كل الذي نسمعه في السنين الأخيرة من أخبار السطو والسرقات، هو سرقة النقال (الجوال) وبما أنه ليس أغلى إنجاز استعمالا أو اقتناء فإن المرء يعجب من أخبار سرقة الجوال. ألأنه صغير الحجم عظيم الفائدة يختاره اللصوص؟ حتى أخبار السطو على البقالات عندنا، تظهر فيها من بين المواد المسروقة جوال أو بطاقات مكالمات. في الفترة الأخيرة، أصبح عدد من المشاهير وكبار رجال الأعمال، وحتى بعض الناس العاديين، يرفضون الهواتف الذكية والغالية الثمن (بعضها مطلية بالذهب)، ويفضلون استخدام الهاتف المحمول التقليدي الذي لا يقدم سوى خدمات الاتصال والرسائل القصيرة. عندنا في الرياض لا توجد رحلات بواسطة قطار الأنفاق مثل لندن ونيويورك، حيث يستهدف اللصوص حمَلَة الهواتف النقالة. ويمكن القول إن حظ نشالي الهواتف أقل. ومع ذلك عندما يعتدي لصوص على سائق أجرة مثلاً، فأول ما تذكر الأخبار هو سرقة جوّاله. ثم حصيلة عمله اليومي. من بين ميزات الهواتف غير الذكية أنها لا تُشغل حاملها بالنظر إلى شاشاتها طوال الوقت. فإذا كان صاحب الهاتف محدقاً دائماً بالشاشة، فهذا يُعطي إشارة للنشال على أن الهاتف ذكيّ وثمين. ويسهل عندئذ خطفه باحتراف ودقّة. والعديد من رجال الأعمال من أصحاب المليارات، بات الهاتف الوحيد الذي يستخدمونه للاتصال بالعالم من حولهم هو هاتف محمول قديم ذو غطاء لفتح الجهاز وغلقه، ويستخدم فقط في إجراء المكالمات، واستقبال وإرسال الرسائل النصية "إس أم إس". ومع أن وسائل التكنولوجيا الحديثة تحيط بالأميركيين من كل مكان، يعلن أكثرهم أنهم ليسوا من محبي الهواتف الذكية، ويقولون: إنها من الأشياء التي تسبب الإرهاق، فهم يقضون 13 ساعة في اليوم أمام شاشة الكمبيوتر في العمل، وهذا وقت طويل، وتجنب الهواتف الذكية يجعله موظفاً أفضل. وتشير نتائج الأبحاث التي أجريت لتشمل تأثير شاشات التلفاز وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وشاشات الهواتف الذكية علينا، وذلك في العديد من مجالات العمل، إلى أنه من بين كل تلك الأجهزة، تُحدث الهواتف الذكية أقوى تأثير، وفقاً للأبحاث الحديثة. فالناس ليس عليهم أن يدفعوا أنفسهم دائما إلى الاختيار الخاطئ ما بين عدم الاقتراب من أي شيء يخص العمل بعد انتهاء ساعات العمل الرسيمة، وبين الانشغال الدائم بالعمل طوال الوقت. وهذا بالضبط ما يُخوّف من استعمال الهواتف الذكية. لأن النظرية الصحيّة تقول: إن الشركات تستفيد من تحسن الإنتاج إذا سمحت للموظفين بالاستمتاع بأوقاتهم بعيداً عن العمل من أجل استعادة نشاطهم مرة أخرى. والبعض عن الهاتف الذكي يقولون: إنه بوسعي أن أضعه في جيبي، ولا أقوم بتشغيله إلا عند الحاجة، لكنني لا أثق في نفسي. إذا كان الهاتف متاحاً أمامي، فسينتهي بي المطاف وأصبح مدمنا عليه مثل بقية الناس. [email protected]