قُتل شخصان الجمعة جنوبتركيا بسقوط قذائف مصدرها سورية، ما يرفع العدد إلى ثمانية من المدنيين القتلى في البلاد منذ بدء الهجوم التركي على المقاتلين الأكراد، وفق وسائل الإعلام. وقالت وسائل الإعلام التركية الرسمية: إن القذائف أطلقت من سورية وسقطت على منزل في منطقة سوروج، ما أسفر عن مقتل شخصين. وتقع سوروج قبالة بلدة كوباني (عين العرب) التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية شمال شرق سورية. والخميس، قتل ستة مدنيين بينهم طفل وفتاة وأصيب العشرات في قصف طاول مناطق تركية حدودية، فيما يستمر الهجوم التركي في شمال شرق سورية منذ الأربعاء. وقتل سبعة مدنيين على الأقل الجمعة بنيران القوات التركية وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس إن "أربعة مدنيين قتلوا في غارة استهدفت سيارتهم أثناء محاولتهم الفرار من مدينة تل أبيض" التي تتعرض للقصف وتدور اشتباكات عنيفة في محيطها، بينما قتل ثلاثة آخرون برصاص قناصة" قربها. وأسفرت المعارك الجمعة عن مقتل تسعة عناصر من قوات سورية الديموقراطية، وفق المرصد. وارتفعت بذلك حصيلة القتلى في النيران التركية منذ يوم الأربعاء، بحسب المصدر ذاته، إلى 17 مدنياً و41 عنصراً من قوات سورية الديموقراطية. وقال وزير الدفاع التركي خلوصي آكار الجمعة إن "العملية تجري وفق المخطط". وأجبر الهجوم 70 ألفاً على الفرار من المنطقة الحدودية، وتحديداً بلدتي رأس العين وتل أبيض ومحيطيهما، باتجاه مناطق أكثر أمناً، وفق الأممالمتحدة. وانضمت روسيا الجمعة إلى قائمة الدول الغربية التي حذرت من أن يسهم الهجوم التركي في إعادة انتعاش تنظيم داعش الذي لا يزال ينشط عبر خلايا نائمة برغم هزيمته الميدانية على يد قوات سورية الديموقراطية. وتستمر حركة نزوح المدنيين جراء الهجوم بعدما أحصت الأممالمتحدة فرار سبعين ألف مدني باتجاه مناطق آمنة. وقال مصدر في قوات سورية الديموقراطية من داخل بلدة رأس العين الحدودية لفرانس برس عبر الهاتف "تحاول القوات التركية الهجوم من محاور عدّة لكسر خطوط دفاعنا لكن قواتنا تتصدى لهم". وشاهد مراسل لفرانس برس مجموعات من فصائل سورية موالية لأنقرة تدخل صباح الجمعة إلى أطراف رأس العين من الجهة التركية. وقال إن سحباً من الدخان تصاعدت من البلدة بينما يمكن سماع أصوات رشقات وقصف مدفعي تزامناً مع تحليق الطيران. وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن عن اشتباكات عنيفة بين الطرفين "تتركز على جبهات عدّة في الشريط الحدودي الممتد من رأس العين (الحسكة) حتى تل أبيض (الرقة)"، تزامناً مع قصف مدفعي مكثف وغارات تركية متفرقة. وغداة سيطرة الجيش التركي والفصائل على 11 قرية حدودية، تمكنت قوات سورية الديموقراطية، وفق المرصد، من استعادة السيطرة على قريتين ليل الخميس. وتستخدم هذه القوات، وفق عبدالرحمن، "أنفاقاً وتحصينات بنتها قرب الحدود لشن هجمات مضادة وإعاقة تقدم" خصومها. وجراء التصعيد، باتت بلدات حدودية بأكملها شبه خالية من سكانها. وبحسب منظمة الأغذية العالمية، فإن غالبية النازحين توجهوا إلى مناطق في محافظة الحسكة، فيما فرّ آخرون باتجاه الرقة. وشاهد مراسل لفرانس برس الجمعة عشرات النازحين لدى وصولهم إلى بلدة تل تمر التي تكتظ تدريجياً بالفارين إليها. تحذير من عودة داعش من ناحية أخرى حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة بأن العملية العسكرية التي تنفذها تركيا ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سورية قد تحيي خطر تنظيم داعش في المنطقة. وقال بوتين خلال قمة لدول الاتحاد السوفيتي سابقا في عشق آباد عاصمة تركمانستان إن الآلاف من مقاتلي تنظيم داعش المحتجزين في معتقلات تحت إشراف الأكراد قد يستعيدون حريتهم مضيفا "إنه تهديد حقيقي لنا، ولكم (...) فأين سيذهبون وكيف؟". وتابع "لست واثقا أن بإمكان الجيش التركي السيطرة على الوضع أو السيطرة عليه بسرعة". وتابع أن "الأكراد يتخلون عن المعسكرات حيث يعتقلون مقاتلي تنظيم داعش " الذين بات "بإمكانهم الفرار". فيما أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ عن "مخاوف جدّية" الجمعة بشأن العملية العسكرية التركية ضد الفصائل الكردية في سورية، داعيًا أنقرة إلى "ضبط النفس". وقال ستولتنبرغ للصحافيين في اسطنبول خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو "أعربت عن (...) مخاوفي الجدّية بشأن هذه العملية الجارية وخطر (تسببها) بزعزعة الاستقرار بشكل إضافي في المنطقة"، مضيفًا أنه "بينما لدى تركيا مخاوف أمنية جدّية، نتوقع منها التحلي بضبط النفس". وشدد على أن تركيا تعد لاعبًا مهمًا في حلف شمال الأطلسي لكنه أشار إلى ضرورة عدم تقويض العملية التي بدأت الأربعاء في سورية المكاسب التي تم تحقيقها في إطار محاربة تنظيم داعش. إغلاق مستشفيات ذكرت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية أن العملية العسكرية التركية أدت إلى نزوح مدنيين وإغلاق بعض المستشفيات الرئيسة هناك. وأوضح روبرت أونوس، منسق طوارئ المنظمة في سورية: "في ظل كفاح خدمات الرعاية الصحية بالفعل للوفاء باحتياجات السكان، من المرجح أن يؤدي النزوح والإصابات الناجمة عن القتال إلى ضغط إضافي على الموارد المحدودة الموجودة في المستشفيات". وقد اضطر القصف مستشفى رئيسيا مدعوما من منظمة أطباء بلا حدود في بلدة تل أبيض على الحدود السورية - التركية إلى الإغلاق نظرا لمغادرة معظم أفراد الطاقم الطبي المنطقة مع عائلاتهم، حسبما ذكرت المنظمة في بيان. وأضاف البيان: "باعتباره المستشفى العام الوحيد في المنطقة، كان مستشفى تل أبيض بالغ الأهمية من أجل تلبية الاحتياجات الصحية للمدينة والمناطق المحيطة بها".