يحاول الحزب الديموقراطي بمساندة الحكومة العميقة في واشنطن من خلال المحاكمة المزعومة والتي تستهدف استخدام التعديل الرابع عشر من الدستور لحرمان ترمب من الترشيح للرئاسة والعودة للسياسة إلى الأبد! وذلك بذريعة أن ترمب قام بالتحريض على اقتحام الكابيتول - الكونغرس. ذلك التحريض الذي لا يوجد له شاهد على أرض الواقع، وأكبر دليل على ذلك أن المساءلة داخل مجلس النواب أنجزت في وقت تاريخي من دون جلسات استماع أو حضور شهود. قضية التحريض مازالت بين يدي مجلس الشيوخ حتى بعد أن أصبح ترمب مواطناً عادياً! وهذا بحسب السيناتور الجمهوري رأين بول يعد أمراً غير مسبوق ويفتقر للدستورية لكون ترمب لم يعد رئيس أميركا، وخير شاهد على ذلك عدم موافقة رئيس المحكمة العليا على ترؤس تلك المحاكمة. كذلك وقف السناتور روب بورتمان، جمهوري عن ولاية أوهايو، إلى جانب 44 جمهوريًا آخر في محاولة فاشلة لإيقاف المحاكمة على أساس كون ترمب أصبح مواطنًا عاديًا، وقال بورتمان في بيان بعد التصويت: "لقد كنت واضحًا جدًا في أن الرئيس السابق ترمب يتحمل بعض المسؤولية عما حدث في 6 يناير من خلال أقواله وأفعاله". "سأستمع بصفتي محلفًا، لكن كما قلت، لدي أسئلة حول دستورية إجراء محاكمة في مجلس الشيوخ وإقالة رئيس أصبح الآن مواطنًا عاديًا". حقيقة الأمر أن التاريخ وبالتحديد 1876 قد رصد أن مجلس الشيوخ سبق أن حاكم أحد كبار المسؤولين الفيدراليين حتى بعد ترك منصبه وهو ويليام وورث بيلناب - ووزير الحرب الأميركي الثلاثين - وذلك في قضايا رشى. وهذه تعد الحادثة الوحيدة ولم تكن على مستوى رئيس الولاياتالمتحدة الأميركية لذلك يصر عدد من أعضاء مجلس الشيوخ على عدم المضي قدماً في هذا الطريق. الأمر المحير والتساؤل المشروع في هذه المساءلة والمحاكمة التي تستهدف ظاهرة ترمب، أن السياسيين في واشنطن يعتقدون أن ترمب يمكن أن يعود للبيت الأبيض فهذا يعني بطبيعة الحال أن الأغلبية من الشعب الأميركي لا يتفق مع واشنطن بشأن الادعاءات الموجهة لترمب ويرغب بعودته، ودخول البيت الأبيض كما هو معروف مقيد بإرادة الشعب وصوته من خلال صناديق الاقتراع ولا يمكن لكائن من كان أن يحقق هذا الحلم طالما أن الشعب لا يرغب به. إذاً حرمان ترمب من العودة من دون وجه حق هو حرمان صريح للشعب الأميركي من اختيار مصيره وتهميش صارخ لرغبته وإرادته. بعد إصرار واشنطن على محاكمة ترمب حتى بعد خروجه من البيت الأبيض، أصبح لا مجال للشك بأن المعادلة السياسية في هذا المقام تتمثل في أن صوت النخبة داخل واشنطن أهم من صوت الشعب! وأن جماعات الضغط وسحر السلطة هو من يحدد مستقبل أميركا؛ وتبعاً لذلك لم تعد أميركا بعد اليوم منارة للديموقراطية فقد انكشف الستار وسقطت الأقنعة بعد أن تمكن ذلك الكائن الغريب من اقتحام عرين الأسود.