في عام 2017م، هدد البرلمان المصري بإيقاف عرض أي مسلسل مصري سيعرض آنذاك خلال شهر رمضان المبارك، كنتيجة طبيعية لمرحلة الإسفاف التي وصلت إليها الدراما وانفلات معاييرها الأخلاقية، ووجد هذا الإعلان ردود فعل إيجابية؛ كونه يتطلع لحماية ذائقة المشاهدين، بعد أن وصلت الدراما العربية إلى مرحلة تجاوزت فيها كثيرا من الخطوط الأخلاقية الحمراء! لدينا تحرك مجلس الشورى وكثاني مناقشة لأمور تهم المشاهدين «المواطنين»، فبعد انتقادات عدد من أعضاء المجلس لهيئة الإذاعة والتلفزيون، وجدنا المجلس يطرح التصويت على موضوع حيوي ومهم بكل ما تعنيه الكلمة، وهو تشديد الرقابة على الأعمال الفنية المرئية والمسموعة لمنع الأعمال الهابطة أو التي تسيء إلى سمعة المملكة والمجتمع، وهنا الأمر - من وجهة نظري - طبيعي ومهم وموقف مؤمل من المجلس، بعد أن كان فتح مثل هذه الموضوعات من المحرمات أو قد يخالف «البرستيج» الخاص بالمجلس! ولكن الأمر غير الطبيعي هو هجوم الممثل ناصر القصبي على هذا الأمر، واعتبار ما تمت مناقشته من المجلس غير مقبول، وكلمات ذكرها لم يكن موفقا فيها مطلقا، وهنا نحن أمام أزمة الأعمال الدرامية السعودية وسبب ضعفها الشديد مقارنة بمن حولنا، الممثل المنتج المثقف صاحب الرأي السديد هو من تخلقه البيئة الدرامية لدينا مع الأسف، في زمن ماضي كان الممثل محمد حمزة - شفاه الله - هو البطل والمنتج والسوبر ستار، وتحول الأمر من بعده إلى عدد من الأسماء، حتى وصلنا إلى مرحلة ناصر القصبي. ونحن هنا لا ننكر الدور الكبير الذي بذله القصبي وزملاؤه في إيجاد دراما سعودية معقولة نوعا ما، رغم الظروف والعراقيل التي كانت وما زالت تواجههم، وأقرب مثال لذلك أنهم نجوم لا نشاهدهم إلا في شهر رمضان، وتحتفي الأضواء بهم فقط مدة لا تتجاوز العشرين يوما، ويكونون بعد ذلك في زمن النسيان لمدة تتجاوز الثلاثمائة يوم، وإن كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد أعطت بعضهم فرصة أفضل في الوجود، ولكن ليس في مجالهم، ولكن في مجالات أخرى كالتعليق على بعض الأمور التي تلامس شعبية المجتمع كالحال مع ناصر، أو الأعمال الإنسانية كما هو الممثل فايز المالكي. حقيقة؛ كنت أتوقع أن يكون ناصر القصبي مناصرا لما يقوم به المجلس بهذا الخصوص، ولكن ردة فعله الغريبة كانت مفاجئة للبعض وغير مستغربة ممن يعرفون الكواليس التي تعمل بها الدراما السعودية، والتي هي تجارة أكثر منها قيمة فنية، فالملايين يتم رصدها لمسلسلات نجد فيها ضعفا في القيمة الفنية، وأحيانا - وهذه حقيقة - تشويها للواقع والمجتمع، لذلك نشكر المجلس على هذه الالتفاتة، وفي الوقت نفسه أتمنى من القصبي الخروج من العباءة التي يعيش تحتها، وأن النجومية لا تدوم دون نقد ورأي آخر، أما استغلال رقم متابعين على حساب تواصل اجتماعي، فلن يكون المنقذ أمام غضب المشاهدين مهما زاد عدد الرتويت!