قرأت قصيدة اسمها ألوان لويتني ثوماس تتحدث عن طفل ولد في بلدة لونها أصفر لوالدين لونهم أزرق. الطفل يعرف أن لونه أزرق أو هذا ما قيل له. الطفل كبر في البلدة الصفراء مظهره وملابسه ولغته كالصفر. انتقل هذا الطفل للبلدة الزرقاء، الطفل ملامحه زرقاء وأصبح يتحدث لغتهم ويلبس ملابسهم. لكن داخل الطفل هناك شيء أصفر هو يحب الأزرق لكن طريقته مصبوغة بالأصفر. الطفل محتار في بلد الزرق يشعر أنه أصفر وفي بلد الصفر يشعر أنه أزرق. الطفل يتساءل ألا يحق له أن يكون اللونين؟ ألا يحق له أن يكون ذاته؟ ألا يستطيع أن يكون أخضر؟ كل ما يريده هو أن يكون أخضر. كأم لثلاثة أطفال خضر لامست القصيدة مشاعري بقوة. أعطيت القصيدة لأحد الأطفال الخضر وطلبت منه أن يشرحها قرأ الطفل القصيدة وأعطاني مثالاً عن طفل لعائلة أميركية تربى في اليابان. طلبت منه أن يعطيني مثالاً عن السعودية والبلد التي جاء منها ليقرب لي المعنى فقرأ السطر الأول وتوقف وقال لي: لا أستطيع وبعد عدة محاولات سألني إن كنت أحاول أن أثير مشاعره وتركني وركض. فاجأتني ردة فعله وفاجأني تحسسه من الموضوع بهذا الشكل. أدركت لحظتها أن الأطفال يعانون من الانتقال أضعاف ما نعاني وأكثر مما نتخيل. أسمع بتكرار انتقادات المجتمع للأطفال العائدين للوطن بعد سنوات طويلة في الخارج وأتضايق جداً من اتهام الأهل بالتقصير والأطفال بعدم الانتماء. كل من عاش خارج الوطن للدراسة أو العمل عانى أطفاله من مشكلة التأقلم واللغة والهوية. يتغرب المبتعث سنوات طوال ليعود بعلم يخدم به وطنه وينفع به أبناء هذا الوطن ويدفع ضريبة ذلك تشتت الأطفال بين حضارتين مختلفتين وصعوبة التأقلم. كل من لم يعش هذه التجربة يستطيع التنظير والانتقاد واتهام الأهل بالتفريط واستخدام الحجج. وما يحصل في الواقع أن الطفل يحتاج أن يمنح وقتاً لاستيعاب الاختلاف في الثقافة والعادات واللغة. تقبلوا وجود الأخضر بينكم وتقبلوا اختلافه. الطفل الأخضر به مميزات قد لا تتوفر للأصفر ولا للأزرق. فبحسب الدراسات غالباً ما يكون الطفل الأخضر أكثر تقبلاً للآخر وأقل عنصرية لهذا الطفل. كذلك قدرته أكبر من غيره على التكيف مع الصعوبات ويكون أكثر إقبالاً على التجارب الجديدة. دعوا الأخضر يكن أخضر وكونوا زرقاً أو صفراً أو كما تشاؤون. Your browser does not support the video tag.