بيننا وبين المكتبات العامة حالة من الجفاء المتبادل، لا هي التي بادرت إلى التقرب من أفراد المجتمع ولا نحن الذين حاولنا أن نشركها في الحراك الثقافي الذي تشهده البلاد في السنوات الأخيرة،الأمر الذي جعل هذه المؤسسات الثقافية تستمر في عزلتها وإنطوائها اللذين يخيمان عليها منذ نشأتها. لكن حتى وإن كان لنا-كأفراد مجتمع- دورٌ في هذا التباعد والخصام،يبقى النصيب الأكبر من المسؤولية يقع على عاتق هذه المكتبات والمسؤولين القائمين عليها، فبقدر ما تُقدّم من مبادرات بقدر ما ينجذب إليك المجتمع أكثر وأكثر، ويبدأ في التفاعل معك بصورة لم تكن موجودة من قبل. اليوم تعمل هذه المكتبات بالحد الأدنى المطلوب منها كجهة حكومية؛من حيث حضور الموظفين وإنصرافهم في مواعيد محددة كحال أقرانهم في الجهات الأخرى!. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذا هو المعيار الذي نحدد بناءً عليه نجاح هذه المكتبات في أدائها لعملها من عدمه؟! بالتأكيد أن الإجابة لا. فالمطلوب منها أن تكون في مقدمة المؤسسات الحكومية التي تغذي الحراك الثقافي في البلد، وهي بلا شك قادرة على ذلك،فهي تملك المورد الأساسي لذلك، وأعني به ذلك الكم الهائل من الكتب الذي تكتنزه داخل ردهاتها وبين أروقتها. لكن مع ذلك ولكي تستطيع ردم الهوة التي تفصلها عن المجتمع لا بد من معالجات.أولى هذه الوصفات العلاجية برأيي هو عدم خضوع التوظيف فيها للسلالم والأشكال الوظيفية الموجودة في الجهات الحكومية الأخرى، بل لا بد أن تكون الأولوية للتعيين فيها لأهل الثقافة ومحبي الأدب، لأنهم هم وحدهم من يملك الدافع الشخصي لإشراك الناس معهم في هذا الميدان، أما الموظف العام العادي فمهما اجتهد فلن يكون اجتهاده هذا ذا جدوى، بدليل الوضع الحالي لهذه المكتبات. أيضًا لا بد من إشراك نصف المجتمع الآخر في هذه الكيانات الثقافية وإتاحة الفرصة لهن لزيارة هذه المكتبات وتخصيص أيام لهن في الأسبوع بالشكل الذي يحفظ لهن خصوصيتهن،وكذلك فتح المشاركة لهن في المناسبات والفعاليات والندوات التي أتمنى أن يكون لها برنامج مستمر ومتواصل على مدار العام، بما يعزز من الرابطة والعلاقة بين هذه المكتبات ومرتاديها من الجنسين. ولعل هذه الأمنيات تتحقق مع ظهور هيئة الثقافة، وقبل ذلك وجود الوزير الشاب المثقف الدكتور عادل الطريفي على رأس وزارة الثقافة والإعلام. عبدالله بن دعفس الدعفس