يقول أحدهم رأيت فيما يرى النائم أنني أمام مرآة في غرفة نومي أتحدث إليها. وبينما أنا كذلك، كانت تمدني بمعلومات مكتوبة وصوتية حول صحتي هذا اليوم، وأهم الأخبار، وحالة الطقس، وعدد الاتصالات والرسائل الواردة، والوضع الأمني للمنزل من الداخل والخارج. ويسهب في حديثه قائلاً: استقللت سيارتي الكهربائية! ولكنها كانت هي من يتولى القيادة ولست أنا. لقد كنت أجلس في الخلف ماداً قدمي، وأتحدث عبر مذياع السيارة لمطعم كنت في طريقي إليه لتناول وجبة الإفطار. ما إن وصلت، وإذ بطاولة تقود نفسها آلياً لتقدم لي الطعام وتستقر أمامي. بعد ذلك يقول صاحبنا الغارق في حلمه: خرجت مع باب المكان وإذ برسالة صوتية عبر ساعتي تقول لقد تم سداد المبلغ وقدره كذا وكذا. وعندما قفل عائداً لمنزله، وجد جهازاً كالماسح الضوئي يقرأ عينيه، ليفتح الباب بعدها. لقد حانت ساعة العمل! دخل مكتبه، وأضاءت جميع جدران المكان الأربعة. لقد كان في مكان وبيئة أشبه بقسم في شركة أو وزارة. تواصل مع مديره وزملائه وأنجز عمله، وأتت ساعة الغداء! لامس ساعته، وإذ بها تعكس صورة محتويات الثلاجة على الجدار المقابل. أمر بصحن مشاوٍ على الطريقة اللبنانية، وخلال نصف ساعة أتته امرأة آلية ذكية اسمها (أتمتة)، وقدمت له وجبة الغداء. مما أذكر من حديثه أنه قال لي: بالتزامن مع هذا الوقت كان أبنائي وبناتي يتلقون تعليمهم في مدارسهم على بعد غرفتين من مكاني. لقد كانوا يلتقون بمعلميهم ومعلماتهم وأقرانهم افتراضياً. ويذكر أنه ذات مرة في حصة التربية الفنية، وجد ابنته تتحدث للجدار، فيرسم لها ويلون وكأنه يجسد ما في مخيلتها. لقد كانت ابنته فنانة تشكيلية لدرجة أنها لم تمسك فرشة أو تخلط لوناً بلون في حياتها! لقد حدثني أنه في منامه أصبح وثيق الصلة بساعته لدرجة أنها تهتم به أكثر من زوجته! ويضيف أنه سافر لعدة دول وزار أكثر من صديق في ثلاث دقائق، بالرغم أنه لم يبرح مكانه. وبينما هو في تفاصيل هذا العالم المليء بالأحداث، فجأة عطس! يقول: سألتُ ساعتي -رفيقة عمري- ما هذا؟! فقهقهت الساعة، وأجابته (شكلها كورونا)! يقول: لا أعلم كيف صحوت من النوم جفلاً، ومرتعباً. اتجهت للمرآة لأتلمس وجهي، وأنا مرتدٍ (بيجامتي الصينية)، ومضيت أبحث عن (جهازي الأميركي الصنع)، لأتفقد الرسائل والاتصالات الواردة. وإذ بإشارة البث تتأرجح بين ال4G وال5G ويتذبذب الإرسال وينقطع ويتصل بالتناوب! لقد لاحظ صاحبنا قبل أن ينهي حديثه لي، أن جهازه المحمول كان ساخناً، إلا أن شاشته كانت باردة! لا أعلم كيف أفرق بين صحوته الأخيرة وبين حلمه، لقد كانت صحوته متسقة مع الحلم. ربما تكون حقيقة! أو ربما أنا الذي كنت أحلم. سلطان الشهري