المسلمون في كل مكان وزمان تتجه أنظارهم من كل حدبٍ وصوبٍ نحو بلد الله الحرام "مكةالمكرمة"، يؤدون ركناً خامساً يحمل عدة معانٍ ساميةٍ وفوائدَ عظيمة، بل دروساً إيمانية تربوية تساعد على تنمية "الذات" وترويضها نحو الخير والسلوك الإيجابي!. الحج فريضة عظيمة تحفها شذرات من نفحات إيمانية، وعمل خالص لوجه الله لأيام بركاتٍ يمنُّ الله بها على مسلميه كل عام بتربية خاصة تحثنا تأملاً، فما أعظمها من تربية تجعلنا نتدبرها وأبناؤنا؛ يؤديها المسلم بانتقالٍ وأسفارٍ ومشقةٍ لمكانٍ وزمانٍ واحدٍ بصدق عزيمة وقوة إرادة، وما أعظم أن يجعل الحج للعبد فرصة للخروج من ذنوبه وآثامه كيوم ولدته أمه، وما أعظم نقاء النفس البشرية نحو ربها عز وجل وباتباعٍ سببي وتبعي لنبيها صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله بدءاً من التلبية، والوقوف بعرفة، والدفع من مزدلفة حتى إتمام مناسك الحج.. وما أعظم التربية على الأخلاق الحسنة الحميدة، بتجنب الجدال والتعصب، واللين والرفق بعمل ينكر فيه المسلم ذاته وتجاوزاته.. وما أعظم التربية على المساواة، فلا تمييز لحاجٍ عن آخر وليس هناك اعتبار لشخص دون آخر إلا بالإخلاص في العمل فقط لا غير؛ فكل الأركان والواجبات متماثلة في حق الجميع حيث تُمحى اللغة واللون والجنسية!. ما أعظمها من تربية على الصبر والمشقة البدنية والمادية، وصبر عن المعاصي والزحام والجدال؛ ليتعداه إلى صبرٍ جميلٍ راقٍ على قضاء الله وقدره، وما أعظم تحقيق معاني الأخوة الخالصة والألفة بتعميق معاني وحدةٍ إسلاميةٍ إيمانية؛ لتتحقق فيه الوحدة الجماعية، بدءاً من نية الحج والتقاء الزمان والمكان واللباس، حتى قضاء المناسك!. ما أعظمها من تربية تحث الروافد الأساسية في تنمية الذات وتربية النفس والرقي بها بالرقابة الذاتية والشعور بالمسؤولية والتخطيط والنظام والانضباط، واستغلال الوقت، وتغيير بعض أنماط الحياة وعادات الاسترخاء، تختمها التربية العظمى برضاء الله سبحانه وتعالى، فما أعظمه فعلاً من مؤتمر إسلامي عالمي عظيم. ديننا الحنيف دين تربية خلاّقة أولاً، والحج جعل الله به حكماً وفوائد تربوية ذاتية للنفس وللرقي لتربية أبنائنا بغرس عادات حميدة وشرحٍ وافٍ عن فريضة الحج وفرحة عيده، ما أحوجهم فعلاً، لمعرفة فوائد ودروس تربوية مستفادة منه، متمنين أن نرى في منازلنا اليوم وداخل مدارسنا أعمالاً تغرس في أبنائنا تلك القيم السامقة بتبسيط لمعانيها وأهدافها، دون تعقيدها، بشرحها الشرح الذي يصل للعقول، ويلامس الوجدان تحليلاً وتبسيطاً. اللهم كما يسرت أمور الحجيج، أحسن ختامهم وتقبل منهم الحج والزيارة، وأعدهم إلى ديارهم سالمين آمنين غانمين ووفقهم لحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور، ووفق القائمين على الحج واجزهم خير الجزاء.. اللهم آمين، وكل عام وأنتم بخير. مرفأ "عينان" في رأس وطنٍ أشمّ كبيرٍ.. عينٌ نحو عدو تدافع وتحرس، وعينٌ نحو خدمةٍ لتعظيم شعائر حجٍ وراحة حجاجٍ، ما أعظمك "سعوديتنا" ولو كره الكارهون!. [email protected]