المياه الوطنية تدعم عملياتها لخدمة ضيوف الرحمن ب 18 مشروعًا بنحو 400 مليون ريال    أكثر من 14 ألف متخصص في أكبر ملتقى لصناعات اللافتات والتغليف بالرياض    حرس الحدود يقيم معرض ( لا حج بلا تصريح ) في تبوك    إنفاذ يُشرف على 25 مزادًا لبيع 178 أصلًا    أمير تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38    ولي العهد يهنئ رئيس جمهورية الكاميرون بذكرى اليوم الوطني لبلاده    البيئة: إنشاء 7 محطات لتربية ملكات النحل وإنتاج الطرود وتشغيلها عام 2026م    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    انطلاق المنتدى الإنساني الأوروبي الرابع في بروكسل    نجاح عملية زرع مثانة بشرية في أمريكا لأول مرة في العالم    متى يتحرر العالم من عُقدة إسرائيل ؟    وفد من جمعية المتقاعدين بالقصيم يزور البكيرية    تفقد مدينة الحجاج بالجوف: وكيل وزارة الرياضة يشيد بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    وزيرة الخزانة البريطانية تؤكد اقتراب توقيع اتفاق تجاري مع دول الخليج    محافظ بيش يرأس اجتماع الجهات الأمنية للحفاظ على سلامة الغطاء النباتي بالمحافظة    أغبرة تحد من مدى الرؤية في عدة اجزاء من مناطق المملكة    الهلال يُمدد عقد سالم الدوسري    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج دورة تأهيل الضباط الجامعيين ال (36) والدفعة ال (41) من طلبة كلية الملك خالد العسكرية    اللواء المربع يقف على سير العمل بجوازات منفذ الوديعة    أشادوا بالخدمات المقدمة عبر "الوديعة".. حجاج يمنيون: المملكة حريصة على راحة ضيوف الرحمن    في انطلاق الجولة ال 33 قبل الأخيرة من دوري روشن.. الاتحاد في ضيافة الشباب.. والقادسية يواجه العروبة    في" البلاي أوف" بالدرجة الأولى.. صراع شرس على البطاقة الثالثة لدوري الكبار    وزير الخارجية ونظيرته النمساوية يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    النصر يكشف عن شعاره الجديد.. ويستعيد رونالدو    سالم يواصل ارتداء شعار الزعيم حتى 2027    2367 ريالاً إنفاق الفرد على التأمين    يفتتح مكتباً لشركة تابعة في باريس.. «السيادي السعودي» يرسخ شراكاته الاستثمارية العالمية    أدانت بشدة تصعيد الاحتلال وتوسعه شمال وجنوب غزة.. السعودية تحذر من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني    "الرئاسي" يتحرّك لاحتواء التصعيد.. عصيان مدني واسع في طرابلس    حرس الحدود ينقذ (10) مقيمين " من غدر البحر"    " برنامج تطوع " يعزز مكتسبات رؤية المملكة 2030    بعد 12 يوماً.. الصيف يدق على الأبواب    عون يؤكد أهمية تأمين عودة النازحين لبلادهم بشكل آمن.. بيروت تعيد رسم خطوط التواصل مع دمشق    طريق أملج الوجه يحتاج وقفة    ضوء صغير    الاستثمار في العقول    كورال روح الشرق يختتم بينالي الفنون الإسلامية 2025    الدكتور قزاز: توظيف الدراسات واستخدام "التفاعلية" مع تطوير المحتوى وقياس التأثير يحقق النجاح لإعلام الحج    أمير المدينة: مهتمون بمتابعة المشاريع ورصد التحديات لمعالجتها    حكاية طفل الأنابيب (5)    الاعتراف رسمياً بالسكري من النوع الخامس    سيراليون تسجل زيادة في إصابات جدري القردة بنسبة 71% خلال أسبوع    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    وزير الحرس الوطني يرعى حفل خريجي كلية الملك عبدالله للقيادة والأركان    تفعيل اقتصاد المناطق    نائب أمير الشرقية يطّلع على تقرير "نور"    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة «مليون حاج»    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد على تسخير كافة الوسائل التقنية ووسائل الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات الرئاسة العامة في حج هذا العام    الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق 12 وافدا و8 مواطنين لنقلهم 60 مخالفا لا يحملون تصاريح لأداء الحج    السعودية تدين تصعيد الاحتلال وتستنكر إرهاب قاعدة الصومال    محافظ أبو عريش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحصل على اعتماد JCI للمؤسسات كأول مجموعة صحية خاصة في المملكة    حلول واقعية لمعالجة التحديات المعاصرة التربوية    لمسة وفاء.. الشيخ محمد بن عبدالله آل علي    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ومن خلفهما أنتِ
نشر في الرياض يوم 25 - 06 - 2021

تدخلين غرفته، وكأنها غرفتك، ترين قفاه، جالساً على السرير، منحني الظهر، يكاد رأسه يسقط بين يديه، وتكاد عظامه تشق ثوب نومه، تعرجين ببطء حتى تصلين إليه، تجلسين بجانبه وتتركين مسافة لا بأس بها بينكما، يمدّ يده دون أن يترك لك وقتاً للحديث، تناولينه الكوب:
"حليب دافي، مثلما تحبه قبل النوم".
يهز رأسه، يأخذ الكوب، يستعجل شربه دفعة واحدة، يعيده فارغاً بين يديك.
تقفين، تحتضنين الكوب لدقائق، تنتظرين منه كلمة واحدة، لكنّه لا يتفوّه بشيءٍ، تمضين إلى غرفتك، يستلقي بجانبك أبو عيد، جثةً لا تفوح منها رائحة الموت، تتقلبين في السرير، تنادين النوم، ولا يستجيب، الذكريات وحدها التي تأتي، بطيئة، حادة، تعبر فوق صدرك.
ترين الصور القديمة، على الجدار الفارغ أمامك، ترينهُ عند قدميك، يمسح مخاطه ويبكي:
"كيف يعرفون اسمك يمه؟ أنا عيد ولد عيده، ولا عيد ولد أبوه؟"
ترفعين رأسه، تعصرين حنكه بين يديك:
"ولدي أنا."
يطأطئ رأسه، بينما يكمل بكاءه بصوت متقطع، تعلمين من حاله ما حدث في المدرسة والملعب والبقالة، وفي كل بقاع الأرض التي من الضروري ألّا يترك المرء فيها وشأنه.
تغلقين عينيك بشدة، تطردين الصورة، تفتحينهما بعد دقائق، فتتّضح لك صورة أخرى.
أنتِ في الصالة، الهاتف بيدك، تتصلين عليه:
"ألو... وينك؟ مع الشباب؟ الساعة صارت تسع، العشاء جاهز، تعال البيت."
يأتي، تضعين صينية العشاء عند قدميه:
"عيش أبيض، مثلما تحبه."
يهز رأسه، تكورين لقمة العيش بيدك، تدسينها في فمه، يبتلعها دون اعتراضٍ.
تعتدلين في جلستك، تلوحين بيديك أمامك محاولة إخفاء الصور، تختفي لثوانٍ ثم تعاود الظهور، لكنّها الآن أقرب وأكثر إيلاماً من ذي قبل.
تجلسان أمام قناة تعرض الإبل والشعر والصحراء، تفصلكما صينية القهوة والشاي، تلتفتين إليه:
"شفتها، قبل يومين، بعرس ماجد ولد عمتك نورة."
لكنّه لا يشيح بنظره عن التلفاز.
"بخطبها لك."
يصمت، فتزوجينه ببساطة.
تفركين عينيك بقوة، علّ الصور تنمحي، لكنها لا تنفك تتسلّل. يمر شهران فقط، تجرجرين عروسته إلى المستشفيات دون علمه، يكشف عليها الطبيب:
"سليمة."
تعودين إلى البيت:
"مرتك عاقر، جيب الثانية."
يتزوج، تأمرينه:
"أبي أحفاد."
ينجبان واحداً، اثنان، خمسةً. ترفعين يدك في وجهه:
"يكفيني هذا."
فيتوقف عن الذهاب إلى سرير زوجتيه.
يتسع الجدار بقدر صورك. تكبرين، وترينهم يكبرون حوله، يتسلقون قدميه، يقبّلون رأسه وخده:
"تودّينا الألعاب يبه؟"
تضغطين على بطنك، تصيحين:
"الحق على أمك يا عيد!"
يتركهم، يذهب بك إلى المستشفى، يفحصك الطبيب:
"سليمة يا خالة."
تكذّبينه:
"بيطري أنت؟ هذي الزايدة!"
تصيحين للمرة الثانية، تستنجدين به.
يوقف أذان الفجر مشاهد الذكريات، تديرين وجهك إلى اليمين، تنغزين كتف أبي عيد مرتين، يصحو بفزع. تقولين:
"الصلاة."
وبسرعة يفهم ما تعنين، ينفض غبار النوم عن عينيه ويقصد الحمام. تتركين السرير وراءك، تقفين أمام الجدار وجهاً لوجه، تحاكمين نفسك بنفسك، فتبرئينها في أقلّ من لحظة.
يخرج أبو عيد من الحمام، فتقصدينه بعده، تخرجين بعد دقائق، فلا تجدين له أثراً في الغرفة. تصلين الفجر، ثم تتوجهين إلى غرفته، الباب موارب، والجسد الذي أعطاك ظهره سابقًا تضاعف.
ها هما، يجلسان على طرف السرير ملتصقين ببعضهما، وكأنّما يحاولان ألّا يتركا لكِ ثقباً تنفذين منه، أمامهما نافذة تذوب عليها ظلمة الأمس، ومن خلفهما - دون أن يعلما - أنتِ، وحدكِ دون كل الاحتمالات.
806657703825.jpg


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.