الدفاع المدني ينبه من هطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    مستقبلا.. البشر قد يدخلون في علاقات "عميقة" مع الروبوتات    العلماء يعثرون على الكوكب "المحروق"    الصين تستعرض جيش "الكلاب الآلية" القاتلة    ولي العهد يستقبل الأمراء وجمعاً من المواطنين في المنطقة الشرقية    ضمك يتعادل مع الفيحاء في" روشن"    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    «الدفاع المدني» محذراً: ابتعدوا عن أماكن تجمُّع السيول والمستنقعات المائية والأودية    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 27 جائزة في «آيسف 2024»    طريقة عمل زبدة القريدس بالأعشاب    طريقة عمل وربات البقلاوة بحشو الكريمة    طريقة عمل الأرز الآسيوي المقلي بصلصة الصويا صوص    تأكيد مصري وأممي على ضرورة توفير الظروف الآمنة لدخول المساعدات الإنسانية من معبر رفح إلى غزة    القبض على مقيم ووافد لترويجهما حملات حج وهمية بغرض النصب في مكة المكرمة    الأمن العام يطلق خدمة الإبلاغ عن عمليات الاحتيال المالي على البطاقات المصرفية (مدى) عبر منصة "أبشر"    كلوب يدعم إلغاء العمل بتقنية «فار» بشكله الحالي    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    تدشين أول مهرجان "للماعز الدهم" في المملكة بمنطقة عسير    السالم يلتقي رواد صناعة إعادة التدوير في العالم    «هيئة النقل» تعلن رفع مستوى الجاهزية لخدمات نقل الحجاج بالحافلات    مفتي المملكة يشيد بالجهود العلمية داخل الحرمين الشريفين    «تعليم جدة» يتوج الطلبة الفائزين والفائزات في مسابقة المهارات الثقافية    استكمال جرعات التطعيمات لرفع مناعة الحجاج ضد الأمراض المعدية.    المملكة تتسلم رئاسة المؤتمر العام لمنظمة الألكسو حتى 2026    كاسترو وجيسوس.. مواجهة بالرقم "13"    الإعلام الخارجي يشيد بمبادرة طريق مكة    ‫ وزير الشؤون الإسلامية يفتتح جامعين في عرعر    خادم الحرمين الشريفين يصدر أمرًا ملكيًا بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    النفط يرتفع والذهب يلمع بنهاية الأسبوع    جوزيه مارتينيز حكماً لديربي النصر والهلال    تشكيل الهلال المتوقع أمام النصر    قرضان سعوديان ب150 مليون دولار للمالديف.. لتطوير مطار فيلانا.. والقطاع الصحي    بوتين: هدفنا إقامة «منطقة عازلة» في خاركيف    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    رئيس الوزراء الإيطالي السابق: ولي العهد السعودي يعزز السلام العالمي    تراحم الباحة " تنظم مبادة حياة بمناسبة اليوم العالمي للأسرة    محافظ الزلفي يلتقي مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    حرس الحدود يحبط تهريب 360 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    تشافي: برشلونة يمتلك فريقاً محترفاً وملتزماً للغاية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    الكليجا والتمر تجذب زوار "آيسف 2024"    السعودية والأمريكية    فتياتنا من ذهب        مدير عام مكتب سمو أمير منطقة عسير ينال الدكتوراة    رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    الاستشارة النفسية عن بعد لا تناسب جميع الحالات    حراك شامل    الدراسة في زمن الحرب    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع    فوائد صحية للفلفل الأسود    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    كلنا مستهدفون    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأكلات السعودية.. تراث وتأصيل منذ عهد مؤسس المملكة
نشر في الرياض يوم 23 - 09 - 2023

الجزيرة العربية أراضٍ مترامية الأطراف مختلفة التضاريس والمناخ عاش بها الإنسان قروناً طويلة تاركاً خلفه آثار أقدامه عبر الصحراء والجبال، وأيضاً هناك السواحل الجميلة الممتدة من أقصى الشمال إلى جنوب الجزيرة العربية.
كان لهذا التنوع أكبر الأثر في اختلاف وتعدد منتجات هذه الأرض وما يعيش عليها من مواشي وما ينبت فيها من محاصيل والذي ارتبط بجودة الهواء ووفرة المياه وهذا التنوع انعكس على طبيعة أهالي المناطق وعاداتهم وتقاليدهم وسلوكهم الاجتماعي كما ذكر ابن خلدون في مقدمته (إن الإنسان ابن بيئته).
جميع ما سبق أثر على انتشار الإنسان في مختلف أنحاء الجزيرة العربية لذلك كان لهذا كله تأثير كبير عبر تعدد أنواع الطعام والمأكل، وظهر هذا في قصائد الشعراء والرواة منذ الجاهلية إلى يومنا هذا.
ظهور الدولة السعودية الأولى دفع بالمنطقة إلى أن تكون ذات مركز قوي واستقرار داخلي وحكم راسخ، حيث بدأ النمو نتيجة التوحيد والاستقرار تحت قيادة واحدة، وتم توطين الأمن، وبدأ التبادل التجاري الذي وفر وسائل مهمة للغذاء في انتقالها من الدول الأخرى وانتقلت للجزيرة العربية، فقدمت الأطعمة الجديدة من جهة الغرب عبر المواني من خلال البحر الأحمر وعبر الخليج العربي في شرق المملكة، وأيضاً عبر اليمن والعراق، وكل هذا جعل هناك محطات قوافل كبيرة جداً للتجارة، فازدهرت تجارة الحبوب والتمور تحديداً ووفرتها في الجزيرة العربية والتي استندت أغلب الوصفات السعودية عليها في إضافة للحوم المواشي وبعض المحاصيل الزراعية، مثل: عصيدة اللحم وعصيدة التمر، وأنواع الخبز، مثل: المراصيع والجمري والمصلي، إلى أن تطورت الوصفات وتنوعت.
وفي عهد الملك المؤسس الملك عبد العزيز تطورت الوسائل الأمنية والحضارية ودخلت بعض الوسائل والأدوات والأواني التي ساعدت على تنوع أساليب الطهي مما انعكس على تعدد أنواع الوصفات وبالتالي أصبحت السفرة السعودية متنوعة وثرية.
إبراز تراثنا وتأصيل هويتنا السعودية في العهد الزاهر
في هذا العهد الزاهر عندما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- وبدعم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كان العمل على إبراز تراثنا وتوثيق ثقافتنا وتأصيل هويتنا كإحدى ركائز رؤيتنا وأهم أولويات حفظ تاريخنا بصورته الأولى منذ عهد التأسيس إلى يومنا هذا وتسليط الضوء على مراحل وفترات تطوره على مدى 100 عام تقريباً، ليصبح وطننا مقصد كل باحث وسائح ومواطن ومقيم، لتنمو في إطاره مشاريع كبرى وضخمة لدعم هذا البرنامج، فنجد المطاعم ذات الهوية السعودية والمقاهي المختصة أيضاً تنتشر بكثافة في أرجاء الوطن.
ونرى الاستثمار الأكبر في شباب وبنات الوطن لتأهيلهم في حمل هذه الرسالة وهذه الأمانة ليكونوا بوابة مشرفة لنقل صورة وتاريخ الطبق السعودي سواء في مجال السياحة أو مجال الضيافة والفندقة من خلال كليات متخصصة في تعليم أصول الطهي وتحديداً السعودي سواء في الجامعات الحكومية أو الجهات الخاصة أو حاضنات الطهي التابعة لهيئة فنون الطهي.
تجاوز فن إعداد الطبق السعودي من قبل الطاهي السعودي إلى تقديمه بطريقة عالمية راقية تتناسب مع تقديم الفنادق أو الدخول في مسابقات طهي عالمية مع المحافظة على أصالة الطبق السعودي وهويته ونكهته الخاصة ومكوناته المعتمدة التي تثمر من إنتاج أرضنا الحبيبة المتميزة بجودتها ونكهتها ورائحة ترابها العبقة.
بدأت السيدة السعودية الطهي من منزلها الطيني في تلك الحقبة الزمنية لتصل اليوم من خلال كل محطات التغيير لأكبر المعارض العالمية وتشارك بطبقها الذي يمثل منطقتها بكل فخر واعتزاز مع العالم.
ونحن اليوم في مرحلة توثيق ورصد أطباق سعودية منها: الجريش والمقشوش كوصفات سعودية في منظمات عالمية، والأطباق الأخرى السعودية قادمة لتعتمد كوصفة سعودية مسجلة أيضاً.
ولا ننسى أن هناك أكثر من منطقه سعودية برزت وتم تسجيلها كمدينة مبدعة في الطهي في منظمات عدة على سبيل المثال: مدينة بريدة ومنطقه عسير.
في تاريخنا بشكل عام وتاريخ الطهي بشكل خاص الكثير من الكنوز التي تحتاج لبحث وتنقيب وتأكد ودراسة أيضاً.
تاريخنا يستحق هذا المجهود، ومخرجاته ستكون علامة بارزة في وطننا الغالي باعتبار مرحلة التوثيق للأكلات السعودية التراثية في كل منطقة نواة لجيل قادم يستطيع أن يبني عليه مشاريع مستدامة وتنطلق لخارج نطاق الوطن حاملة على عاتقها مسؤولية نشر ثقافتنا وتعزيز هويتنا في كل أنحاء العالم لنصبح نحن في مصاف الدول بل نكون نحن نبراسها.
فالتاريخ هو هويتنا، والحاضر هو ما نسعى إليه بتطبيق رؤيتنا، والمستقبل سيكون لنا بإذن الله، ومجتمعنا وإنجازاتنا في مجال الطهي ستكون ضمن مناهج تدرس وتطبق في كل مدارس العالم بما حواه من تاريخ وحاضر ومستقبل..
الرؤية بكل ما تحمله من معانٍ وأهداف تحقق منها الكثير ورسمت استراتيجيات ما سنحققه خلال أعوام بكل وضوح، هي سبعة أعوام تفصلنا على أن نشهد تحقيق هذه البرامج والتمتع بنجاحها وتفوقها، وسبعة أعوام سنسعى من خلالها أن نطبق أعلى معايير جودة الحياة والفرص التنموية وسنشترك جميعاً لبناء وطن قادر على العطاء دائماً.
توثيق الوصفات السعودية التراثية والتقليدية
في أحد مشاريع رؤية 2030 والمهتمة بتوثيق وحفظ تاريخ الوطن ومن ضمنها كان توثيق الوصفات السعودية التراثية والتقليدية لمختلف مناطق المملكة العربية السعودية والذي تشرف عليه إحدى الوزارات والهيئات المعنية بهذا الأمر، ولقد قامت مشكورة بتقديم أفضل أساليب التوثيق العالمية المعتمدة للوصفة الواحدة حيث كانت نتيجتها وصفات معيارية موزونة.
خلال رحلة التوثيق الممتدة قرابة ثلاث سنوات لمناطق المملكة وجدنا أن تنوع الوصفات وكثرتها كان سبباً ليكون لكل منطقة هويتها الغذائية وخصائص وميزات أثرت على نوع الطعام المقدم وأسلوب طهيه وحفظه إضافة إلى بعض الطقوس الخاصة لكل منطقة لبعض الأكلات أو المواسم، وكانت تتجلى به صفة الألفة والترابط المجتمعي الذي أصبح أقوى بعد الاستقرار والأمان والازدهار، إضافة لبعض الأواني المستخدمة في الطهي أو في تقديم الأكلات لأهالي المنازل أو للضيوف، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: التنور وثالثة الأثافي والرحى والصاج وسفرة الخوص (السعف) والصحاف والقدر الحجري المعصادة الخشبية.
نجد أيضاً الأهازيج المصاحبة لإعداد طبق ما وبعض الرقصات والعبارات المشهورة، إضافة للتجمعات والألعاب الشعبية في بعض المناطق واستمرار أغلبها إلى إشراقة يومنا الجاري.
الشعوب وحضاراتها وتنوعها تركت بصمتها الغذائية في طبيعة التنوع الجغرافي
لو أردنا أن نقسم أرضنا الحبيبة حسب طبيعة أرضها ومواردها وطقسها لوجدنا أن هناك في غرب المنطقة ثقافة أكل تأثرت بالطبيعة الساحلية إضافة لوجود الكثير من الشعوب التي جاءت لزيارة الحرمين واستقر منها الكثير ونقل جزءاً كبيراً من ثقافته وأصنافه، لذلك نجد في المنطقة الغربية أكلات تراثية مثل: السليق والتطاريح والعصيدة وشوربة الدشيشة وشوربة الحب والحيسة المدينية والحنيذ والمقلقل والسلات وفتة المقادم والصيادية والسمك المشرمل والمبشور وغيرها الكثير.
تأتي وصفة الحيسة المدينية، وهي عبارة عن التمر بأحد أنواعه الشهيرة في المدينة المنورة مثل تمر البرني أو الصفاوي أو المجدول والسمن البري والدخن، والذي تعد منطقة مهد الذهب إحدى أفضل المناطق زراعة وإنتاجاً للدخن، وتقدم الحيسة في كل الأوقات والمواسم للضيوف مع القهوة وتعتبر الحلوى الألذ في المدينة المنورة، إضافة للأكلات التقليدية التي جاءت واستوطنت وأصبحت إحدى الأكلات التابعة للمنطقة الغربية، مثل: الرز البخاري والسمبوسك والرز الكابلي والمطبق والمعمول وحلاوة اللدو واللبنية وغيرها.
ولأهالي المنطقة الغربية الكثير من العادات والتقاليد المصاحبة لبعض الوصفات، في ليلة من ليالي شهر رمضان تجتمع سيدات الحي ويقمن بإعداد صرة شوربة الحب بحسب عدد أيام رمضان البالغة (30 يوماً)، وذلك بتنقية البهارات وتجفيفها وتقسيمها وربطها بالصرر وتوزيعها بينهم، حيث كانت شوربة الحب هي سيدة السفرة في المنطقة الغربية.
الجريش الطبق السعودي لعام 2023 والمقشوش الحلوى السعودية لعام 2023
وإذا انتقلنا إلى المنطقة الوسطى، ونعني بذلك نجد والقصيم وحائل، نجد أن ثقافة الأكل فيها انقسمت إلى وصفات تابعة لمناطق زراعية، ووصفات تابعه لبادية الوسطى، لذلك يتصدر في مضمون الغذاء لهذه المنطقة أكلات الجريش بمختلف طرق طهية، إضافة لوصفة القرصان الشهيرة والمرقوق المميز وعصيدة اللحم والحنيني والقشد وخبز التنور، والعديد من الوصفات التي بالإمكان اعتبارها حلوى الطعم أو مالحة حسب المكونات المضافة إليها من عسل طبيعي أو بصل، مثل: وصفة المراصيع أو المصابيب، ولا ننسى وصفة التاوة والكليجا في القصيم وشهرتها الكبيرة بين أهالي هذه المنطقة.
أيضاً وصفة المقشوش الحايلي ووصفة الكبيبة الحايلية وكانت تسمى سابقاً (حويسة الكبيبا)، هي وصفات تميزت بها حاضرة حايل ولا توجد في أي منطقة أخرى إضافة لوصفة التمن والهريس الحايلي.
وبالحديث عن وصفات المنطقة الوسطى نشير إلى أنه تم اعتماد الجريش الطبق السعودي لعام 2023 والمقشوش الحلوى السعودية لعام 2023 أيضا، وكلتا الوصفتين مكوناتها من أرض المنطقة، فالجريش يحتوي على حب القمح المجروش واللحم والسمن والبعض يضيف اللبن والبعض لا يضيفه، وأيضاً المقشوش من طحين البر والماء ويخبز على الصاجه على الحطب ومن ثم يغمر بالشيرة المضاف لها لومي أسود.
وكان في كل موسم وصفات تميزه، فوصفات فصل الصيف تختلف عن فصل الشتاء، ووصفات موسم الحصاد تختلف عن موسم الزراعة، وهكذا في جميع مناطق المملكة.
العشوة ضمن عادات المنطقة الوسطى في شهر رمضان
هناك عادات كانت ومازالت في بعض مدن المنطقة الوسطى، على سبيل المثال: في ليلة دخول رمضان كان هناك عادة يسمونها (القرش) أو (العشوة) أو (التقريش)، وفيها يجتمع أهل الحي، كل بيت يجهز وصفة تراثية حسب قدرته والمتوفر لديه، وتمد في أحد شوارع الحي المتوسطة للبيوت سفرة ليلة رمضان للرجال، وتمد سفرة النساء في أحد بيوت كبار أهالي الحي، ويصاحبها احتفالية بدخول رمضان ومباركات وفرحة الأطفال واستعدادهم لتجربة الصيام.
ويشترك في إحياء هذه الليلة أغلب مناطق المملكة، فقد ثبت حسب الروايات التاريخية أنها في مكة وفي نجد وفي عسير وفي شرق المملكة أيضا منذ قيام الدولة السعودية الأولى.
التبادل التجاري مع العراق ودول الشام واستقرار بعضهم واستيطانهم في الشمال أكبر الأثر في تنوع الوصفات
وعندما ننتقل لشمال المملكة نجد الوصفات المعتمدة على الثروة السمكية ووصفات مرتبطة بالمنتجات الزراعية، أيضا كان للتبادل التجاري مع العراق ودول الشام واستقرار بعض قبائلهم واستيطانهم في الجزء الشمالي أكبر الأثر في تنوع الوصفات، وأصبح هناك التراثي والتقليدي، ونذكر على سبيل المثال: البكيلة وعصيدة السمح والمثقلة والمعتمدة على نبتة السمح الموسمية في الجوف، إضافة لبعض المكونات الأخرى، ومريس الترنج أيضا لوفرته في الشمال، إضافة للصيادية والمصنقرة وقرص الجمر(خبز الملة) وخبز المصلية والمقطوطة وفتيتة السمن، إضافة لوصفة آذان الشايب والمليحي والبقيشات (ورق عنب يلف بطريقه لف الكبيبا).
وفرة النخيل له بالغ الأثر في دخول التمر إلى أصناف الطعام في الأحساء
أما المنطقة الشرقية فقد امتازت أيضا بالمأكولات المعتمدة على الثروة السمكية، إضافة إلى أن قربها من دول الخليج مثل: البحرين وقطر والكويت دفع بتأثرها بثقافة الأكل في دول الخليج بسبب تنقل التجار بينهم، فهناك مفلق الربيان وصالونة السمك، وهناك الهريس الحساوي والرز الحساوي وحلوى الساقو وعصيدة التمر الحساوية المميزة، إضافة إلى أن وفرة النخيل في منطقة الأحساء كان لها أكبر الأثر في تنوع الأكلات المرتبطة بالتمر أو النخيل، فهناك جمارة النخل والتي تستخدم في المنطقة في عديد من الوصفات أو يتم أكلها مباشرة.
ثقافة الأكل اليمني وحضور على السفرة الجنوبية
وعندما ننتقل إلى أقصى الجنوب ننتقل لثقافة أكل مميزة تعتمد اعتماداً كبيراً على دقيق البر ودقيق الذرة والسمن والعسل وزيت السمسم، إضافة إلى الأجواء الممتازة والمناسبة لاستمرارية الكثير من المحاصيل وجودتها طوال العام.
يأتي ضمن هذه المكونات التي تعدها السيدة السعودية الجنوبية سفرة عامرة فيها العريكة والعصيدة والمشغوثة والمصبعة وثريف الدخن والعديد من الوصفات الأخرى. وهناك بعض وصفات امتازت بها منطقة نجران، مثل: الرقس والبر والسمن والوفد والمرق والحمسة.
إن لجازان نصيب كبير من الوصفات المميزة المعتمدة على الثروة السمكية فنجد هناك سمك الميفا ومكشن الضيرك ومكشن المولوخية وكعم البر وكعم الذرة وكعم الدخن، إضافة لبعض أنواع الحلوى اللذيذة مثل: المرسة الغريبة الفرسانية وحلوى النارجين.
وبطبيعة الحال وجغرافية المكان وقربها من اليمن فقد كان لثقافة الأكل اليمني حضور في السفرة الجنوبية منذ أكثر من مئة عام إلى الآن، ما جعلها تندرج تحت معيار توثيق الوصفات كأكلة سعودية: مثل المعصوب والسلتة والمندي والمظبي.
واستطاعت السيدة السعودية بما تملك من مهارة بالفطرة ودراية باحتياجات أسرتها وما يتوفر لديها من موارد أن تعد سفرة عامرة تتجلى بها صفة الكرم التي امتاز به أهالي المملكة منذ القدم، فكانت تعد الأصناف المتعددة من موارد بسيطة جداً ولكنها غنيه جداً بالإضافة إلى كونها صحية ومميزة جداً.
عادات الأسر السعودية في الأكل ألفة وتلاحم وتراحم
هناك الكثير من العادات الجميلة التي ارتبطت مع المواسم سواء في رمضان أو الأعياد، فنجد الأسر في السعودية تخصص ليالي اجتماع دورية في الأحياء تتشارك الأفراح والأتراح، ويعلمون عن حالة بعضهم، فمثلاً توزيع الأضاحي يضع على ذي الحال الميسور أو من وصلته هدايا من جيرانه علامة على بابه تعني أنه لا يحتاج اللحم ويعطى لجاره، وكان يتجلى في مواقف شبيهة بهذا لموقف الكثير من الألفة والتلاحم والتراحم، وهذا ما كان يميز المجتمع السعودي منذ القدم وإلى وقتنا الحالي.
السيدة السعودية سيدة مطبخ من الدرجة الأولى
في جميع المناطق بمختلف طبيعتها كانت السيدة السعودية سيدة مطبخ من الدرجة الأولى، بفطرتها استخدمت أساليب في الطهي وحفظ الطعام، ولذلك تم اعتماد طريقتها ووصفاتها في مناهج تدرس في دبلومات الطهي العالمية.
فهي تقوم بحفظ التمر بضغطه بالحجر أو بوضعه بما يسمى الجصة التي تبنى خصيصاً لحفظ التمر وينتج عنه دبس التمر اللذيذ الذي قامت بإضافته للعديد من الوصفات أيضاً، هذه العملية جعلتها تحتفظ بالتمر المكنوز وقتاً أطول في السنة ليأكله أفراد أسرتها في موسم لا يجنى فيه التمر بوفرة.
ولا شك بأنها أيضاً السيدة السعودية استخدمت أسلوب تجفيف التمر وطحنه وإضافته أيضاً للعديد من الوصفات سواء كمكون أساسي في الوصفة أو كمكون إضافي يضاف على الوجه مع الكشنة.
وتتعدد طرقها وأساليبها لتتجه إلى اللحوم التي قامت بتجفيفها في موسم الأضاحي أو إذا شعرت حسب العديد من المؤشرات أن الماشية ستمرض سواء بسبب شح الربيع والماء لتستفيد من لحومها وذلك بتشريح اللحم وتمليحه ونشره في الشمس ويسمى بالقفر.
وكان للسيدة السعودية دور كبير في المناطق الزراعية فتتعدد طرق وأساليب حفظها لكل خيرات الطبيعة التي لا تتوفر إلا بالمواسم، لذلك تقوم بتجفيف الطماطم واللوبيا والفلفل الحار بعد تنقيته وتنظيفه واستخدامه في العديد من الوصفات.
السيدة السعودية بحنكتها استفادت من القمح أقصى استفادة ومن خلال عملية طحنه على الرحى ودرجة طحنه جعلتها تنوع من الوصفات، فباستخدامه بشكله الكامل طهت الهريس، وبتكسيره طهت الجريش، وبتحميص المكسر منه طهت المفلق، وبجرشه أعدت الشوربة، إلى جانب أنها تقوم بطحنه جيداً وتعد الخبز والمرقوق وكافة أنواع الخبز والعصيد، وعلى غرار ما سبق تعاملت السيدة السعودية مع كل الموارد المتاحة لها وحاولت تسخيرها للقيام بإعداد الأكلات اللذيذة منذ قيام الدولة السعودية.
صورة نادرة للشيخ سلمان بن حمد آل خليفة في ضيافة الملك عبدالعزيز
الأمير عبدالله السديري أمير المدينة المنورة على مائدة الملك فيصل -رحمهم الله جميعاً- 1377ه
الملك سعود -رحمه الله- في إحدى المناسبات
مضيف ثليم الذي خصص للقادمين من الخارج
صورة نادرة مائدة ملكية على شرف الملك عبدالعزيز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.