخرى فتكون مستوردة من الهند، وذلك لاشتهارها بالتصنيع اليدوي لخيوط الزري الملونة وانخفاض أسعارها، وتختلف أنواع البشوت من حيث سماكة القماش، ففي الصيف يرتدى البشت الخفيف بينما في الشتاء يرتدى البشت الثقيل، ويُلبس البشت أو المشلح بعد ارتداء الزي السعودي كاملًا، كما يلبس في الأعراس والمقابلات الرسمية ذات الطابع الخاص، وتختلف أنواع أقمشة المشالح، ويمتاز كل نوعٍ منها بخصائص متنوّعة، حيث تمتاز الأقمشة الصيفية بغزلٍ ناعم الملمس، وعادةً ما يكون المشلح الصيفي غالي الثمن لطول فترة حياكته وخيوطه الجيدة، ومن أنواعه: الحساوي، السويسري، النجفي، أبو غاط، أبو غاطين، الدورقي، الياباني، اللندني، بيد أن أجودها الحساوي الذي يعد أرقى أنواع البشوت، فيما يختلف القماش الشتوي عن الصيفي من خلال خيوطه الخشنة الوبرية، ومن أهم أنواعه سوبر كشمير، وبر بوشهر، وبر جبرلوكس.
ذكريات جميلة
وعندما تجرنا الذكريات إلى الزمن الماضي نتبعه بقولنا الزمن الجميل وذلك لجمال أناسه وصفاء قلوبهم بتصرفهم بسجيتهم بعيداً عن التعقيدات والمجاملات، ومن تلك التقاليد والعادات الالتزام بالملابس والزي التقليدي للرجال والنساء، ومن ذلك لبس الرجال للمشالح -البشوت- في كل وقت وحين في الأسواق والمساجد والمناسبات خاصة من كبار السن، فعندما تتصفح الصور القديمة التي توثق اجتماع الناس تجد الكل يرتدي البشت خاصةً في صلاة الجمعة، وقليل من لا يرتديه، ولكن في زمننا الحاضر انعكست الآية وصار قلة هم من يلبسونه وبات أمر لبسه مرهوناً بالمناسبات الرسمية كالأعياد والزواجات، ومع ذلك فمازال للمشلح بريقه وتقديره في المجتمع فهو يعتبر رمزاً حضارياً في بلادنا وزياً رسمياً فاخراً يميز المناسبات، وقد اهتم الباحثون والمهتمون بالتراث بالمشلح، حتى أن البعض قد ألف في طريقة صناعته ونشأته وأنواعه وخصوصاً المشلح الحساوي ومن أبرزهم عبدالعزيز علي الحسن الذي ألف كتاباً في ذلك أسماه (البشت الحساوي تاريخ وحضارة)، وتناول الكاتب في هذا الإصدار البشت -المشلح- وتاريخه الذي يعود إلى آلاف السنين ومصدره، وتاريخ حياكة البشوت وأنواعها، وأجود أنواع البشوت والمشالح، وأول مدينة سعودية عمل بها كسوة الكعبة المشرفة، وأول مصنع حياكة البشوت بالمملكة وإلى أين وصل، وأول مصنع مشالح بالأحساء، وأنواع البشوت وأجودها، ونشر معاناة الخياطين الأحسائين وكيف نشروا صناعة البشوت بالخليج والدول العربية، وغيرها من المواضيع الشيقة.
تقنية ومصانع
ومع تزايد الطلب على اقتناء المشالح والحاجة المستمرة في إنتاج الكثير من المشالح والتي بات العمل اليدوي لا يغطيها، فقد فكر الكثير من المستثمرين في الاستعانة بالتقنية، وذلك بإنشاء مصانع تفي بهذا الغرض، وبالفعل فقد قام العديد من المستثمرين في إنشاء عدد من المصانع في عدد من مناطق المملكة والتي بدأت بإنتاجها في وقت مبكر وطرحت منتجاتها في الأسواق، ولاقت رواجاً كبيراً من قبل المتسوقين، ومع مرور الوقت فقد تم تطوير إنتاج المشالح بما يتوافق مع رغبة المتسوقين، وبات البعض من تلك المصانع تضاهي المشالح التي تنسج يدوياً، ومع ذلك ومع انتشار تلك المصانع ووفرة إنتاجها إلاّ أن العمل اليدوي لتلك المشالح مازال مستمراً ومحافظاً على جودته وسعره، بل ويلقى رواجاً كبيراً من قبل عشاقه، خاصةً من كبار السن الذين يفضلونه على ما تنتجه تلك المصانع.
كتاب يحكي تاريخ وحضارة البشت الحساوي
أنواع مختلفة من البشوت
في الوقت الحالي انحصر لبس المشلح على مناسبات الزواج
حياكة المشالح تستغرق أياماً حتى تجهز
حياكة البشوت مهنة تتوارثها الأجيال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.