إطلاق اسم "الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز" على طريق المطار بالمدينة    خطى ثابتة لمستقبل واعد    ماراثون المشيخة العشائرية.. من يوقفه    لويس إنريكي: رغم الإصابات... باريس سان جيرمان أكثر ثقة من الموسم الماضي    قبل لقاء الاستقلال.. غياب رونالدو عن تدريبات النصر    الإعلام في مهرجانات الإبل والهجن من صوت التراث إلى صناعة المستقبل    وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن 89 عاماً    السعودية والمملكة المتحدة تطلقان شراكة دولية كبرى لدعم الأمن البحري اليمني    مجلس الوزاء يوافق على عدة قرارات ويجدد الدعم لفلسطين وقطر وسوريا    أمام مجلس حقوق الإنسان.. المملكة تدين الاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر    ولي العهد يستقبل أمين مجلس الأمن القومي الإيراني    جائزة العمل تواصل تحفيز القطاع الخاص وتعزيز بيئات العمل    الوزير الحقيل: الهبات العكسية مؤشر على نجاح رسوم الأراضي البيضاء.. والتقنيات الحديثة تختصر الرصد من 18 يومًا إلى ساعات    إنجاز عالمي.. "برق" تتوج ب 3 جوائز من Visa خلال مؤتمر Money20/20    الوقوف في الأماكن غير المخصصة مخالفة مرورية تعطل انسيابية السير    القيادة تهنئ رئيسة الولايات المتحدة المكسيكية بذكرى استقلال بلادها    سلمان بن سلطان يفتتح منتدى المدينة للتعليم    "طوّر مسيرتك المهنية" لمساعدي الأطباء وأخصائيي صحة الأسنان    مستشفى قوى الأمن بالدمام يحصل على المركز الأول في جائزة أداء الصحة بمسار الأمومة والطفولة    40 طبيبا يبحثون أحدث طرق علاج أمراض الدم بالمدينة    زين السعودية تستثمر في قطاع التأمين الرقمي مع شركةPrevensure العالمية    مرايا غامضة تظهر في مختلف المدن السعودية... ما الذي تعكسه؟    بيئة الرياض تتلف 3 أطنان من اللحوم غير الصالحة وتضبط 93 مخالفة في سوق البطحاء    "موسم الرياض" يشهد أضخم حدث لكرة القدم الأميركية بنظام العلم    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    النقل تفرض غرامات وحجز المركبات غير النظامية    الراجحي الخيرية تدعم مصابي التصلب المتعدد ب50 جهازاً طبياً    2.3 % معدل التضخم    أمير القصيم يزور محافظة البدائع ويلتقي المواطنين ويطلع على مشاريع تنموية تفوق 100 مليون ريال    سوريا.. ضبط شحنة أسلحة معدة للتهريب للخارج    السلوك العام.. صورة المجتمع    الأرصاد: حالة مطرية بمحافظات مكة حتى الجمعة    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    مجرفو التربة في قبضة الأمن    أعلنوا رفضهم للاعتداء على قطر.. قادة الدول العربية والإسلامية: ردع إسرائيل لحماية أمن واستقرار المنطقة    الوحدة يصعق الاتحاد في الوقت القاتل    يستعيد محفظته المفقودة بعد 51 سنة    «قدم مكسورة» تدخل تامر حسني المستشفى    ظل الماضي    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    متقن    في مستهل مشواره بدوري أبطال آسيا للنخبة.. الهلال يستضيف الدحيل القطري    الحوثي يستهدف مطار رامون والنقب ب 4 مسيرات    صراع المناصب يهدد الاتفاق الأمني في ليبيا    الخرف الرقمي وأطفالنا    الخرطوم تنتقد العقوبات الأميركية على مواطنين وكيانات سودانية    لبنان يوقف عملاء لإسرائيل ويفكك شبكة تهريب مخدرات    الفيصل رئيساً للاتحاد العربي    التحالف الإسلامي يطلق في العاصمة القُمريّة دورة تدريبية في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    جامعة الملك سعود تُنظّم الندوة العالمية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية    دراسة أسترالية: النظام الغذائي يحد من اضطرابات النوم والأمراض المزمنة    تكريس الجذور واستشراف للمستقبل    عزنا بطبعنا    أمير القصيم يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف    «الشؤون الإسلامية» توقّع عقودًا لصيانة وتشغيل 1,392 مسجدًا وجامعًا خلال الربع الثالث لعام 2025م    رئيس الوزراء السوداني يغادر المدينة المنورة    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهيئات الثقافية والمدينة الإعلامية.. رأسمالنا الرمزي وقوتنا الناعمة
نشر في الرياض يوم 06 - 02 - 2020

إن هذا الحراك الثقافي المستمر يعطي رسالة واضحة أن انبثاقة الوعي وتجدّدها مستمرة في إشعاعها المعرفي والحضاري متّخذة من إنسان هذه الأرض منطلقاً ومرتكزاً لمشروعاتها ورؤاها المستقبلية..
الحراك الثقافي الذي تعيشه المملكة يؤكد أن الثقافة مُعطى إنساني عالمي يتجاوز الشكل التقليدي لمفهوم الثقافة باعتبارها ظاهرة عالمية «كوسموبولوتانية» بل وتُعدُّ سلاحاً من أسلحة العولمة الآخذة في التمدُّد وتوسيع نطاق حضورها في شتى مناحي وحقول الحياة ورأسمالياتها الرمزية.
وليس بخافٍ على أي متابع ما تمثّله الثقافة من قيمة عالية لدى الدول المتحضّرة التي نجد أنها جعلتها في قلْب استراتيجياتها سواء الاقتصاية أو السياسية أو حتى العسكرية.
وبعيداً عن تعدُّد مفاهيم الثقافة وكثرة تعريفاتها وتفريعاتها؛ وصعوبة القبض على تعريف واحد جامع ومانع لها؛ إلا أنها في النهاية ملمح حضاري لا غنى لأي دولة عن استثماره وتوظيفه في خدمة أرضها وإنسانها باعتبار أن الثقافة مرتبطة بعدة معانٍ أجملها الكاتب البريطاني الذائع الصيت تيري إيغلتُن في كتابه الصادر حديثاً «الثقافة»؛ حيث ربط مفردة الثقافة بكونها تعني تراكماً من العمل الفني والذهني وبالصيرورة التي يحصل بها الارتقاء الروحاني والذهني وبالقيم والعادات والتقاليد والممارسات الرمزية التي يوظفها الرجال والنساء في الحياة؛ وأخيراً الطريقة الكلّيّة المُعتمَدة في الحياة؛ ويشير إيغلتُن إلى الناقد الفذ تي. إس. إليوت حيث يستخدم الأخير مفردة «الثقافة» أحياناً بطريقة توصيفية تعني «طريقة الحياة لجماعة محددة تعيش معاً في مكان واحد بعينه» ويلفت إلى أن هذا التعريف للثقافة ليس بالطبع أفضل التعريفات المتاحة وأكثرها فطنة ومقبولية إلا أنه يخلص إلى أن صياغة إليوت لمفهوم الثقافة تتقاطع تقاطعاً صارخاً مع استخدامه المعياري للمفردة عندما يتحدث عن الثقافة، ذلك المعطى الذي يجعل الحياة مستحقّة للعيش؛ فالثقافة بحسب رؤية إليوت هي أمر يختص بالعادات، والدين، والفن والأفكار، وهي الشيء «الذي يجعل أي مجتمع مجتمعاً بحق».
بالأمس -وفي خطوة مهمة تؤكد الصولة الجسورة لقيادتنا المظفّرة واعتنائها بالثقافة وتثمين دورها الحضاري والتاريخي- قرر مجلس الوزراء إنشاء عدد من الهيئات وهي: (الأدب والنشر والترجمة، والمتاحف، والتراث، والأفلام، والمكتبات، وفنون العمارة والتصميم، والموسيقى، والمسرح والفنون الأدائية، والفنون البصرية، وفنون الطهي، والأزياء) وتفويض سمو وزير الثقافة رئيس مجالس إدارات الهيئات بممارسة اختصاصات تلك المجالس؛ وهو ما اعتبره سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود أن هذه الهيئات الثقافية تؤسس لبنية تحتية متينة لقطاعاتنا الثقافية، وهي بداية لمرحلة جديدة ومهمة من تاريخ ثقافتنا، وقدم سموه شكره لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على دعمهما للثقافة والمثقفين.
ولا شك أن هذا القرار والقرار الآخر الذي تلاه المتضمن توقيع سمو وزير الثقافة مشروع أكبر مدينة متخصصة في الإعلام والتي ستكون وجهة مميزة عالمياً ومتعددة اللغات بالإضافة لكونها مركزاً إعلامياً وثقافياً وتقنياً رائداً في المنطقة. ويشمل المشروع قطاعات في الثقافة والإعلام والتقنية، والتي تؤثر بشكل مباشر على الصناعة الإبداعية المستقبلية، كالنشر والبودكاست والأفلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والإعلان الرقمي والتعليم الرقمي والواقع المعزز وتطوير المحتوى، والتصوير والتصميم والأزياء والصحف والمجلات والإذاعات والمحطات التلفزيونية، وغيرها. ويقدم المشروع خدمات متنوعة لتغطية احتياجات قطاعات الثقافة والإعلام والتقنية، كالاستديوهات، وخدمات تمكين الثقافة، والمكاتب، والمناطق السكنية والتجارية، والضيافة، وحاضنات أعمال.
ويستهدف المشروع -كما جاء في سياقه الخبري- شبكات وسائل الإعلام في المنطقة، وكبريات منصات التجارة الإلكترونية، وتقنيات الأقمار الصناعية، والهيئات الدولية والإقليمية المتخصصة، والمشروعات الإنتاجية الواعدة والهيئات الوطنية المتخصصة في قطاع الثقافة والإعلام والتقنية والابتكار والمعرفة، وتعطي الفرصة لتطوير وتعزيز فرص النمو للشركات الواعدة الصغيرة والمتوسطة. ومن المتوقع أن يساهم المشروع في الناتج المحلي، ويخلق وظائف مباشرة وغير مباشرة، ويتسع لأكثر من 1000 منشأة.
لا شك أن هذا المشروع وما سبقه من مبادرات ومشروعات تؤكد دعم خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي ولي العهد لمسيرة البناء والتنمية والازدهار لتحقيق المحاور الرئيسة الثلاث التي تعتمد عليها رؤية 2030 «مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح». والثقة تتجدد بأن يكون هذا المشروع وجهة مميزة عالمياً ومتعددة اللغات، ومركزاً إعلامياً وإبداعياً وتقنياً وثقافياً رائداً.
إن هذا الحراك الثقافي المستمر يعطي رسالة واضحة أن انبثاقة الوعي وتجدّدها مستمرة في إشعاعها المعرفي والحضاري متّخذة من إنسان هذه الأرض منطلقاً ومرتكزاً لمشروعاتها ورؤاها المستقبلية في ممازجة رائعة بين ثقافته الأصيلة المتجذّرة في التاريخ وبين متطلّبات واستحقاقات المرحلة التي نعيشها حاضراً بما تشكّله من تحديات في عالم آخذ في التمدّد والتعولُم ولا يقبل بغير الإبداع والوثبات الحضارية الفارقة لتندغم في نسيجها الكوني الفسيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.