جائزة الملك عبدالعزيز للجودة.. السعي نحو العالمية

رسخت الرؤية 2030 مبدأ الجودة والتميز كأحد مفاصل الإبداع في كل مناشط الدولة، بهدف الوصول إلى التميز المؤسسي وتحسين الأداء والارتقاء بمستوى الخدمات والالتزام بالحوكمة وقياس الأداء، ويقاس مدى نضج ومستوى التميّز بين الدول بعدد وتاريخ جوائز الجودة والتميّز الوطنية والتي تؤكد أهمية وضرورة تبني المنشآت لنماذج الجودة والتميّز المؤسسي، ولعل وجود جوائز محلية ووطنية للجودة والتميّز المؤسسي في أكثر من 90 دولة حول العالم دليل قاطع على هذه الأهمية.
ومن الأهمية بمكان القول إن العالم أصبح يولي اليوم اهتماما متزايداً ببرامج وجوائز الجودة والتميز المؤسسي انطلاقا من أهميتها ودورها الملموس في تحسين الأداء والارتقاء بمستوى الخدمات والمنتجات المحلية وتمكينها من المنافسة الإقليمية والعالمية.
رؤية 2030 عززت مفاهيم تحسين الأداء والارتقاء بمستوى الخدمات
والمملكة ليست بمعزل عن كل هذا الحراك العالمي فحسب، بل تقوده وفق الرؤية 2030 باقتدار حيث أولت الرؤية 2030 اهتماماً كبيراً بتبني مفاهيم الجودة والتميز المؤسسي، وقد مثل إطلاق جائزة الملك عبدالعزيز للجودة محطة مهمة في مسيرة الجودة والتميز المؤسسي بالمملكة.
ودشنت الجائزة نموذجها الجديد في عام 1436ه 2015م ليكون بمثابة الإطار المرجعي لتطبيق الجودة والتميز المؤسسي في المملكة، وقد روعي في تصميمه وبناء معاييره الرئيسة والفرعية عدداً من العناصر الرئيسة لتجعل منه نموذجاً وطنياً موحداً للجودة والتميز المؤسسي لجميع القطاعات في المملكة.
20 عاماً من التميز
وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز شرف صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض حفل الدورة السادسة لجائزة الملك عبدالعزيز للجودة، وفعاليات الملتقى السادس لأفضل ممارسات الجودة والتميز المؤسسي التي تقام تحت شعار "التميز سعي للعالمية"؛ مما يعكس ديمومة هذه الجائزة والحرص على استمراريتها، خصوصاً وأنّ أمير منطقة الرياض ثمن الإنجازات التي حققتها جائزة الملك عبدالعزيز للجودة على مدى عشرين عاماً، لترسيخ مفهوم الجودة والتميز العالمي في مجالات مختلفة، مشيداً سموُّه بالتنافسية العالية بين القطاعات المشاركة على المستوى الحكومي والخاص والقطاعات غير الربحية والاستحقاق للفائزين بالجوائز، مباركاً لهم هذا الإنجاز الذي يحمل اسم المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيَّب الله ثراه-.
هيئة المواصفات وقيادة الجودة
وتقود الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة؛ فلسفة الجودة وتقديم الدعم والمساعدة لتحقيق التميز المؤسسي والوصول لمستويات عالمية، وتتلخص العناصر التي بني على أساسه التمكين لمبادئ الجودة والتميز المؤسسي وتجذيرها بطريقة علمية ووفق أفضل الممارسات العالمية وبما يتناسب والبيئة المحلية، فالنموذج يحدد متطلبات التميز ويرسم الإطار المرجعي للتطبيق بشكل منظم، فهو متكامل في هيكليته ومترابط بين مختلف أجزائه ومعبر في صياغته وواضح في مصطلحاته التي تتناسب مع جميع القطاعات في المملكة ولا يخاطب قطاعا محدد.
الريادة العالمية
وتتمحور رؤية الجائزة أن تكون رائدة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، وأن تحقق أهدافها للارتقاء بمستوى الجودة في المجالات الإنتاجية والخدمية في المملكة، وهذا ما أكد عليه الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس في كلمته التي قال فيها "نحن أبناء هذه البلاد موطن الحرمين الشريفين صنعنا وصدَّرنا الجودة فكيف لا نكون من أهل الجودة"، مؤكدا أن الجودة خيار استراتيجي لا بد منه، وأنه ليس ترفاً فكرياً أو تعاملاً سلوكياً مجردًا فحسب، ولا شعارات تردد، وإنما ممارسات وسلوك وأفعال ورؤية سديدة وأفكار ورسائل نبيلة وبرامج عملية متميزة وآليات تنفيذ إبداعية، واقترح الشيخ السديس أن تكون جائزة الملك عبدالعزيز للجودة جائزة عالمية ويصدر عنها موسوعة سعودية وطنية رقمية بعدة لغات للجودة تحصر أعمال الجودة في كل القطاعات وتكون رقمية تترجم باللغات.
إطار مرجعي
وتعمل جائزة الملك عبدالعزيز للجودة على تعزيز التنافس من خلال تقديم إطار عام مرجعي لتقييم أداء المنشآت وتطويرها وفق معايير دولية للتميز وإبراز دورها في نشر مفاهيم الجودة والإبداع وتطبيقاتها، هناك تشابه كبير في معايير جوائز الجودة بشكل عام، حيث تستخدم هذه المعايير في تقييم أداء المنشآت، وتم بناء معظم نماذج التميّز العالمية وفق مبادئ أساسية للتميّز، ألا وهي القيادة الإدارية والتخطيط الاستراتيجي والموارد البشرية والموردون والشركاء وإدارة العمليات والتركيز على المستفيد والتأثير على المجتمع.
وتأتي جائزة الملك عبدالعزيز للجودة لتكون الإطار الوطني لمعايير التميّز المؤسسي والمحفز الرئيس لدفع عجلة التميّز وتعظيم الفوائد لدعم وتعزيز الاقتصاد الوطني واتباع المنشآت أسلوب علمي ومعايير وطنية تمثل الإطار العام والمرجع الأساسي في التميّز المؤسسي، فضلا عن زيادة رضا المستفيدين وولاء العاملين وبقية المعنيين من خلال العمل على التحسين المستمر ورفع مستوى جودة المنتجات والخدمات وإيجاد بيئة محفزة للمنافسة بين مختلف القطاعات ونشر الوعي بالجودة والتميز في الأداء بين العاملين وتثبيت جهود تحسين التميّز المؤسسي عن طريق توثيق العمليات والنتائج.
القصبي: تحولات غير مسبوقة
وقد أكّد وزير التجارة رئيس اللجنة الإشرافية للجائزة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي على التحول غير المسبوق الذي تشهده المملكة في المجالات والأنشطة كافة، وهو إحدى ثمار رؤية المملكة 2030 التي جعلت التميز المؤسسي والجودة والإتقان هدفاً أساسياً وثقافة عمل للارتقاء بتنافسية المملكة، والوصول للعالمية مؤكدا أن المنتجات الوطنية اليوم تحظى باعتراف عالمي، وبلغت نسبة النمو في المنتجات الحاصلة على علامة الجودة السعودية خلال عام 2022م (29 %) بأكثر من (138 ألفا).
وأنشئت جائزة الملك عبدالعزيز للجودة عام 1420 بهدف تحفيز جميع القطاعات لتطبيق أسس التميّز من أجل رفع مستوى جودة الأداء وتفعيل التحسين المستمر لعملياتها الداخلية وتحقيق رضا المستفيدين، وتكريم أفضل المنشآت ذات الأداء المتميز والتي تحقق أعلى مستويات الجودة بحصولها على التقدير اللائق على المستوى الوطني لما حققته من إنجازات، وبلوغها مرتبة متميزة بين أفضل المنشآت المحلية. وتُعَدُّ الجائزة وسيلة لتحقيق التميّز في الأعمال من خلال توفير إطار متكامل لتنسيق جميع أنشطة تحسين الأداء وإدارتها، وذلك بتمكين المنشآت من تقييم مستوى أدائها الحالي ومقارنته بمستوى الأداء في المنشآت المتميزة على مستوى العالم، ومن ثم العمل على سد الثغرات الموجودة بين المستويين.
رحلة التميز
ويهدف برنامج تأسيس التميز وفق نموذج جائزة الملك عبدالعزيز للجودة لبدء رحلة التميز المؤسسي للمنظمات من خلال بناء المنهجيات الأساسية ذات الأولوية استناداً للتقييم الذاتي للمنظمة وذلك بتنفيذ مشروعات التحسين وفقا لنموذج جائزة الملك عبدالعزيز للجودة.
استراتيجية جديدة
ووضعت الجائزة استراتيجية جديدة (2022م -2026م) والتي ستسعى فيها أن تكون ممكناً ومحوراً وطنياً للتميّز المؤسسي، حيث بنت رؤيتها على أن تكون مرجعًا رئيسا وقائدا للتميّز المؤسسي محليا وإقليميا، وارتكزت استراتيجية الجائزة (2022م -2026م) على خمسة محاور استراتيجية بداية من بناء كيان مستدام لتقود التميّز المؤسسي وتحسن الصورة الذهنية للجائزة وتعمل على تقييم الأثر ومواكبة نموذج التميّز وبالتالي تحقق استدامة الأثر.
فمن خلال العمل على هذه المحاور الاستراتيجية تتطلع الجائزة إلى تحقيق نتائج استراتيجية عُليا لانتشار تطبيق النموذج الوطني للتميّز المؤسسي بين جميع القطاعات وتمكين قادة التغيير نحو التميّز المؤسسي وتحفيز المنشآت على الارتقاء بمستويات التميّز المؤسسي.
معايير محددة
وتقدم الجائزة معايير محددة تمكن المنشآت من تبني مبادئ التميّز من خلال معايير النموذج الوطني الموحد للتميّز المؤسسي، عند تقدم المنشأة للجائزة، تعطي المنشأة نفسها فرصة للخضوع لعملية تقييم موضوعية من قبل مقيمين معتمدين لديهم خبرة في تقييم المنشآت محلياً وإقليمياً وتستفيد المنشأة من التقرير التعقيبي للتعرف على فرص التحسين التي تساعد المنشأة في زيادة النمو وتعزيز الميزة التنافسية وتحسين الأداء العام وتحقيق الاستدامة.
رحلة الوطن
كما عكس محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة الأمين العام للجائزة الدكتور سعد بن عثمان القصبي الاهتمام بمعايير الجودة عندما قال إن انطلاق رحلة الوطن نحو التميز والريادة بخطى راسخة بدأها الملك المؤسس واستمر أبناؤه الملوك البررة من بعده في رحلة التطور والبناء وصولاً لهذا العهد الزاهر بقيادة خادمِ الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز نبراس مسيرتنا نحو التميز والريادة، وبتمكين من سمو ولي عهده - ملهم الرؤية الطموحة للمملكة 2030.
وتقدمت 300 جهة لهذه الدورة من الجائزة، استكملت منها 96 جهة تقرير المشاركة وتأهلت للتقييم المكتبي والميداني، وفازت منها 15 جهة بالمستويين الذهبي والفضي، وهناك ارتفاع عدد المقيمين المشاركين في نشاطات التقييم في هذه الدورة بنسبة 27 % مقارنة بعدد المقيمين المشاركين في الدورة الخامسة ليصل إلى 86 مقيِّماً، كما تضاعفت مشاركة المقيِّمات السعوديات في هذه الدورة بنسبة 100 % عن عدد المشاركات في الدورة السابقة ليصل مجموع عدد المقيمات السعوديات المشاركات في نشاطات التقييم 19 مشاركة.
الجائزة تعد بكل المعايير وسيلة لتحقيق التميّز في الأعمال من خلال توفير إطار متكامل لتنسيق جميع أنشطة تحسين الأداء وإدارتها، وذلك بتمكين المنشآت من تقييم مستوى أدائها الحالي ومقارنته بمستوى الأداء في المنشآت المتميزة على مستوى العالم، ومن ثم العمل على سد الثغرات الموجودة بين المستويين.
دولتنا دولة الجودة
وحصدت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على المستوى الفضي عن فئة الهيئات والمؤسسات، وتسلم الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس الجائزة في حفل الملك عبدالعزيز للجودة⁩ للمنشآت الفائزة في دورتها السادسة.
وقال الشيخ السديس: "إن دولتنا دولة الجودة وملكنا ملك الجودة والتميز وولي عهدنا رمز الجودة وشبابنا مجودون وشعبنا هم صناع الجودة؛ فلماذا لا نكون أهل الجودة"، مقدماً شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رائد مسار الجودة والتميز في المملكة والعالم على جهوده لخدمة المبدعين والمتميزين.
كما عبر الرئيس العام عن تقديره وشكره لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مهندس الجودة ورائد الرؤية المباركة 2030 لدعمه المتواصل للمجودين والمتميزين.
الجائزة تسعى لتكون رائدة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي