لا يقتصر تاريخ شبه القارة الهندية على تعلق ملوك العصر المغولي المسلمين بالفنون اللطيفة، التي لا تزال تعكس طرز العمارة والحياة التي عاشها المغول خلال فترة حكمهم، التي استمرت قرونا في القارة الهندية، وارتباطهم بالفنون اللطيفة والهندسة المعمارية الفريدة من نوعها، التي تعرض نفسها حتى يومنا هذا في شكل مبنى تاج محل، الذي يقع في ولاية أجرا في الهند، ويعد واحداً من عجائب العالم، جنباً إلى جنب مع عدد هائل من الكتب والمخطوطات والصور التي تركوها في قصورهم التي لا تزال قائمة في منطقة الهند وباكستان، بل قد اشتهرت ملكات وأميرات الهند أيضاً بتعلقهن بفن التخطيط والأدب والسياسة والهندسة المعمارية وفنون الحرب من الرمي وركوب الخيل. ومن أشهر ملكات المغول اللاتي حكمن الهند الملكة رضية سلطانة، وهي المرأة الوحيدة التي حكمت الهند في العصر المغولي، بينما حكم بعض الأميرات الهند بطريقة غير مباشرة، وسجلن تاريخاً سياسياً وأدبياً حرر بحروف ذهبية على صفحات التاريخ الهندي، ومن أشهرهن الأميرة نورجهان والأميرة جاندبي والأميرة ملكة حضرت محل. لم تكن وسائل الترفيه متوافرة في العصر المغولي، وكانت القصور الملكية تستقبل كل من يريد أن يعرض فنونه أمام ملوك الهند وأمرائها لنيل الجوائز الملكية، وكانت الفنون التي تعرض في تلك القصور تتعلق بالأدب، وكان الشعراء يعرضون مسابقات للشعر، والمطربون يقدمون الأغاني، ويشاركون في مسابقات الغناء على الألحان الهندية السبعة، جنباً إلى جنب مع مسابقات الرقص الثقافي الذي تشتهر به منطقة الهند منذ العصور الماضية. لم يكن مسموحاً لأميرات المغول بالخروج إلى خارج القصور دون حراسة مشددة، لذا فإن أشغالهن كانت تقتصر على داخل القصور الضخمة، وهذا ما يفسره المؤرخون بالسبب الأساسي وراء تطور مواهبهن في الفنون اللطيفة والأدب، ومن بين أشهر أميرات المغول الشاعرات سجل التاريخ الهندي أسماء الأميرات غلبدين بيغم والأميرة الشاعرة جانب بيغم، الأميرة الأدبية الفيلسوفة نور جهان، الأميرة ممتاز محل، الأميرة جهان آرا بيغم، الأميرة زيب النساء بيغم والأميرة زينت النساء بيغم، وكان لقب بيغم يطلق على الأميرة في ثقافة المغول. إلى جانب الشعر والأدب اشتهر بعض الأميرات بالفنون اللطيفة وفن الهندسة المعمارية ورسم الخط، ومن أشهر آثار الفن المعماري في الهند هو التصميم الرائع الذي قامت بتصميمه الملكة رضية سلطانة لمقبرة أبيها الملك شمس الدين التشمس، بينما قامت الأميرة حاجي بيغم بتصميم مقبرة زوجها الملك همياون، الذي أخذت منه الفكرة الأساسية فيما بعد لبناء تاج محل في الهند. وبالطريقة نفسها جسدت الأميرة نور جهان فنها المعماري في تصميم مقبرة الملك اعتماد الدولة، كما قامت بتصميم مسجد فتجبوري الذي يقع حالياً في مدينة دلهي في الهند، ويؤكد التاريخ أيضاً أن من قام بتصميم هيكل مسجد غتها في الهند كانت أميرة. كانت الملكة رضية سلطانة تتمتع بمواهب مميزة في مجال السياسة والحروب، كما أنها اشتهرت في الأدب والشعر والفنون اللطيفة والهندسة المعمارية، إلا أنها اضطرت إلى الابتعاد عن الحكم لعدم قبول أهل الهند سيادة المرأة على الرجل في العصر المغولي. ولكن ساحات ومباني قصور الملوك لا تزال تعكس دور المرأة المسلمة في تطوير المجتمع والفنون والأدب والفن المعماري في منطقة مملكة الهند القديمة، والموزعة في العصر الحاضر بين الهند وباكستان وبنجلاديش وأفغانستان. Your browser does not support the video tag.
