تمثل اليمن أولوية قصوى للمملكة، ومنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله تفاوتت العلاقات بين صعود وهبوط، وفي كل الأحوال لم تتخل المملكة عن اليمن، وظلت داعمة لها. ومنذ سبعينات القرن الماضي كان الدعم الاقتصادي السعودي هو المحرك الرئيس للاقتصاد اليمني. وفتحت المملكة الباب واسعاً للعمالة اليمنية فاستفادت بلادهم من التحويلات المالية الضخمة. ولكن للأسف لم ينعكس هذا الدعم على التنمية في اليمن، وأهدرت التدفقات المالية، لأن الاقتصاد مسيطر عليه من أشخاص مرتبطين بالرئيس المخلوع (علي عبد الله صالح). وفِي العام 2011 اندلعت ثورة الشعب اليمني ضد الرئيس المخلوع، وعندما تعرض إلى محاولة اغتيال كادت تودي بحياته، لم تمانع المملكة من استقباله وعلاجه. ولكنه لم يكن وفياً، وقابل المعاملة الودية الأخوية من قبل المملكة بالجحود، بل الخيانة. وعندما وافق على التنازل عن الرئاسة وفق بنود "المبادرة الخليجية"، كان يبطن غير ما يبديه، فخرج من الباب ليعود من النافذة، ويشعل الحرب بتمكين الحوثيين من السيطرة الكاملة علي مقدرات اليمن، وفتح جميع المنافذ للإيرانيين للدخول مما يشكل خطراً ليس على اليمن فحسب، بل أيضاً المملكة، على الأمن القومي العربي.. فإيران التي تتربص بالمملكة، وتتحين الفرص لزعزعة استقرارها، اقتصت الوضع الذي صنعه (المخلوع) في اليمن، لتقفز من هناك على المملكة. ولما اتضح للمملكة أن الجهود السلمية التي تبذلها لإعادة الاستقرار في اليمن، لم تتوانَ عن تلبية طلب الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي منصور، فأقامت تحالفاً واسعاً وقادت "عاصفة الحزم"، التي ردعت المخلوع وقصقصت مخالب أعوانه. واتبعت عاصفة الحزم بعملية "إعادة الأمل"، وما يزال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ينظم قوافل العون للشعب اليمني، لتخفيف تداعيات العمليات العسكرية التي أضطر لها التحالف اضطراراً. ولكن "المخلوع" وأعوانه الإيرانيين وأدواتهم (الحوثيون) ما يزالون يحاولون إثبات أن المبادرة بأيديهم، وما الصاروخ الذي تم توجيهه إلى مكةالمكرمة، ولاقى إدانة إسلامية وعالمية، إلا محاولة يائسة منهم لتحويل مجرى القضية، وتخفيف الضغط عليهم. وما يزال التحالف بقيادة المملكة يحاول وضع حد للحرب، وحل ما تبقى من إشكالات بطرق تفاوضية سلمية بين الفرقاء في اليمن، ولكن يأبى المخلوع وأعوانه إلا أن يعيش الشعب اليمني في حالة أزمة، ولذلك فهم باستمرار يعطلون ركاب العملية السلمية بوضع "العصي في دواليب" قطار السلام. ولكن بإذن الله، وبفضل الجهود المخلصة التي تبغي الخير لليمن وشعبه، لن تطول الأزمة، وسيعود السلم والاستقرار لليمن، ولن يدع الشعب، الذي عانى طويلاً، أن يفلت من الحساب أي من الذين خلقوا الأزمة وأداروها واستثمروها مع أعوان الشيطان.