إن غالب دول العالم - إن لم يكن جميعها - تُلزم الراغبين بالعمل في القطاع الصحي بما فيهم الراغبين بالالتحاق ببرامج التدريب بإتقان اللغة الرسمية في البلاد، وتعتبر ذلك متطلباً أساساً للتقديم على الوظائف أو لتقديم طلب الالتحاق بالبرامج التدريبية وذلك لضمان سلامة المرضى وتوفير بيئة عمل آمنة في المؤسسات الصحية، وفي ذات الوقت نجد أن مؤسساتنا الصحية يعمل بها نسبة غير قليلة من غير الناطقين باللغة العربية مما يسهم في خلق فجوة في التواصل بين المريض والطاقم الصحي. ولما كان التواصل اللغوى أساس لضمان وصول المعلومة إلى المريض بطريقة سليمة تضمن إلمامه بكافة جوانب مشكلته الصحية مما يرفع من مستوى الثقة بين المريض والطاقم الصحي. ولما كان الاستغناء عن الطاقم الصحي من غير الناطقين باللغة العربية أمرًا مستحيلاً بحكم النقص الحاد في مقدمي الخدمة، ورغبة في تحسين مستوى الخدمة فإنه من المهم البدء في العمل على شقين، الأول: على صعيد الموظفين المُتعاقَد معهم وعلى رأس العمل حيث يتم البدء في إلحاقهم بدورات تدريبية لتعلم اللغة العربية باللهجة المحكية لرفع مستوى التواصل اللغوى بينهم وبين المرضى، أما الثاني فهو اشتراط إتقان اللغة العربية كشرط أساس للتعاقد لمن يرغب في العمل في المملكة العربية السعودية. الدورات التدريبية يمكنها أن تُسهم ولو بشكل غير مباشر في تقليل نسبة البطالة بين خريجي تخصصات اللغات وتقنيات التعليم مما يفتح سوق عمل جديد يضمن للمؤهلين ممارسة تخصصاتهم، كما يمنح الفرصة للمتخصصين للبدء في تصميم اختبارات تقيس المهارات اللغوية لعمل اختبار إتقان مهارات اللغة العربية، إضافة على ذلك يمكن الاستفادة من برامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها التي تُقام تحت مظلة بعض الجامعات السعودية، وحتى لا يتأثر مستوى الخدمة فمن الممكن الاستفادة من التقنية بتصميم فصول دراسية افتراضية بتطويع تقنيات التعليم الإلكتروني لتحقيق الاستفادة القصوى. إن إتقان الطاقم الطبي في مؤسسات تقديم الرعاية الصحية للغة المستفيد من الخدمة يكسر حاجز اللغة مما يُحسن من جودة الخدمة المُقدمة كما يرفع من مستوى ثقة المريض في المنظومة الصحية كما يجعل التعامل بين لمريض والطاقم الصحي أكثر أريحية بحيث تتم الإجابة على كافة الاستفسارات، كما يتم شرح الحالة بطريقة مفهومة وبلغة سلسة دون أي يشعر أي طرف بالحرج. إن إلزام الراغبين العاملين في المؤسسات الصحية بالمملكة العربية السعودية بإثبات إتقانهم لمهارات التواصل باللغة العربية ورفع مستوى تأهيلهم عبر برامج التعليم المستمر أصبح مسألة ذات أهمية قصوى من أجل تعزيز سلامة المرضى ورفع جودة الخدمة. ولعل هذه المقالة تكون فرصة لاقتراح أن يبدأ المركز السعودي لسلامة المرضى بتبني هذا المشروع والبدء في التنسيق مع الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بإدراج إتقان مهارات التواصل باللغة العربية كشرط لإتمام إجراءات التعاقد والتصنيف، كما يتم بالتوازي البدء في التعاون مع المؤسسات التعليمية لتصميم البرامج التعليمية والتدريبية لينضم إليها من هم على رأس العمل على أن يتم التنسيق مع الهيئة لإعطائهم مهلة زمنية يتقنون فيها المهارات اللازمة للتواصل باللغة العربية، وفي حال عدم تمكنهم من ذلك يتم تعليق الترخيص المهني. Your browser does not support the video tag.