ذهب الزمخشريُّ في الكشاف إلى أنَّ كلمة (رمضان) علم منقول من المصدر (رمضان) وفعله (رَمِضَ) اللَّازم بالكسر، ومضارعه بالفتح من باب (فَعِلَ يَفْعَل) (رَمِضَ يَرْمَض)، وهو أقلُّ استعمالاً من باب (فَعَلَ يَفْعَل) لخفته وثقل السابق؛ لأنَّ الكلمة حدث لها تخصيص في الدِّلالة، إذ لا تطلق إلَّا على هذا الشهر المبارك، ومعناها احترق من الرمضاءِ، وشدة وقع الشمس على الرمل وغيره؛ لذا منعت من الصَّرف للعلمية وزيادة الألف والنون، وهي اسمٌ للشهر. وذكر الجوهريُّ بأنَّه سُمِّيَ بذلك لأنَّ وضعَهُ وافق الرَّمَضَ وهو شدةُ الحرِّ وجمعُهُ: رمضاناتٌ، وأرمضاءُ، يقول: «لأنَّهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللُّغة القديمة سمّوها بالأزمنة الَّتي وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيام رَمِضَ الحر فسُمّي بذلك» وسُمِع عن يونس بن حبيب رماضينَ. وردَّ هذا أبو حيَّان في البحر المحيط؛ لأنَّ المصدر الَّذي على وزن (فَعْلَان) لا يأتي من الفعل اللازم (رَمِضَ)، إنَّما هو علم جنس مُرتجل لا منقول؛ وما كان على وزن (فَعْلَان) يدلُّ على الاضطراب ولا معنى له هنا. وقيل سُميَّ شهر رمضان بذلك نسبة لاحتراق الجوف من العطش، لأنَّ هذا الشهر فيه أيام اشتداد الحرِّ غالباً. وعند وقوفي على معنى الكلمة في المعاجم العراقيَّة من العين للخليل بن أحمد الفراهيديّ حتَّى تاج العروس للزَّبيديّ اليمني لا تخرج في أغلبها عن معانٍ ثلاثةٍ، هي: الأوَّل: وقت اشتداد الحرّ، يقال: أرض رَمِضَة الحجارة، وهو وقت اشتداد الحرّ، وكذلك رَمِضَت الغنم إذا رعت في شدة الحرّ. وكانت العرب تحدد وقتاً لصيد الظبي في وقت الهاجرة حتَّى إذا انفسخت قوائمه من شدّة الرمضاء، تضعف قواه، وتتقارب خطاه، وتتهالك مناه. ثانياً: مجرّد الاشتداد، وقد نصّ الجوهريُّ على ذلك، عندما قال: «ارتمض الرجل عن كذا أي اشتّد عليه وأقلقه» ويقال: وارتمض لفلان أي اشتد حزنه له. ثالثاً: معنى الاتّساع الحسيّ أو المعنويّ، تقول العرب: استراضَ المكانُ إذا اتّسع. وتكاد تتحقق هذه المعاني على شهر رمضان؛ لكونه يقع غالباً أثناء اشتداد الحرّ، ممّا يشتدّ فيه حرّ الجوف من العطش، ويتسع فيه فضل هذا الشهر الكريم، وعلى هذا تتحول دلالة الكلمة من التعميم إلى التخصيص لسببين: 1 - تاريخيّ مع مرور الزمن. 2 - اجتماعيّ دينيّ؛ لتبقى خصوصية هذا الشهر المبارك لا تنفك عنه. وكلمة (رمضان) تحتوي على أحرف تحمل صفات القوة الخمسة: الإطباق، والشدة، والجهر، والاستعلاء، والتفخيم. وفي هذا تناسب بين قوة الصوت وقوة الدِّلالة في الفضل والتعظيم. وحرف الألف الَّذي قبل الأخير في الكلمة يؤدي إلى مدِّ الصوت للتعبير عن أهمية الكلمة من بين الكلمات (يقع النبر على هذا المقطع الصَّوتيّ) ولكي تتحقق الدِّلالة المطلوبة من هذه الكلمة.