نيابة عن الملك.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة ب"مؤتمر القمة الإسلامي"    «البدر» اكتمل.. و رحل    انطلاق فعاليات شهر التصلب المتعدد بمسيرة أرفى بالشرقية    باكستان تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    مصر: الفنانة السورية نسرين طافش تستأنف على الحكم بحبسها 3 سنوات.. الأربعاء    جيرارد: محبط بسبب أداء لاعبي الاتفاق    غاياردو يغيب عن المؤتمر الصحفي بعد ثلاثية أبها    جوتا: لا نفهم ماذا حدث.. ونتحمل مسؤولية "الموسم الصفري"    التسمم الغذائي.. 75 مصاباً وحالة وفاة والمصدر واحد    توقعات بهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    توافق سعودي – أذربيجاني على دعم استقرار "النفط"    "زرقاء اليمامة" تفسر أقدم الأساطير    رحل البدر..وفاة الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر ناهز ال75 عاما    "تسلا" تقاضي شركة هندية لانتهاك علامتها التجارية    الذكاء الاصطناعي يبتكر قهوة بنكهة مميزة    3 مخاطر لحقن "الفيلر" حول العينين    بدء إجراءات نقل السيامي "عائشة وأكيزا" للمملكة    إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية مرتفعة    انخفاض أسعار النفط في أكبر خسارة أسبوعية في ثلاثة أشهر    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي وينخفض مقابل اليورو الأوروبي    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    "الترفيه" تنظم عروض "سماكداون" و "ملك وملكة الحلبة" في جدة الشهر الجاري    «الأونروا»: الصراع في غزة مستمر ك"حرب على النساء"    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    اليوم المُنتظر    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    عقد المؤتمر الصحفي لبطولة "سماش السعودية 2024" في جدة    جريمة مروّعة بصعيد مصر.. والسبب «الشبو»    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوجه بسرعة العمل على فتح الطرقات وتقديم المساعدة    ميتروفيتش: لم نحسم لقب الدوري حتى الآن    إدانة المنشأة الغذائية عن حادثة التسمم الغذائي وإغلاق فروعها بالرياض والخرج    توسيع نطاق الاستثناء الخاص بالتصرف العقاري    غداً.. منع دخول المقيمين لمكة دون تصريح    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    "درع الوقاية 4".. مناورات سعودية – أمريكية بالظهران    «الدفاع المدني» محذراً: التزموا البقاء في أماكن آمنة وابتعدوا عن تجمُّعات السيول    «البيئة»: 30 يومًا على انتهاء مهلة ترقيم الإبل.. العقوبات والغرامات تنتظر غير الملتزمين    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    كيفية «حلب» الحبيب !    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطب البديل والتكميلي في المملكة علم متوارث
نشر في الرياض يوم 28 - 12 - 2022

ممارسات الطب البديل والتكميلي موجودة حتى مع وجود المستشفيات
76 ٪ من المواطنين يلجؤون للطب الشعبي
التوجه العلمي في الطب البديل والتكميلي هو مقياس لمدى مأمونية العلاجات البديلة وفعاليتها
السياحة العلاجية رافد استثماري
مضاعفات الطب الشعبي خطيرة وضحايا الكي من أكثر الحالات التي نراها في المستشفيات
يوجد في المملكة أكثر من 6500 محل عطارة تبيع معظمها خلطات عشبية بعضها ضار بالصحة
ممارسات الطب البديل والتكميلي ليست جديدة وفي المملكة عائلات تتوارث هذه الممارسات أباً عن جد
تحديات تواجه ممارسي الطب البديل والتكميلي
لا يمكن الترخيص للمعالجين الشعبيين بالاعتماد على الخبرة فقط دون الشهادة
ناقشت ندوة الرياض، مؤخرًا، موضوع الطب البديل والتكميلي في المملكة العربية السعودية، والتاريخ القديم لهذا النوع من الطب، والممارسات الدارجة تحت مظلته منذ آلاف السنين، ودور وزارة الصحة في تنظيم العمل في هذا المجال، من خلال إنشاء مركز للطب البديل والتكميلي، يتولى تنظيم الممارسات وإجراء الدراسات والبحوث والبرامج التدريبية، وذلك بمشاركة كل من: المدير التنفيذي للمركز الوطني للطب البديل والتكميلي الدكتور عبدالرحمن الصحبي وأستاذ الطب البديل والتكميلي المشارك بجامعة الإمام الدكتور سعود السند وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين والتصوير النووي المهتم بنشر الثقافة الدكتور خالد النمر وخبير تعزيز الصحة المهتم بصحة المستهلك الدكتور عبدالرحمن بن يحيى القحطاني.
ورحب رئيس التحرير الأستاذ هاني وفا، بضيوف ندوة الرياض، منوهًا بأهمية هذا الموضوع، وحاجة الناس للتوعية بأهم الآثار المترتبة على الاستخدامات العشوائية من قِبل غير المختصين.
نشأة المركز الوطني للطب البديل التكميلي
وفي بداية الندوة تطرق د. عبد الرحمن الصحبي لتاريخ إنشاء المركز الوطني للطب البديل والتكميلي، الذي أنشئ عام 1429ه بقرار من مجلس الوزراء، وفي العام 1430ه صدر له تنظيم ل 13 مادة تخص كل ما يتعلق بالطب البديل والتكميلي في المملكة العربية السعودية من رقابة وتنظيم، وتوعية، وتدريب، وبحوث.
أقسام الطب البديل
وأوضح أن هنالك خمسة أقسام للطب البديل والتكميلي حسب تصنيف المركز الوطني الأميركي للطب التكميلي والصحة الاندماجية، فهناك المعالجات اليدوية مثل تقويم العظام والعمود الفقري وهناك المعالجات البيولوجية والأعشاب والمنتجات الطبيعية، كذلك هناك المعالجات الروحية والجسدية مثل الرقية الشرعية والعلاج بالقرآن والتأمل، وهناك الأنظمة الصحية المتكاملة مثل الطب الصيني التقليدي والطب الهندي والطب اليوناني والطب النبوي، وهناك القسم الخامس وهو طب الطاقة وهذا النوع حاليًا ممنوع ممارسته في المملكة العربية السعودية.
200 مركز مرخص للحجامة
ومن الممارسات المرخص لها الحجامة، فهنالك ما يقارب 200 مركز مرخصًا في المملكة وقال إن المركز الوطني للطب البديل والتكميلي يقوم بتصنيف الممارسين الصحيين للطب البديل والتكميلي، وأما بالنسبة للمعالجين الشعبيين فمن الصعوبة تصنيفهم لأن كثيرًا منهم ليست لديه شهادات علمية، إنما يعملون معتمدين على خبراتهم، ويعمل المركز جاهدا لإيجاد آلية لهذه الفئة من المعالجين.
مؤكدًا بأن الممارسات الشعبية الحالية قد يكون لها أصل في الطب البديل والتكميلي مثل الطب اليوناني، أو الطب النبوي، أو الطب الهندي، أو الطب الصيني، ولكن من المهم معرفة كيفية التعامل مع هذه الممارسات من حيث المأمونية والفاعلية وعدم التعارض مع الشريعة.
مشيرًا إلى أن هنالك دراسة صادرة عن المركز الوطني للبحوث والدراسات الاجتماعية لعام 2019 كشفت أن 76 ٪ من المواطنين في المملكة يمارسون الطب الشعبي.
مفهوم الطب البديل والتكميلي
وفيما يتعلق بمفهوم الطب البديل والتكميلي أوضح د. سعود السند: أن الطب البديل أو التكميلي يعني أي ممارسة أو نشاط أو علاج يستخدم خارج نطاق الطب الحديث، وهذا المفهوم يجمع كل ما يخص الطب البديل.
وأطلق عليه بديل لأنه يستخدم بشكل كامل بديلا عن الطب الحديث وهناك من يمارس هذا النوع من الطب خصوصًا في آسيا وهناك من يتعامل فقط بالطب البديل ويرفض الطب الحديث، كما أطلق عليه تكميلي لأن الناس تستخدمه بجانب الطب الحديث الموجود حاليًا.
واستخدامات الطب البديل والتكميلي موجودة بالفعل حتى مع وجود المستشفيات ومراكز العلاج الحديثة، ويوجد من المرضى من يجمع بين ممارسات الطب البديل والطب الحديث، فهناك الكثير من الناس يسلك هذا الطريق في العلاج وخاصة في أنواع معينة من الأمراض وهنالك دراسات قيد التنفيذ لتحديد أسباب ذلك.
تباين في مسميات الطب البديل والتكميلي
وفيما يتعلق بمسميات الطب التكميلي ذكر الدكتور عبدالرحمن القحطاني أن هناك تباينا في تسمية هذا النوع من الطب في دول العالم، وفي اعتقادي أن المصطلح الذي تتبناه منظمة الصحة العالمية يمثل مصطلحا متوازنا بتوافق ووضع معظم الدول، فهي تسميه «الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي». وهي بهذا المفهوم دمجت ما بين الممارسات الطبية الشعبية المتأصلة في عدد من ثقافات شعوب العالم، وبين استخدامه كجانب تكميلي ومساند للطب الغربي الممارس في جميع دول العالم.
وعندما يدخل هذا الطب فعليا في نُظم الرعاية الصحية، ويدخل كجزء من خدماتها الرئيسة، بطريقة متناسقة وتكاملية، ووفق أسس منهجية وعلمية تضمن استدامته، فهنا يسمى بالطب التكاملي.
الطب البديل موجود في منازلنا
وعن موقف الأطباء من الطب البديل والتكميلي، قال الدكتور خالد النمر، شئنا أم أبينا فالطب البديل موجود بالفعل، ورغم أنني لا أنصح الناس به، إلا أنه موجود حتى في منزلي؛ فالأهل يمارسون الطب البديل بشكل أو بآخر حتى على أولادي، لذلك أعتقد أن النجاح الحقيقي يكمن في احتواء الطب البديل واعتباره تكميلياً، ومعنى ذلك يجب أن يكون ممارسو هذا النوع من الطب على دراية كاملة بممارسات طب الأعشاب، وفي آسيا على سبيل المثال تجد طبيباً مختصاً وممارسا مختصا في طب الأعشاب يتناقشان للوصول للحل الأمثل.
وطالب النمر بضرورة وجود كليات لتخريج ممارسي الطب البديل موازية للطب البشري الحديث، كما طالب بضرورة تطبيق التراخيص لممارسي الطب البديل والتكميلي، حتى لا نجد من يمارس هذا النوع من الطب تحت الطاولة، فكما أن هناك مراكز للحجامة يجب أن يكون هناك محلات للأعشاب يديرها مختصون في مجال الأعشاب لديهم شهادات ودورات، ويكون لديهم الرخص المعتمدة من وزارة الصحة، ليكونوا تحت طائلة القانون عندما يخطئون التشخيص، فنحن لسنا ضد الطب البديل، لكن يجب أن يكون منظماً وفعالاً وتحت إشراف وزارة الصحة، فهو مساعد للطب الحديث، ويجب أن نعمل يداً بيد للوصول إلى أفضل النتائج.
كما شدد النمر على أهمية تفاعل مركز الطب التكميلي مع الناس ومع المختصين عبر تويتر والوسائل الأخرى، والإجابة عن التساؤلات المتعلقة بممارسات الطب البديل والتكميلي، خاصة ما يتعلق بالأعشاب وتأثيراتها؛ لخلق حراك علمي وتوعوي يساهم في الحد من الكثير من التأثيرات المترتبة على استخدامات الأعشاب بشكل عشوائي.
طب متوارث
وذكر الصحبي أن ممارسات الطب البديل والتكميلي ليست بالجديدة، ففي المملكة عائلات يتوارثون هذه الممارسات أباً عن جد وهنالك أشخاص يريدون التدريب لدينا بالمركز، ولكن المشكلة ليست في التدريب، بل في عدم وجود شهادات علمية تؤهله للتدريب، لإثبات المأمونية فيما يقوم به من أعمال وممارسات، وهذا من التحديات التي نواجها، إلا أننا نقوم الآن بجمع البيانات والمعلومات عن هؤلاء الممارسين في المملكة، وفي الوقت الحالي لا يمكن أن نرخص لهم وليس لديهم شهادات علمية لأننا لا نعتمد على الخبرة فقط انما على الدراسة قبل الخبرة، كذلك من التحديات أن هناك معالجين شعبيين يعالجون جميع الأمراض، والوصفات كثيرة، ونادرا ما تجد معالجاً شعبياً يعالج مرضاً واحداً.
كذلك تكمن التحديات لدى المركز الوطني للطب البديل والتكميلي في وجود أكثر من 6500 محل عطارة يبيع معظمها خلطات عشبية بعضها ضار بالصحة، وهذا يتطلب أن يكون العاملون عليها من الكوادر المؤهلة والمدربة، فإذا توفرت الكليات أو المعاهد التي تعطي دبلوماً أو تأهيلاً في هذا المجال فمن السهل بعد ذلك الترخيص لهم وتصنيفهم، وإلا سوف نظل على ما نحن عليه الآن من مشكلات ومضاعفات وممارسات.
وبالنسبة لجمع البيانات عن المعالجين الشعبيين في المملكة، فالعمل في هذا الشأن جارٍ، ولا يوجد ترخيص لهم، نظرًا لوجود بعض التحديات، مثل عدم وجود شهادات معتمدة لهؤلاء المعالجين.
الواقع والتحديات
وعن الواقع والتحديات التي تواجه المملكة في الطب التكميلي قال القحطاني، إن المملكة خطت خطوات مميزة خلال العقدين الأخيرين في تطوير العمل بمجال الطب التكميلي، خصوصا بعد إنشاء المركز الوطني للطب البديل والتكميلي، إلا أن الطريق ما زالت طويلة وشاقة، ولعل من أبرز التحديات، هو ضعف التأييد من قبل بعض القيادات في القطاعات الصحية ذات العلاقة، وعدم إعطاء هذا النوع من الطب أهميته وحاجته للمجتمع.
كما تمثل ندرة الموارد البشرية والمتخصصين في المجالات المتعددة للطب التقليدي والتكاملي أحد أهم التحديات التي تواجها المملكة، إضافة إلى محدودية الموارد المالية. كما يعزز القصور في ذلك ندرة ونقص التعليم والتدريب، وقلة الدراسات والأبحاث على المستوى المحلي والعالمي.
كما تشمل التحديات ما يتعلق بنقص الآليات الملائمة لرصد وتنظيم شؤون مقدمي الطب التقليدي والتكميلي، والتحديات المتعلقة برصد مأمونية وفعالية منتجاته وممارساته، وإعداد السياسات والأنظمة والدلائل الإرشادية. وكذلك الحاجة للاهتمام بالتوعية الصحية في هذا المجال، يضاف لذلك الصعوبات المعنية بإدماجه في النظام الصحي في المملكة.
وفي اعتقادي أن علينا في المملكة أن نحدد ونتفهم بشكل أعمق ما يعنيه الطب التقليدي والتكميلي في إطار الوضع والاحتياج الوطني، عبر تحليل شامل للوضع، يتم فيه إجراء مسوحات موسعة، ومعرفة وتحديد الأنماط المستخدمة في المملكة من ذلك الطب، وتحديد من يقومون بها، والأسباب الداعية لذلك الاستخدام، ووضع قائمة بأولويات واحتياجات المجتمع الحالية والمستقبلية. وهو ما تدعو إليه منظمة الصحة العالمية.
ندرة الأبحاث والدراسات
وحول ندرة الأبحاث المعنية بالطب التكميلي والممارسات المحلية للطب الشعبي، ذكر القحطاني أن المركز الوطني للطب البديل والتكميلي يقوم بجهود مشكورة في ذلك. وفي المقابل، فالطريق طويل ومضني في هذا المجال ولا زالت المملكة في بدايته.
وقال إن من أولويات البحوث الوطنية في هذا المجال إجراء مسوحات وطنية تحدد حجم الاستخدام لممارسات الطب الشعبي والتكميلي في المملكة، ونوعية تلك الممارسات وحصر الممارسين، وتحديد الاحتياجات الحالية والمستقبلية للمجتمع السعودي في سياق التاريخ والثقافة المحلية، إضافة للدراسات المعنية بمأمونية وفاعلية تلك الممارسات، وذلك يستدعي إنشاء وحدات وكراسي بحثية، واستحداث شبكات وطنية للبحوث تُعنى بهذا الجانب من الطب.
محدودية التعليم
وعن محدودية التعليم والتدريب في هذا الجانب، ذكر القحطاني أن التعليم والتدريب يمثل أحد أهم التحديات التي تواجه العمل في الطب التكميلي محليا وعالميا. ومع ذلك فهناك عدد من الدول تمتلك نجاحات منهجية مميزة في هذا المجال نحتاج إلى الاستفادة منها. حيث تشير منظمة الصحة العالمية في أحد تقاريرها التي صدرت عام 2013 بوجود 39 دولة توفر برامج تعليمية رفيعة المستوى في مجال الطب التقليدي والتكميلي، بما في ذلك درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
ومن المهم أن تسعى وزارة التعليم بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتحديدا هيئة التخصصات الصحية والمركز الوطني للطب البديل والتكميلي، للبدء في تبني برامج دراسات عليا في تخصصات الطب التكميلي وفق احتياج وأوليات المجتمع.
وفي المملكة يُدرج الطب التكميلي كأحد المقررات في بعض الكليات الطبية، وهذه خطوة مهمة تساعد في بناء التأييد منذ وقت مبكر لدى الطلبة، وتحتاج وزارة التعليم لتقييم هذه التجارب وتطويرها ثم تعميمها على كافة الكليات الصحية.
دمج الطب البديل بالطب الغربي
وحول إمكانية دمج الطب البديل والتكميلي بالطب الغربي، قال د. الصحبي، الدمج موجود الآن في بعض المستشفيات في ممارسات محدودة كالوخز بالإبر، أو تقويم العمود الفقري، أو تقويم العظام، أو الحجامة، وهنالك مستشفيات وعيادات خاصة يوجد لديها تراخيص في الرياض وجدة وكذلك الشرقية وقد بدأ الآن العمل من خلال كوادر مرخصة ومدربة، أما القطاع الحكومي، فهنالك عيادة للطب البديل والتكميلي في مستشفى الملك خالد العسكري في حفر الباطن.
وعن مدى وعي الناس بالطب البديل والتكميلي قال الصحبي، ما زالت التوعية في هذا الجانب قليلة وتحتاج كثيرا من العمل والجهد، رغم وجود هذا النوع من الطب في المدن الكبيرة أو المناطق النائية مع انتشار العديد من المعتقدات الخاطئة والادعاءات المصاحبة للممارسات.
طب اندماجي
وذكر د. سعود أن التوجه الآن لأن يكون المسمى للطب البديل والتكميلي «الطب التكاملي أو الاندماجي»؛ ليتحقق الاندماج في الطب الحديث على أساس علمي مقبول، وبالتالي يتحقق النجاح المرجو من ممارسات الطب البديل إن شاء الله.
وحول جدوى الأعشاب في علاج بعض الأمراض أكد د. سعود بأن ليس كل الأعشاب آمنة وفعالة، فمنها ما يتعارض مع الأدوية التي يأخذها المريض وخاصة مرضى السرطان، وأغلب الدراسات التي أجريت في هذا الجانب تشير إلى أن العديد من مرضى السرطان يقبلون على العلاج بالأعشاب والطب البديل بشكل كبير، وهذا قد يؤثر على «البروتوكول العلاجي» المعد من قبل الطبيب المعالج ومما قد يتسبب أن تزداد الحالة سوء، كما يجب أن يكون الطبيب المعالج على دراية كاملة بما يستخدمه المريض، محذرًا من الإقبال على أي ممارسة دون استشارة الطبيب.
أبرز دراسات المركز الوطني للطب البديل
وعن أبرز الدراسات التي قدمها المركز الوطني للطب البديل والتكميلي أوضح الصحبي أن المركز قام خلال الفترة الماضية بإجراء ونشر أكثر من 93 بحثًا في عدة موضوعات في منطقة الرياض والقصيم وغيرها، شملت دراسات حول استخدام الطب البديل والتكميلي في المجتمع وبين المرضى، وتناول الطب البديل والتكميلي في القنوات الفضائية، وتناول الطب البديل والتكميلي في مناهج الكليات الصحية بالمملكة، وحول المعتقدات الخاطئة في ممارسات الطب البديل والتكميلي، واستخدام المحاكاة في التدريب على ممارسات الطب البديل والتكميلي، والاستثمار في الطب البديل والتكميلي، ومراجعات منهجية حول مأمونية وفاعلية ممارسات الطب البديل والتكميلي ودراسة سريرية محكمة حول مأمونية وفاعلية الحجامة في علاج آلام أسفل الظهر وغيرها الكثير، ونخطط الآن للقيام بدراسة حول موضوع السياحة العلاجية التي سوف تكون أحد روافد الاستثمار في المملكة، وسنركز من خلالها على المأمونية الصحية والمأمونية العقيدية لأن بعض ممارسات طب الطاقة قد تدخل في الشركيات، كذلك الناحية المادية حتى لا يكون هناك استغلال مادي.
تقييم فاعلية العلاجات البديلة
وفي سؤال لكيفية تقييم العلاجات البديلة أجاب الدكتور سعود، نحن الآن نستخدم المعايير العلمية التي تقيّم الطب الغربي في تقييم ممارسات الطب البديل لمعرفة وتقييم نتائجها، فهناك تقييم للحجامة مثلا ولغيرها من الممارسات مثل بعض ممارسات الطب الصيني كالإبر الصينية (والتي تقوم على مفهوم الطاقة وهو مفهوم لا يزال غير مثبت علميا ولا يوجد شرح كافٍ له)، وبالتالي من الصعب حاليًا تطبيق هذه المعايير على غالب ممارسات الطب البديل لمعرفة وتقييم نتائجها. لذلك أصبح التوجه العلمي هو قياس مدى مأمونية العلاج وفعاليته وهل هناك فائدة للمريض أم لا وبما يتوافق مع أخلاقيات وقيم التداوي بشكل عام.
ويظل الطب البديل خيارًا علاجيًا بالنسبة للمريض أو الطبيب المعالج، فالناس تقبل عليه وتقتنع به إذا كانت النتائج فعالة مثل الحجامة لبعض الحالات المرضية، وهذه هي الفكرة الرئيسة، ونحن بدورنا نقوم الآن بعمل المقارنات للتأكد من فعاليته والحكم عليه، فإذا انتشرت خلطة معينة على أنها فعالة فيجب أن تجرى عليها الأبحاث والمقارنات لإثبات ذلك، وفي الحقيقة أن جودة الكثير من الأبحاث والدراسات التي أجريت حول ممارسات الطب البديل لا ترتقي أن تقارن بأبحاث الطب الحديث، فبعض الدراسات حول الطب البديل قد تكون قامت بشكل غير مناسب ولا يمكن الحكم على نتائجها بالشكل الصحيح.
لذلك من المهم رفع الوعي لدى الناس في هذا الجانب، ولا بد من التواصل مع الطبيب، للتأكد من الاستخدام الأمثل للعلاجات، واعتقد أن غالبية الأطباء الآن لديهم خلفية جيدة عن الطب البديل والتكميلي واستخداماته، ففي غالب كليات الطب وغيرها من الكليات الصحية حاليا لا يتخرج طبيب أو ممارس صحي قبل أن يدرس ويخضع لبرامج تعريفية وتدريبية في هذا المجال.
شركات التأمين والطب البديل
وحول مدى إمكانية وجود شركات تأمين تضع ضمن خدماتها التأمين على العلاج بالطب البديل والتكميلي، قال د. الصحبي، في الحقيقة حالياً لا يوجد تغطية للممارسات بالتأمين الصحي، ولا تقوم الشركات الحالية بالتأمين على هذا النوع من الطب، وسنحاول مستقبلاً إقناع شركات التأمين باعتماد التأمين على ممارسات الطب البديل والتكميلي، التي تمارس في عيادات ومستشفيات نظامية مرخصة، وعلى أيدي مختصين مرخصين.
ففي بعض الدول الغربية تسمح شركات التأمين بإضافة الطب البديل والتكميلي ضمن خدماتها التأمينية، مثل سويسرا، حيث لديها خمس ممارسات للطب التكميلي تغطى بالتأمين الصحي، وكذلك دول شرق آسيا تدخل الكثير من ممارسات الطب البديل والتكميلي في التأمين الصحي ومن هذه الدول الصين وسنغافورة، واندونيسيا، والهند، وماليزيا.
التعاقد مع مراكز خارجية للتدريب
وفي مداخلة لأحد الحضور حول ما إذا كان بالإمكان التعاقد مع مراكز خارجية لتدريب الممارسين الصحيين بالمملكة.
أجاب د. الصحبي، هذا مقترح قابل للتطبيق، وتم تبنيه بالفعل في إحدى المدن الطبية بالمملكة، وموضوع مدارس الطب البديل والتكميلي متشعب كثيراً، فمنظمة الصحة العالمية حصرت أكثر من 2000 ممارسة خاصة بالطب البديل والتكميلي، لكن يبقى المهم أن تعرف ما هو الطب البديل والتكميلي المبني على الدليل العلمي والبرهان وأهم ممارساته، وهذا ما يدرسه الطلاب الآن في بعض الكليات الصحية.
موقف الأطباء مع ممارسات الطب البديل
وحول تعامل الأطباء مع أضرار الممارسات في المعالجات البديلة، مثل الكي أو تناول جرعات زائدة من الأعشاب قال د. خالد النمر:
في الواقع الأضرار التي نراها في المستشفيات كثيرة، وخاصة فيما يتعلق بالكي، لأن الكثير ممن يصابون بالجلطات يذهبون إلى المعالجين الممارسين الشعبيين للكي، وقد وقفنا على الكثير من آثار هذا الكي من حروق ومشكلات أخرى.
وأنا أتعجب من بعض المعالجين الذين يتم توقيفهم بين الحين والآخر ثم يعودون إلى هذا العمل مرة أخرى، ويمارسون عملهم على المرضى.
وقد دار نقاش بيني وبين أحد الأشخاص الذين يعملون مع أحد المعالجين الشعبيين -سابقًا- وشاهدت لديه مقاطع لمرضى قد أصيبوا بشلل، وقد عادوا يمشون بعد العلاج بالكي، فقلت له: أنا سوف أحضر لك ثلاثة أشخاص قد أصيبوا بجلطات، فإن عالجتهم سوف أجتهد لجلب ترخيص لك، فقال أنا موافق وحدد لي الموعد، ولكنه لم يأت حتى اليوم؛ لأنه خشي أن تنكشف حقيقته وبالتالي يخسر المرضى ويفقد الربح المادي.
أما بالنسبة للأعشاب فهذا مجال واسع، فالمعالجون الشعبيون يصرفون الأعشاب حتى لمرضى القلب، ومنها أعشاب يدّعون أنها تعالج عدم انتظام ضربات القلب، وكثير من الحالات تدهورت صحتهم بسبب هذه الأعشاب، ولدينا في العيادة مرضى كبد بسبب استخدام بعض الأعشاب التي تسببت في ارتفاع انزيمات الكبد.
فللأسف لدينا معالجون شعبيون، ولدينا عطارون ويكثرون في أطراف المملكة وفي القرى.توجد الآن شركات على مستوى العالم تروج لأعشاب مختلفة وتقوم ببيعها، للنوم أو للكوليسترول وللسعادة ولآلام القولون، وغيرها الكثير، وقد شاهدتها مع بعض المرضى، ووقفنا على أضرارها.
لذلك، يجب أن نكون يداً واحدة في مصلحة المريض، ولسنا ضد الطب الشعبي فهو سيستمر لا محالة، فقد كان موجوداً قبلنا، وسيستمر بعد موتنا، لكن واجبنا يتمثل في إحداث تغيير في ممارسة هذا النوع من الطب ومنع المستغلين لهذه المهنة من معدومي الضمير.
الطب الإسلامي
وقال د. القحطاني، كذلك يتعين على المملكة استثمار مواطن القوة الثقافية لديها الداعمة للطب الشعبي، ويأتي في مقدمتها الطب الإسلامي.
وفي ظل وجود عدد ممن يمارسون الطب التقليدي (الشعبي) في المملكة ممن لا يمتلكون مؤهلات صحية، وهم الأغلب، فلابد من النظر لذلك بطرق مبتكرة غير تقليدية، تستفيد من بعض هؤلاء وفق منظور وتأصيل علمي ومهني. ومن المهم الاستفادة من التجارب الدولية في ذلك، خصوصا تجارب العديد من دول الاتحاد الأوروبي التي وضعت أُطرا وتأصيلا حول كيفية الاستفادة من هذه الفئة التي لا تملك تأهيلا صحيا.
الرقية الشرعية في المملكة
وعن الرقية الشرعية كونها ممارسة من أبرز وأكثر الممارسات في المملكة، ذكر القحطاني أنه يتم حاليا تنظيم عملها من قبل قطاعات خارج المركز الوطني للطب البديل والتكميلي.
وطالب القحطاني بضرورة ربط هذه الممارسة بالمركز، وفق أطر وعمل منهجي علمي مؤسسي. فهذه الممارسة تهدف في المقام الأول لمعالجة بعض الأمراض سواء النفسية أو الروحية أو حتى العضوية وبالتالي فالأنسب والأقرب أن تكون تحت مظلة المركز.
وهناك العديد من التجارب الدولية المميزة في هذا الجانب والتي يمكن الاستفادة منها، على سبيل المثال تقدم العديد من المستشفيات في الولايات المتحدة وكندا واستراليا وبريطانيا خدمات روحانية ودينية لمرضاها، من خلال ما يسمى بالقس الطبي (وفق ديانتهم وقيمهم)، وأصبح لديهم هيئات علمية في ذلك الجانب منها رابطة التعليم السريرية الكهنوتية الأميركية (ACPE)، وتُعنى بالتدريب والاعتراف بالخدمات التعليمية اللاهوتية لدى العديد من مقدمي الخدمات الطبية.
وأشير أيضا إلى «الورقة البيضاء حول مهنة القس الطبي وأهميتها في الرعاية الصحية»، التي أعدتها خمس من أكبر المنظمات المعنية بتلك المهنة في أميركا الشمالية، التي تقدم خدمات تدريبية وشهادات اعتراف في ذات المجال، ويلتحق فيها أكثر من 10.000 عضو من مختلف الأديان، حيث تطالب الورقة بضرورة الاهتمام بهذا الجانب وتعزيز الخدمات الدينية والروحانية من قبل متخصصين مؤهلين في منشآت الرعاية الصحية في الدول.
التوصيات
أوصت الندوة ب:
* إنشاء كليات للطب البديل والتكميلي، وأن تتبنى وزارة التعليم بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتحديدا هيئة التخصصات الصحية والمركز الوطني للطب البديل والتكميلي، فكرة تنفيذ برامج دراسات عليا في تخصصات الطب التكميلي وفق احتياج وأولويات المجتمع.
o إجراء مسوحات وطنية تحدد حجم الاستخدام لممارسات الطب الشعبي والتكميلي في المملكة، ونوعية تلك الممارسات وحصر الممارسين، وتحديد الاحتياجات الحالية والمستقبلية للمجتمع السعودي
* استثمار مواطن القوة الثقافية في المملكة الداعمة للطب الشعبي، وفي مقدمتها الطب الإسلامي.
* تفعيل جوانب التوعية والرقابة
ضيوف الندوة
د. عبدالرحمن الصحبي
د. خالد النمر
د. سعود السند
د. عبدالرحمن القحطاني
حضور الندوة
هاني وفا
صالح الحماد
جمال القحطاني
سارة القحطاني
أحمد غاوي
مفضي الخمساني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.